** ومن الحكم من أعمال الحج ختاما :
1- أنه يختص الحج دون غيره من العبادات بالسفر والترحال من الوطن إلى بيت الله الحرام الذى هيأه للبشرية رمزا للهداية والأمن ، وبهذا يتضح للحاج أو المعتمر أنه لم يسافر لينزل ضيفاً على أحدٍ من البشر يستقبله ويطعمه ويسقيه ويوفر له سبل الراحة والضيافة ، بل أنه سافر ليكون ضيفا مثل ملايين مثله من الضيوف جاءوا من كل فج عميق ، فمن عاد شاكياً من الزحام وسوء طباع الغير لم يفقه أنه والآخرون كلهم ” ضيوف الرحمن ” ..
2- إن فى جعل الحج بثلاث صور ( إفراد – قران – تمتع ) بيان وترسيخ للفكر الاجتهادى الذى يتميز به الاسلام ، ليجبر الحاج على ممارسة الاختيار منها بحسب مصلحته أو اطمئنان قلبه دون التزايد بفضل إحداهن على الأخريات …. فقد روى الشيخان عن عائشة ( ر) قالت : ” خرجنا مع النبى (ص) فى حجة الوداع ، فمنا من أهلَّ بعمرة ، ومنا من أهلَّ بحجة وعمرة ، ومنا من أهلَّ بالحج ، وأهلَّ رسول الله (ص) بالحج ” .
3 – ترسِّخ عبادة الحج مبدأ رفع الحرج فى التكاليف : إذ لما سئل النبى (ص) عن الرجل يحلق قبل أن يذبح ، أو يذبح قبل أن يرمى … فما سُئل عن شئ قُدِّم أو أُخِّر إلا وقال : ” افعل ولا حرج ” .
4 – يحذر من الغلو فى الدين والتمسك بظاهر الألفاظ دون مقاصدها : فقد قال (ص) : (عرفة كلها موقف ) & ( المزدلفة كلها موقف ) & ( منى كلها منحر ) & وجعل حجم الحصى للرجم فى حجم الأنملة ؛ إذ لما التقطت له سبع حصيات ، فلما وضعهنَّ فى يده قال (ص) : ( نعم بأمثال هؤلاء – ثلاث مرات – وإياكم والغلو ، فإنما هلك من كان قبلكم الغلو فى الدين ) … إذ الحصى رمز ، ويحرص فى رميها عدم إيذاء الآخرين فى مكان الرمى .
هذا ليعلم المسلم مدي السماحة واليسر فى الدين ، كقوله تعالي “وما جعل عليكم فى الدين من حرج ” ، وقوله (ص) : ( يسروا ولا تعسروا ، بشروا ولا تنفروا ) ..
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ، وأسأل الله أن يعيد علينا وعليكم هذه الآيام المباركات باليمن والخير وأن يتقبل منا صالح الأعمال ويدخلنا الجنة برحمته التي وسعت كل شئ … أنه علي ذلك قدير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق