دفاعا عن الجمهورية - منتديات غزل وحنين
دفاعا عن الجمهورية
يوم
فرح الرومان بعطايا القيصر، وانشغل المدافعون عن الحريات بجمع الغنائم،
وتركوا خنادقهم فوق جبال الحرية، كان على كاتو أن يقف وحده في وجه طوفان
التصفيق الحاد، وأن يلتحف الظل في زاوية معتمة فوق مسرح روما المزدحم
بالمهرجين، لينال حظا غير هين من الإهمال والتجاهل.
كان
القيصر يوزع أرض روما على ساكنيها، ويقسم أسلاب الحروب على الضعفاء
والمعوزين، وكان أهل روما يصطفون في سلسلة بشرية محكمة حول قائدهم النبيل
لينالوا صكوك العبودية، وكلهم على قلب جندي واحد.
لكن هذا لم يمنع الشجاع كاتو من قلب طاولة مجلس الشيوخ في وجه قيصر، معلنا رفضه المطلق تحويل الجمهورية إلى إمبراطورية.
لم ينس المصطفون حول الدائرة الحجرية يومها بؤس كاتو وهو يجر كإرهابي ذليل نحو زنزانة لا تتسع لصرخاته.
يومها جاهر أحد أعضاء المجلس الموتورين بثورته معلنا: "والله إن بقائي في السجن مع كاتو خير لي من وجودي في حضرتك أيها القيصر."
بيد أن كلمات كاسيوس ديو لم تترك في نفوس من حوله من الشيوخ أثرا يذكر.
وحين
اختار شعب إليريا وشعب جول في شمال إيطاليا القيصر حاكما، حذرهم كاتو بأن
صناديق الاقتراع قد تصنع طاغية هناك، لكن أحدا من المفتونين بفتوحات القيصر
لم يلق بالا لمهاترات كاتو.
ويوم
خرج الصبح من مرقده، ووقفت سنابك خيل القيصر على أعتاب مدينتهم، أدرك
الرومانيون البسطاء أنه قد غرر بهم، وأدرك بومباي قائد الجيش صدق نبوءات
كاتو.
وشخصت
الأبصار نحو متنبئ روما، والتفت حوله الجموع الغاضبة، يومها قال كاتو:
"أيها الناس، لو أنكم اسمتعتم لنصحي، لما خفتم اليوم من رجل، أو علقتم
أمالكم على رجل."
وبعد
حرب أهلية، قتل فيها من قتل، وسحل من سحل، هزمت فلول بومباي وكاتو، والتجأ
الأخير إلى زاوية يعلم يقينا أنها لن تقيه طعنات المنتصرين. يومها، عرض
الإمبراطور على كاتو الصلح، فما كان منه إلا أن غمس نصل خنجره في خاصرته،
رافضا أن يوقع على وثيقة أسر روما لينال حريته.
ربما لا يقرأ نباشو التاريخ عن كاتو، وقد لا يعثر علماء الآثار لمقبرته على أثر.
يقينا
لم يشارك أحد في تأبين كاتو ونعيه، ولم يقف على ذكره الرواة في أخبارهم،
ولم يمجده المتوسلون بالشعر في أهازيجهم، لأن التاريخ يكتبه المنتصرون فوق
شواهد القبور دون أن تسري في أجسادهم قشعريرة حياء.
مات كاتو، لكن حلم الجمهورية لم يمت.
وانتصر
القيصر لكن دماء كاتو ظلت أصدق من كل أحبار المنافقين حول الموائد الحجرية
فوق بلاطه الإمبراطوري. وبقي حلم الحرية يتوارثه الكاتويون من كافة الملل
والشعوب، وعاشت روما بعد وفاة القيصر.
عبد الرازق أحمد الشاعر
دفاعا عن الجمهورية
يوم
فرح الرومان بعطايا القيصر، وانشغل المدافعون عن الحريات بجمع الغنائم،
وتركوا خنادقهم فوق جبال الحرية، كان على كاتو أن يقف وحده في وجه طوفان
التصفيق الحاد، وأن يلتحف الظل في زاوية معتمة فوق مسرح روما المزدحم
بالمهرجين، لينال حظا غير هين من الإهمال والتجاهل.
كان
القيصر يوزع أرض روما على ساكنيها، ويقسم أسلاب الحروب على الضعفاء
والمعوزين، وكان أهل روما يصطفون في سلسلة بشرية محكمة حول قائدهم النبيل
لينالوا صكوك العبودية، وكلهم على قلب جندي واحد.
لكن هذا لم يمنع الشجاع كاتو من قلب طاولة مجلس الشيوخ في وجه قيصر، معلنا رفضه المطلق تحويل الجمهورية إلى إمبراطورية.
لم ينس المصطفون حول الدائرة الحجرية يومها بؤس كاتو وهو يجر كإرهابي ذليل نحو زنزانة لا تتسع لصرخاته.
يومها جاهر أحد أعضاء المجلس الموتورين بثورته معلنا: "والله إن بقائي في السجن مع كاتو خير لي من وجودي في حضرتك أيها القيصر."
بيد أن كلمات كاسيوس ديو لم تترك في نفوس من حوله من الشيوخ أثرا يذكر.
وحين
اختار شعب إليريا وشعب جول في شمال إيطاليا القيصر حاكما، حذرهم كاتو بأن
صناديق الاقتراع قد تصنع طاغية هناك، لكن أحدا من المفتونين بفتوحات القيصر
لم يلق بالا لمهاترات كاتو.
ويوم
خرج الصبح من مرقده، ووقفت سنابك خيل القيصر على أعتاب مدينتهم، أدرك
الرومانيون البسطاء أنه قد غرر بهم، وأدرك بومباي قائد الجيش صدق نبوءات
كاتو.
وشخصت
الأبصار نحو متنبئ روما، والتفت حوله الجموع الغاضبة، يومها قال كاتو:
"أيها الناس، لو أنكم اسمتعتم لنصحي، لما خفتم اليوم من رجل، أو علقتم
أمالكم على رجل."
وبعد
حرب أهلية، قتل فيها من قتل، وسحل من سحل، هزمت فلول بومباي وكاتو، والتجأ
الأخير إلى زاوية يعلم يقينا أنها لن تقيه طعنات المنتصرين. يومها، عرض
الإمبراطور على كاتو الصلح، فما كان منه إلا أن غمس نصل خنجره في خاصرته،
رافضا أن يوقع على وثيقة أسر روما لينال حريته.
ربما لا يقرأ نباشو التاريخ عن كاتو، وقد لا يعثر علماء الآثار لمقبرته على أثر.
يقينا
لم يشارك أحد في تأبين كاتو ونعيه، ولم يقف على ذكره الرواة في أخبارهم،
ولم يمجده المتوسلون بالشعر في أهازيجهم، لأن التاريخ يكتبه المنتصرون فوق
شواهد القبور دون أن تسري في أجسادهم قشعريرة حياء.
مات كاتو، لكن حلم الجمهورية لم يمت.
وانتصر
القيصر لكن دماء كاتو ظلت أصدق من كل أحبار المنافقين حول الموائد الحجرية
فوق بلاطه الإمبراطوري. وبقي حلم الحرية يتوارثه الكاتويون من كافة الملل
والشعوب، وعاشت روما بعد وفاة القيصر.
عبد الرازق أحمد الشاعر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق