هناك أشخاص مدمنون على العمل وهم لا يعلمون مدى خطورة ذلك عليهم، وربما لا يعرفون من الأساس أنهم قد وصلوا إلى مرحلة الإدمان على العمل وأصبحوا بحاجة ضرورية للعلاج، ومن أجل ذلك خصص الأمريكيون يوم الخامس من شهر يوليو ليكون يوما للمدمنين على العمل.
وفي ظل الاحتفال بيوم المدمنين على العمل، عليك أولا أن تعرف إذا ما كنت ممكن ينطبق عليهم هذا المرض أم لا؟، لأنك إذا كنت من المدمنين على العمل فأنت بحاجة إلى العلاج، لذلك تعرف معنا خلال السطور التالية على أعراض إدمان العمل وكيفية العلاج.
يوم المدمنين على العمل
يوم المدمنين على العمل، يوافق الخامس من يوليو من كل عام، وهو يوم اختاره الأمريكيون في إطار حملة توعية بمخاطر إدمان العمل على الصحة النفسية والجسدية والاجتماعية، والتوعية بحقيقة أن كل عمل يقوم به الإنسان يمكن أن يؤثر عليه سلبا في حالة الإدمان عليه.
ويهدف الاحتفال بيوم المدمنين على العمل إلى توجيه دعوة إجراء تغيير في نمط الحياة، والابتعاد عن الانغماس الزائد في العمل، والتأكيد على ضرورة إيجاد التوازن بين الحياة العملية والأسرية، فقد أكدت الدراسات أن الناس مطالبون بأخذ قيلولة في فترة ما بعد الظهر أو قضاء بضع ساعات في مشاهدة التلفاز أو قراءة كتاب، وتأجيل العمل إلى اليوم التالي.
وبشكل عام فإن المدمين على العمل يميلون دائما إلى وضع العمل قبل أي شيء آخر في حياتهم بما في ذلك العائلة والأصدقاء وحتى صحتهم من أجل أداء العمل وسعيهم إلى الكمال، ونتيجة لذلك تتأثر مجالات متعددة من حياتهم بشكل سلبي، ويمكن أن تنهار حياتهم العاطفية ويصابوا بالخمول إذا لم يعتنوا بأنفسهم بشكل صحيح.
ولخطوة الإدمان على العمل اتبعت بعض الدول نهج في الحفاظ على صحة الموظفين، فعلى سبيل المثال دول الاتحاد الأوروبي تعاقب الناخبون السياسيين الذين يحاولون تقليص الإجازات، وفي إيطاليا يحصل الموظفون على أجر شهر كامل في نهاية العام حتى يتمكنوا من قضاء عطلة نهاية العام.
ماذا يعني الإدمان على العمل؟
الإدمان على العمل هو مصطلح ظهر للمرة الأولى على يد عالم النفس واين أوتس Wayne E. ates سنة 1968، ليعبر عن الحاجة الملحة لشخص ما للعمل دون توقّف، إذ وجد أن علاقة بعض الأشخاص مع عملهم تشبه إلى حد كبير الإدمان على الكحول أو المخدرات.
ورغم أنه لا يوجد تعريف طبي محدد لمصطلح الإدمان على العمل، إلا أنه جزء من ثقافة الكثيرين حول العالم، فهو يعني الإنهاك المستمر والجلوس لساعات طويلة في العمل، بما يؤثر على اللحظات الأسرية والمقابلات الاجتماعية، وحين تقابل أحدهم لا تتحدث إلا في العمل.
وذهب الطبيب النفسي روبرت برونسون إلى أن الإدمان على العمل هو التفكير في العمل في لحظات الراحة وممارسة الرياضة، حتى وصفه بأنه أكثر الاضطرابات النفسية أناقة.
كيف تعرف أنك مدمن على العمل؟
والمدمن على العمل هو الشخص الذي تتمحور حياته حول الوظيفة التي يتولاها، حتى أنه يظل مشغولا طوال الوقت، ويعمل ويشعر أنه لا يمكنه التوقف، أو أنه مضطر للعمل باستمرار.
ويؤكد الخبراء النفسيون أن المدمنين على العمل يجدون صعوبة شديدة في الاسترخاء غالبية الوقت، ولا يسمحون لأنفسهم بالراحة، حتى أنهم كلما انتهوا من مهمة أو عمل، بحثوا عن المزيد، بشكل قد يكون خارج عن إرداتهم أو عاجزين على السيطرة عليه.
أعراض الإدمان على العمل:
وهناك بعض الأعراض التي تشير إلى أن الشخص مدمن على العمل، منها كما تحددها مواقع متخصصة في الطب النفسي، كالتالي:
الهوس المستمر بالعمل وعدم وجود حد فاصل بين العمل وجوانب الحياة الاخرى.
العمل حتى في العطلات والإجازات، والبقاء في مكتب العمل لوقت متأخر حتى بعد مغادة جميع الزملاء.
التعايش الدائم مع الشعور بالفشل أو الذنب والقلق المستمر والاكتئاب.
عدم أخذ قدر كاف من النوم بسبب الانخراط في مشاريع العمل وإنهاء المهام
عدم القدرة على الاسترخاء في معظم الأحيان.
صعوبة رؤية الذات على حقيقتها.
التعود على تنفيذ ما هو متوقع من دون معرفة إن كانت هناك حاجة أو ضرورة لذلك.
التذمر من فكرة تفويض المهمات والمسؤوليات إلى الغير، وإحساسه أنهم غير أهل لذلك.
الشعور المستمر بأنه يجب القيام بمهمات معينة على رغم عدم الرغبة في إنجازها.
الشكوى الدائمة من كثرة الأعباء ومن عدم وجود وقت للراحة.
الإذعان الدائم لمن هم أعلى رتبة في العمل.
عدم الرغبة في المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
عدم التواصل الكافي مع الأهل والأصدقاء، وكثرة الخلافات مع الزوجة والأولاد، نتيجة إهمال العلاقات الشخصية مع الأسرة.
عدم ممارسة أي نوع من الرياضة أو الهوايات بسبب الانغماس في العمل.
اضطرابات في الجهاز الهضمي والصداع والأرق المستمر.
مخاطر الإدمان على العمل
ويشكل الإدمان على العمل مخاطر عديدة سواء على مستوى الصحة الجسدية أو النفسية، كذلك يؤثر أيضا على مستوى الكفاءة الوظيفية، فضلا عن كونه أحد الأسباب التي تؤدي إلى الوفاة المبكرة، وغيرها من المخاطر التي نستعرضها في السطور التالية:
الوفاة المبكرة
ومن أبرز المخاطر التي يسببها الإدمان على العمل ما توصل إليه الباحثون في اليابان، بما يسمى بظاهرة “الكاروشي”، والتي تعني الوفاة المبكرة نتيجة الانغماس الزائد في العمل.
فهذا النوع من الإدمان تسبب في الإرهاق الشديد أدى إلى وفاة رئيس الوزراء الياباني كيزو أوبوشي بسكتة دماغية في عام 2000، كذلك توفي أحد المتدربين في المصرف المركزي الأميركي (بنك أوف أميركا) بعدما عمل لـ 72 ساعة متواصلة.
كما أظهرت دراسات أن نحو 10 في المائة من القوى العاملة في الولايات المتحدة تعاني بسبب الإدمان على العمل، إذ يمكن لعادات العمل المتطرفة أن تلحق الضرر برئتيك وقلبك خاصة إذا كنت تعاني بالفعل من حالات صحية مثل الربو أو مشاكل القلب والأوعية الدموية.
ويمكن أن يؤدي التنفس المتزايد ومعدل ضربات القلب المرتبط بالاستجابة للتوتر إلى خسائر فادحة للجسم، مما يتركك عرضة لمضاعفات مستقبلية مثل النوبة القلبية أو السكتة الدماغية، كذلك الضغط المزمن الناتج عن مدمني العمل يؤدي إلى إضعاف جهاز المناعة بشكل خطير.
وقد توصلت دراسات إلى أن حوادث الوفاة والانتحار بين مدمني العمل أعلى منها لدى غير المدمنين على العمل، نتيجة الاضطرابات الصحية والنفسية التي يسببها الإدمان على العمل.
ويؤدي إدمان العمل إلى قصر العمر بنسبة تصل إلى 30%، وفقا للباحث “أريك هونسالس مولي” في جامعة أنديانا الأميركية، الذي قد أجرى دراسة توصلت إلى أن العمل المتوتر والإجهاد يشكلان خطورة على صحة الإنسان، وخاصة إذا رافقت ذلك حرية محدودة في اتخاذ القرارات.
وأوضح هونسالس مولي أنه تبين من الدراسة أن اقتران العمل الشاق بحرية التصرف العالية، على سبيل المثال، يزيد من خطر الموت بنسبة 15%، أما اقتران العمل الشاق بغياب حرية التصرف فيزيد منه بنسبة 34%.
ولاحظ الباحثون أن الذين يعملون عملاً شاقًا في الصناعة وعملًا بدنيًا في العراء يموتون أكثر من الذين يعملون في الزراعة والمكتب.
مخاطر على الصحة النفسية
وبخلاف مخاطر الإدمان على العمل التي قد ينتج عنها حالات وفاة وانتحار، هناك أيضا مخاطر أخرى تؤثر على الصحة النفسية، إذ أكدت العديد من الدراسات أن المدمنين على العمل دائما ما يشعرون بالخوف من الفشل، أو تنامي جنون العظمة لديهم.
كما يتنامى إلى المدمنين على العمل الشعور بفقدانهم الإحساس والقدرة على التواصل مع الآخرين، وفقدانهم لروح الدعابة والاستقلالية، كما يتزايد لديهم الشعور بالاكتئاب، لذلك فهم أكثر عرضة للانتحار من أولئك الذين لا يعانون من الإدمان على العمل.
وحذرت دراسة نرويجية حديثة من أن إدمان العمل يمكن أن يقود صاحبه إلى الإصابة بالاضطرابات النفسية، إذ توصلت الدراسة إلى أن المدمنين على العمل أكثر عرضة للقلق والاكتئاب والوسواس القهري واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط من غيرهم.
مخاطر اجتماعية
وهناك تأثير سلبي أيضا ينتج عن الإدمان على العمل، هذه المرة على العلاقات الاجتماعية والشخصية، فالإدمان على العمل يجعل الشخص منهمك في عمله لدرجة تنسيه كل علاقاته الاجتماعية، من علاقته بزوجته وأسرته وأصدقائه وأبنائه، وهو ما يفقده جزء هام من كيانه وتفاعله الإنساني، يكتشف بعده أنه أصبح وحيدًا مما يشكل عليه عبء نفسي خطير قد يصل به إلى الاكتئاب.
أضرار صحية
وينتج عن إدمان العمل مع الوقت أضرار صحية خطيرة، منها إصابة بالقولون العصبي واضطرابات الجهاز الهضمي واضطرابات النوم.
كيف تعالج الإدمان على العمل؟
وإذا كنت من الأشخاص الذين يعانون من الإدمان على العمل، عليك البدء في طريق العلاج من هذا الإدمان، ونستعرض لك أهم الخطوات والنصائح الموصى بها لعلاج الإدمان على العمل، وهي كالتالي:
الحرص على التفاعل الاجتماعي مع الآخرين، وليكن ذلك مع من ترتاح معهم من الأصدقاء والأقارب، واقتطع له جزء من وقتك حتى يصير واقع في حياتك.
كن حريصًا على أن تجعل لنفسك فترات من الراحة حتى ولو كانت قليلة وبسيطة تتمثل في الذهاب بعيدًا لدقائق عن مكان العمل أو التحدث إلى زميل.
كن حريصًا على أن تجعل وقت من يومك للرياضة أو القراءة حتى تعود نفسك على الخروج التدريجي من سيطرة إدمان العمل عليك.
الحرص على النواحي الروحية والدينية في أوقاتها.
حدد وقت للجلوس مع أسرتك، وقم بإغلاق الهاتف في أوقات غير العمل.
بإمكانك اللجوء إلى مراكز الاستشارة النفسية والمهنية، ويجب أن يكون المعالج مدرك لما تمر به.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق