الفرق بين ( جعلناه ) و ( لجعلناه )
وردت اللفظتان ( جعلناه ، لجعلناه ) في سياق منّ الله تعالى على الناس في حياتهم الدنيا، في بضع آيات من سورة الواقعة، حيث نقرأ:
(أفرأيتم ما تحرثون، ءأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون، لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون، إنا لمغرمون، بل نحن محرومون) الواقعة: 63-67.
(أفرأيتم الماء الذي تشربون، ءأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون، لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون) الواقعة: 68-70.
ويلفت النظر الى أنه تعالى استخدم اللام في ( لجعلناه ) مع الزرع، ولم يستخدمها في (جعلناه) مع الماء. فما الذي يفيده وجود اللام مع ذكر الزرع وغيابها في ذكر الماء؟
إن وجود اللام في الفعل يشير الى تغيير الصيرورة، بمعنى أنه بعد أن كان الزرع أخضر ومثمراً صار حطاماً جافاً لا فائدة فيه. وقد جاء سياق الآيات على هذه الصورة لأن الإنسان اشترك في قضية الزراعة بأن حرث الأرض وغرس البذور، ثم تكفل الله تعالى بباقي الأمر فأخرج الجذور لتثبيت الزرع وأخرج الساق والأوراق والثمر ، وبعد أن اكتمل الأمر جاء المنّ من الله تعالى بأن (لو نشاء لجعلناه حطاماً)، أي لغيرنا صيرورته من أخضر يانع مثمر الى حطام.
أما غياب اللام في قضية الماء فلا يعني تغيير صيرورته من عذب الى أجاج، بل يتحدث السياق عن أصل خلق الماء العذب وإنزاله من المزن (الغيوم الممطرة) ، وهي قضية لا دخل للإنسان في حدوثها، فيقول السياق (لو نشاء جعلناه) منذ بدء خلقه ملحاً أجاجاً. ولأنه يتحدث عن بدء خلق الماء فلا معنى لاستخدام اللام في هذا السياق.
والله تعالى أعلى وأعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق