ما هو دعاء سيد الاستغفار وفضل هذا الدعاء الذي أخبرنا عنه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ فقد بين فضله العظيم لما يشتمله هذا الدعاء من معان عظيمة استحق بها أن يكون سيد الاستغفار.. وفيه من الكلمات التي ترضي المولى -عز وجل-،

دعاء سيد الاستغفار

إن الاستغفار هو طلب المغفرة من الله -سبحانه وتعالى- ويكون الاستغفار بالدعاء والتوبة والرجوع إلى الله، وعمل الطاعات والعبادات التي ترضي الله..

قال الله -تعالى-:“وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ، فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ” [آل عمران:135].

كان الرسول صلى الله عليه وسلم حريص على تعليم الصحابة –رضي الله عنهم- والمسلمين كل ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ودعاء سيد الاستغفار من الأدعية التي وردت في السنة النبوية الشريفة.

إن دعاء سيد الاستغفار يدل اسمه على أنه جامع لكل معاني التوبة إلى المولى جلّ وعلا.. فالمقصود من سيد الاستغفار أي طلب المغفرة من الله بأفضل صيغ الاستغفار وأكثرها ثوابًا.

عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ قالَ: ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ”. رواه البخاري.

فقد ورد دعاء سيد الاستغفار وفضله في حديث نبوي شريف أثبت علماء الحديث صحة إسناده عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وشرحه كثير من العلماء وبينوا فضله في كتبهم ورغّبوا المسلمين في الاستغفار والتوبة إلى الله به.. ونبين فيما يلي أهم ما ورد عن دعاء سيد الاستغفار وفضله في كتب العلماء وشروحهم عنه.

Doa-doa Memohon Ketenangan Hati - Era Madani

شرح دعاء سيد الاستغفار

بين أهل العلم شرح الدعاء وأهم ما جاء فيه من معاني الثناء والتوحيد والاستغفار.. كما يلي:

“اللهم أنت ربي”.. إقرار واعتراف من العبد أمام خالقه جلّ وعلا بأنه ربه وخالقه، وهذا من توحيد الربوبية.

“لا إله إلا أنت”.. اعتراف من العبد أنه لا إله لهذا الكون إلا إله واحد هو الله سبحانه وتعالى، وهذا توحيد الألوهية.

“خلقتني وأنا عبدك”.. يقرّ العبد بأنه يؤمن بالله وأن الله هو خالقه وموجده.. ويقر العبد بأنه يخلص العبادة لله الذي خلقه بتذلل وخضوعه لخالق كل شيء سبحانه.

“وأَنا على عَهْدِكَ ووعدِكَ ما استطعتُ”.. إقرار واعتراف من العبد أنه سيلتزم بطريق التوحيد والإيمان والعبودية لله، وأن التزامه للمنهج الرباني الذي شرعه لعبادته سيكون على أقصى جهده دون تقصير بكل ما أوتي من استطاعة ومقدرة.

“أعوذُ بِكَ من شرِّ ما صنعتُ”.. يلجأ العبد ويتحصن بخالقه الذي يقرّ بعبادته له أن يبعده ويحميه من أثار ما ارتكبه من شرور وآثام ومعاصي يخشى عاقبتها وعقابها من مولاه سبحانه وتعالى.

“وأبوءُ لَكَ بنعمتِكَ عليَّ”.. اعتراف من العبد بنعم الله التي لا تُعد ولا تُحصى عليه.. فالله سبحانه وتعالى ذو الفضل العظيم والجود والكرم الذي يرزق جميع من خلقهم المطيع والعاصي والمؤمن والكافر، سبحانه يرزق من يشاء بغير حساب.

“وأبُوء لك بِذنبي”.. إن اعتراف العبد واقراره بارتكابه للذنب هي أولى خطوات التوبة؛ لأن العبد إذا شعر بسوء صنيعه وارتكابه المعصية وعظم جاه وقدر من يعصيه سكون وضع قدمه في أول طريق التوبة وعليه أن يتمسك ويستعين بالله حتى يكمل طريقه.

إن اعتراف العبد بذنوبه أمام خالقه وتوبته منها.. يكون له من الأفضلية عدم تخصيص ذكر الذنب؛ لأن العبد قد يقترف ذنب عظيم يجلب غضب الرب -جلًّ وعلا- ومن جهل العبد وتقصيره في طلب العلم لا يعرفه، فمن الأفضل للعبد عندما يستغفر ربه أن يستغفر عن جميع ذنوبه.

“فاغفِر لي، فإنَّهُ لا يَغفرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ”.. إن طلب المغفرة من الله يلزم من العبد أن يتذلل ويخضع ويخشع ويرجو حتى يذهب غضب الله عنه، وأن يعترف بأنه ليس له من طريق ينجو به غلا أن يغفر ربه له ويتوب عليه.

فضل دعاء سيد الاستغفار

قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن دعاء سيد الاستغفار وفضله:

“مَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ”. صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فضل هذا الدعاء كما أخبرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الذي يقوله من بعد شروق الشمس في وقت النهار.. ثم انتهى أجله قبل أن يأتي عليه المساء غفر الله له ذنبه وسيكون من أهل الجنة.

إن الذي يقول هذا الدعاء بعد غروب الشمس في وقت المساء.. ثم انتهى أجله ومات قبل أن يأتي عليه الصباح غفر الله ذنبه، وسيكون من أهل الجنة.

إنه لفضل عظيم يخبرنا به الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن هذا الدعاء الجميل الذي يحمل معاني التوحيد والإيمان بالله وفضله ونعمه واعتراف العبد بإقراره بكل ذلك.. وتذلل العبد أمام خالقه واعترافه بذنوبه وطلب المغفرة من رب ذو فضل عظيم رحمن رحيم غفور يتقبل توبة عباده ثم يدخلهم الجنة.

يوجه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويرشد المؤمنين إلى ضرورة طلب المغفرة من الله -سبحانه وتعالى- ويعلمنا دعاء نستطيع أن نتوب إلى الله -سبحانه وتعالى-، ونستغفر الله به، ويكون سبب في غفران الذنوب ودخول الجنة.

إن الدعاء فيه من جوامع الكلم التي تحمل معاني الثناء لله -سبحانه وتعالى-، والإقرار بصفات الله العظيمة، كما فيه من معاني التأدب مع الله وطلب المغفرة والعون منه سبحانه.

Doa “Sapu Jagat” Jangan Terlewat – Masjiduna.com

أقوال العلماء عن دعاء سيد الاستغفار

تحدث علماء الدين كثيرًا عن دعاء سيد الاستغفار وفضله، وبينوا للناس أمور كثيرة تخص الدعاء.. ونذكر أهم ما جاء عنه:

قال ابن حجر الهيثمي رحمه الله في “الفتاوى الكبرى” (5/342): “وتقول المرأة في سيد الاستغفار وما في معناه: وأنا أمتك…ولو قالت: وأنا عبدك، فله مخرج في العربية، بتأويل شخص” انتهى.

أي أنه للمرأة أن تقول: “خلقتني وأنا أمتك“، وإذا نسيت وقالت وأنا عبدك.. فلا حرج ويجوز ذلك في اللغة العربية على حد قوله.

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى، عن هذا، فأجاب: “الأمر في هذا واسع، إن شاء الله، والأحسن أن تقول: اللهم إني أمتك.. وهذا يكون أنسب وألصق بها، ولو دعت باللفظ الذي جاء في الحديث لم يضر إن شاء الله لأنها وإن كانت أمة فهي عبد أيضا من عباد الله” انتهى.

فالشيخ ابن باز -رحمه الله- لا يرى حرج في أن تقول المرأة: “وأنا عبدك”، وبالطبع من الأفضل والأنسب أن تقول: “وأنا أمتك”.

 قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن دعاء سيد الاستغفار وفضله: “إن الطاعات لا تكفر الكبائر ولكنها تكفر فقط صغائر الذنوب.. إن تكفير الكبائر وحقوق الناس يكون بالتوبة المخصوصة وإعادة حقوق الناس لأصحابها وتنقية النفس من مظالم الناس”.

قال الطيبي: “لما كان هذا الدعاء جامعا لمعاني التوبة كلها استعير له اسم السيد.. وهو في الأصل الرئيس الذي يقصد في الحوائج، ويرجع إليه في الأمور” ‏.

فقد بين العلماء أن معنى سيد الاستغفار أي أنه يسود ويتقدم كل صيغ الاستغفار الأخرى في الفضيلة والرتبة.. فالذي قال عنه من لا ينطق عن الهوى.

إن العبد لا بد له أن يستغفر ربه ويتوب إليه حتى يتقبل الله سبحانه وتعالى توبته ويغفر له ذنوبه.. ولا يظن العبد أن أداء العبادات وحدها والطاعات ستمحي الذنوب بل لا بد أن يتوب ويرجع لله -سبحانه وتعالى-.. ويعترف بارتكابه للمعاصي ويندم على ذلك.. ويعزم على ألا يرتكبها مرة أخرى.