وَمَاْ الحَيَاْةُ الدُّنْيَاْ إِلاَّ مَتَاْعُ الغُرُورِ الناشر/سراج منير وَمَاْ الحَيَاْةُ الدُّنْيَاْ إِلاَّ مَتَاْعُ الغُرُورِ { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاْزَ وَمَاْ الحَيَاْةُ الدُّنْيَاْ إِلاَّ مَتَاْعُالغُرُورِ } إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاْ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأنتُمْ مُسلِمُونَ } أما بعد :فإنَّ أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشرَّ الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . عباد الله : الموت وعظاته ، الخَطب الأفظع والأمر الأشنع .. إنه هادم اللذات ، وقاطع الراحات ، وجالب الكريهات .. إنه فراق الأحباب ، وانقطاع الأسباب ، ومواجهة الحساب .. نصحنا نبينا ووعظنا وأبلغ فقال : : ( أكثروا من ذكر هادم اللذات ) ذكر الموت حياة ونسيانه غفلة ..ومن استحيا من الله حقَّ الحياء لم يغفل عن الموت ولا عن الاستعداد للموت..قال صلى الله عليه وسلم : ( من استحيا من الله حقَّ الحياء فليحفظ الرأس وما وعى ، وليحفظ البطن وما حوى ، وليذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا ) . وما ترك النبي صلى الله عليه وسلم فرصة إلا ذكَّر أصحابه بالموت وما بعده .. يقول البراء بن عازب رضي الله عنه : بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ أبصر جماعة ، فقال : ( علامَ اجتمع هؤلاء ؟ ) ، قيل : على قبر يحفرونه ، قال : ففزع النبي صلى الله عليه وسلم وقام من بين يدي أصحابه مسرعاً حتى انتهى إلى القبر فجثا عليه .. قال البراء : فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع ، قال فبكى حتى بلَّ الثرى من دموعه ثم أقبل علينا فقال : ( أي أخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا )..( لمثل هذا اليوم فأعدوا). وهكذا سار السلف من بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم يذكرون الموت ويُذكّرون الناس به.. فهذا أويس القرني رحمه الله يخاطب أهل الكوفة قائلاً : يا أهل الكوفة توسدوا الموت إذا نمتم ، واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم . عباد الله .. إنَّ في ذكر الموت أعظم الأثر في إيقاظ النفوس وانتشالها من غفلتها ، فكان الموت أعظم المواعظ .. قيل لبعض الزهَّاد : ما أبلغ العظات ؟ ، قال : النظر إلى محلة الأموات . وقال آخر : من لم يردعه القرآن والموت .. من لم يردعه القرآن والموت فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع . إنَّ زيارة القبور ، وشهودالجنائز ، ورؤية المحتضرين ، وتأمل سكرات الموت ، وصورة الميت بعد مماته يقطع على النفوس لذاتها ، ويطرد عن القلوب مسراتها .. من استعدَّ للموت جدَّ َفي العمل ، وقصَّر الأمل .. يقول اللبيدي : رأيت أبا اسحاق في حياته يُخرج ورقة يقرؤها دائماً ، فلما مات نظرت في الورقة فإذا مكتوب فيها : أحسن عملك فقد دنا أجلك .. أحسن عملك فقد دنا أجلك .. أحبتي ..إنَّ الذي يعيش مترقباً للنهاية يعيش مستعداً لها ، فيقلُّ عند الموت ندمه وحسراته. لذا قال شقيق البلخي رحمه الله : استعد إذا جاءك الموت أن لا تصيح بأعلى الصوت تطلب الرجعة فلا يستجاب لك . هذه الموعظة إيقاذ القلوب .. إيقاذ القلوب من سباتها ، وزجر النفوس عن التمادي في غيها وشهواتها . هذه الموعظة أن يزيد الصالح في صلاحه ، وأن يستيقظ الغافل قبل حسرته وقبل مماته . لقد رأيت الحياة تمضي مسرعة ومعظم أهلها في غفلة .. ناس يأتون وآخرون يرحلون .. أرحام تدفع ، وأرض تبلع .. والناس غافلون ولا يستيقظون إلا عند معاينة الموت وسكراته. أحبتي .. إنَّ الحياة على ظهر هذه الحياة موقوتة .. إنَّ الحياة على ظهر هذه الحياة موقوتة محدودة ، وستأتي النهاية حتماً .. سيموت الصالحون ، والطالحون.. ويموت المتقون ، والمذنبون.. ويموت الأبطال المجاهدون ، والجبناء القاعدون.. ويموت الشرفاء الذين يعيشون للآخرة ، ويموت الحريصون الذين يعيشون لحطام ومتاع الحياة.. يموت أصحاب الهمم العالية ، ويموت التافهون الذين لا يعيشون إلا من أجل شهوات الفروج والبطون . قال الله جل في علاه : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } ، وقال : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } ستموت .. نعم ستموت .. إنها الحقيقة التي نهرب منها دائماً .. إنها الحقيقة التي يسقط عندها جبروت المتجبرين ، وعناد الملحدين، وطغيان البغاة المتألهين .. إنها الحقيقة التي شرب من كأسها العصاة والطائعون ، وشرب من كأسها الأنبياء والمرسلون .. قال الله :{ وَ مَاْ جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الخَاْلِدُونَ } إنها الحقيقة التي تعلن على مدى الزمان والمكان في أذن كل سامع ، وفي عقل كل عاقل ، وفي قلب كل حيّ أنَّ الكل سيموت .. أنَّ الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت . قال الله جلَّ َفي شأنه : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } . إنها الحقيقة التي لا مفرَّ منها ولا مهرب طال الزمان أو قصر { قُلْ إِنَّ المَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلِى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } نعم ..إنه ملاقيكم ..في أي مكان تكونون ستموتون أيها القوي .. أيها القوي الفتيّ.. أيها الذكي العبقري .. أيها الأمير والكبير.. أيها الفقير والصغير .. كل باكٍ سيُبكى ، وكل ناعٍ سيُنعى ، وكل مذخور سيفنى ، وكل مذكور سيُنسى ، ليس غير الله يبقى ، من علا فالله أعلى .. اعلم رعاك الله ..أنه من عاش مات ، ومن مات فات ، وكل ما هو آتٍ آت { مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لآتٍ } . إنَّ حياتك إنما تبدأ بعد مماتك .. يا ابن آدم أنت الذي ولدتك أمك باكياً والناس حولك يضحكون سروراً فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسروراً اعلم بارك الله فيك .. أن لا سبيل للخلود في هذه الحياة .. اعلم بارك الله فيك .. أن لا سبيل للخلود في هذه الحياة .. فالكل سيموت . قال علي رضي الله عنه وأرضاه : فلو أنَّ أحداً يجد إلى البقاء سلَّماً أو لدفع الموت سبيلاً لكان ذلك سليمان ابن دواد عليه السلام الذي سُخرَّ له مُلك الجنّ والإنس مع النبوة وعظم الزلفى ، فلما استكمل أجله ومدته جاءته نبال الموت، فأخذته فأصبحت الديار منه خالية والمساكن معطلة .قال الله : { وَ لِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَ رَوَاحُهَا شَهْرٌ وَ أَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ وَمِنَ الجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدِيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذَقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ، يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُوادَ شُكْرَاً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ، فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيِهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأكُلُ مِنسَأتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أن لَو كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ } عباد الله.. إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة .. أعظكم بالموت وسكراته .. أعظكم بالقبر وظلماته .. أعظكم بالموت وكفى بالموت واعظاً .. إنه أعظم المصائب ، وأشدُّ النوائب .. سمَّاه الله لعظيم أمره مصيبة ، فقال سبحانه : { إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتُْكُم مُّصِيبَةُ المَوْتِ } إنه المصيبة العظمى ، والرزية الكبرى، ولا نجاة منه .. ولا نجاة منه إلا أن يكون العبد في دنياه لله طائعاً ، وبشرعه عاملاً .. إنها الساعة التي تنكشف فيها الحقائق ، وتتقطع فيها العلائق ، ويتمنى الإنسان وليس له ما تمنى ، حينها { يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ، يَقُولُ يَا لَيْتََني قَدَّمتُ لِحَيَاتِي } إنها الساعة التي يُعرف فيها المصير إما إلى نعيم دائم أو إلى عذاب مقيم. يقول أحدهم : شهدت ساعة احتضار أحد رفقائي العصاة .. شهدت ساعة احتضار واحداً من رفقائي العصاة المدبرين عن الدين ، المضيعين لأوامر ربِّ العالمين ، فسألته في ساعة احتضاره : كيف أنت ؟!، سألته: كيف أنت ؟! ،قال : سأدخل النار .. قال : سأدخل النار أنا وفلان وفلان ، وأنت إن لم ترجع إلى الله ، وأنت أيضاً ستدخل النار إن لم ترجع إلى الله .. إنه الموت ..أعظم المواعظ وأبلغها ، وهو أول خطوة إلى الآخرة ، فمن مات قامت قيامته . قال صلى الله عليه وسلم : ( القبر أول منازل الآخرة ) . فدارنا أمامنا ، وحياتنا الحقيقية هي بعد موتنا . أين الأكاسرة ؟! ، أين الجباربرة والعتاة الأُول ؟! أخذ أموالهم سواهم .. أخذ أموالهم سواهم والدنيا دول..ركنوا إلى الدنيا الدنية ، وتبوؤا الرتب السنية حتى إذا فرحوا بها صرعتهم أيدي المنية .. إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة .. كم ظالم تعدى وجار وما راعى الأهل ولا الجار!!. أين من عقد عقد الإصرار ! حلَّ به الموت ، فحلَّ من حلية الإزرار{ فَاعْتَبِرُواْ يَا أُولِي الأَبْصَارِ } خرج المغرور من الدنيا ما صحبه سوى الكفن إلى بيت البلى والعفن ..آه لو رأيته قد حلَّت به المحن ، وتغيَّر ذلك الوجه الحسن .. أفق من سكرتك أيها الغافل ، وتحقق أنك عن قريب راحل .. يا سالكاً طريق الغافلين متى تُرى هذا القلب القاسي يلين ليت شعري بعد الموت أين تذهب ليت شعري بعد الموت أين تذهب ويا راضياً بطريق الجاهلين متى تبيع الدنيا وتشتري الدين رحم الله من اعتبر وتأهب رحم الله من اعتبر وتأهب أين الحبيب الذي كان وانتقل ؟!. أين كثير المال وطويل الأمل ؟!.أما خلا كلٌّ في لحده مع العمل !!. أين من تنعَّم في قصره ؟!. أليس في قبره نزل!!. آه لو تعلم كيف غدا وصار .. لقد سال في اللحد صديده ، وبلى في القبر جديده ، وهجره حبيبه ووديده ، وتفرَّق عنه حشمه وعبيده .. أين تلك المجالس العالية ؟! ، وأين تلك العيشة الصافية الراضية ؟! خلا والله بما صنع ، وما أنقذه الندم وما نفع .. إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة .. انتبهوا من رقادكم قبل الردى{ أَيَحْسَبُ الإنسَانُ }{ أَيَحْسَبُ الإنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدَىً }.. إنما هي جنة أو نار .. إنما هي جنة أو نار{ فَاعْتَبِرُواْ يَا أُولِي الأَبْصَارِ } . كأنك لم تسمع بأخبار من مضى ، ولم ترَ في الباقين ما يصنع الدهر ، فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم.. فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم محاها مجال الريح بعدك والقبر. أين الهمم المُجدَّة ؟! . أين النفوس المستعدَّة ؟! . أين المتأهبين قبل الشدة ؟! . أين المتيقظ قبل انقضاء المدة ؟! . إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة .. إنَّ العاقل من راقب العواقب ، والجاهل من مضى قُدُماً ولم يراقب.. كم يوم غابت شمسه وقلبك غائب ! . وكم ظلام أُسبل ستره وأنت في معاصي وعجائب ! . وكم أسبغ الله عليك وأنت على معاصيه تواظب ! . وكم صحيفة قد ملأتها بالذنوب والمَلَكُ كاتب !. وكم أنذرك الموت يأخذ أقرانك من حولك وأنت ساه ولاعب !. وكم أنذرك الموت يأخذ أقرانك وأنت ساه ولاعب !. أفق من سكرتك ..وتذكر نزول حفرتك ، تذكرهجران الأقارب ، وتذكر إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة .. آه ..لألسنٍ نطقت بالآثام .. كيف غفلت عن قول ربَِّ الأنام { اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهمْ } آه ..لأيدٍ امتدت إلى الحرام .. كيف نسيت قول الملك العلام { وتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ } آه ..لأقدامٍ سعت في الإجرام .. كيف لم تتدبر{ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ } آه.. لأجساد تربَّت على الربا .. كيف لم تفهم ( ما نبتَ على السُحت فالنار أولى به ). رأى أحدهم قريباً له ميتاً في المنام ، فقال له : كيف أنت ، قال : ندمنا على أمر عظيم .. ندمنا على أمر عظيم .. نعلم ولا نعمل ، وأنتم تعلمون ولا تعملون.. وأنتم تعلمون ولا تعملون..والله لتسبيحة أوتسبيحتان ، أو ركعة أو ركعتان في صحيفة أحدنا أحبّ إلينا من الدنيا وما فيها .. أين أثر المواعظ .. أين أثر المواعظ والآيات في قلوبنا ؟!!! أين أثر كلام الرحمن في حياتنا ؟!!! اسمع رعاك الله وتدَّبر الكلام . قال الله : { أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ، ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُواْ يُوعَدُونَ ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَّا كَانُوا يُمَتَعُونَ } . تلا بعض السلف هذه الآيات وبكى وقال : إذا جاء الموت لم يُغني عن المرء ما كان فيه من اللذة والنعيم .. يا ابن العشرين : كم مات من أقرانك وتخلَّفت يا ابن الثلاثين : أدركت الشباب فما تأسفت ؟!. يا ابن الأربعين : ذهب الصبا وأنت على اللهو قد عكفت ؟!. يا ابن الخمسين : أنت زرع قد دنا حصاده .. أنت زرع قد دنا حصاده .. لقد تنصّفت المئة وما أنصفت ؟!. يا ابن الستين : هيا إلى الحساب فأنت على معترك المنايا قد أشرفت ؟!. يا ابن السبعين : ماذا قدمَّت وماذا أخرت ؟! . يا ابن الثمانين : لا عذر لك فقد أُعذرت ؟!. والله وأقسم بالله .. من حمل نعشاً اليوم ، سيأتي يوم ويُحمل هو على الأكتاف .. ومن دخل المقبرة اليوم زائراً ، سيدخل يوماً ولن يخرج منها .. ومن عاد إلى بيته اليوم ، سيأتي يوم ولن يعود .. ومن عاد إلى بيته اليوم ، سيأتي يوم ولن يعود .كان عمر رضي الله عنه يردد دائماً ويقول : كل يوم يقولون مات فلان ، ومات فلان ، وسيأتي يوم وسيقولون مات عمر .. ومات عمرولكن كيف مات !!.. !!.. تفكّروا أحبتي وتيقنوا.. تفكّروا أحبتي وتيقنوا أنَّ الموت حقّ لا بدَّ منه.. قال عمر بن عبد العزيز لبعض العلماء : عظني ، فقال : لست أول خليفة تموت ، قال : زدني ، قال : ليس من آبائك أحد إلى آدم إلا ذاق الموت ، وسيأتي دورك يا عمر .. وسيأتي دورك يا عمر .. فبكى عمر وخرَّ مغشياً عليه . كان أبو الدرداء يقول : إذا ذُكر الموتى فعُدَّ نفسك منهم .. بنى ابن المطيع داراً ، فلما سكنها بكى ثم قال : والله لولا الموت.. والله لولا الموت لكنت بكِ مسروراً ، ولولا ما تصير إليه من ضيق القبور لقرَّت أعيننا بالدنيا، ثم بكى بكاءً شديداً حتى ارتفع صوته . في الصحيح : ( ما منكم من أحد إلا ويُعرض عليه مقعده بالغداة والعشي ) إما مقعده في الجنة أو مقعده في النار ، فيُقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله ) وصدق من قال : لا تبت وأنت مسرور حتى تعلم عاقبة الأمور .. تفكّروا وتيقنوا أنَّ الأعمال بالخواتيم ، فالخوف من سوء الخاتمة هو الذي طيَّش قلوب الصديقين ، وحيَّر أفئدتهم في كل حين .. أسألك بالله أما أقضَّ مضجعك هذا الخبر من سيد المرسلين والذي يقول فيه : ( والذي نفسي بيده إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلاَّ ذراع فيسبق الكتاب فيعمل بعمل أهل النار (فيعمل بعمل أهل النار) فيدخلها ، و إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ، وإنما الأعمال وبالخواتيم ) .. نعم صدق الذي قال : لا تبت وأنت مسرور حتى تعلم عاقبة الأمور .. نعود بالله من الحور بعد الكور ، ومن الضلالة بعد الهدى ، ومن المعصية بعد التقى .. يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك يا مقلِّب القلوب والأبصار ثبِّت قلوبنا على دينك.. نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم .. أوصيكم أحبتي ونفسي بتقوى الله .. اتقوا الله عباد الله { وَ اتَّقُوا يَوْمَاً تُرْجَعُونَ فِيْهِ إِلَى اللهِ } .. ومن تقوى الله الاستعداد للموت وما بعده فإنه الحتم اللازم الذي لايعرف الحجاب ، ولا يطرق الأبواب .. إنه الزائر الذي لا تحول بينه وبين زائره البروج ولا القلاع { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُُّمُ المَوْتُ وَلَو كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ }. الموت غيب لايدري إنسان متى يدركه ..لذا كان لا بدَّ من الاستعداد .. قال أبو حازم : كل عمل تكره الموت من أجله فاتركه ثم لا يضرك متى متّ .. آه لو تعلم بأحوال أهل القبور ! كم من الموتى في قبورهم يتحسرون !. وكم منهم يسأل الرجعة فلا يقدرون ! .أما قال الله :{ و حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَا يَشْتََهُونَ } ما قيمة الحياة .. ما قيمة الحياة إذا لم تكن في طاعة الله والاستعداد للقائه . أما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خيركم من طال عمره وحسُن عمله ، وشركم من طال عمره وساء عمله ) قال ميمون بن مهران : لا خير في الحياة إلا لتائب أو رجل يعمل في الدرجات. قال الله : .{ فََلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعدُّ لَهُمْ عَدَّاً } إنَّ النَفَس قد يخرج ولا يعود ، وإنَّ العين قد تطرف ولا تطرف الأخرى إلا بين يدي الله عز وجل .. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تبارك وتعالى : { إِنَّمَا نَعدُّ لَهُمْ عَدَّاً } قال : نعد أنفاسهم في الدنيا .. وتدبَّر في قوله تبارك وتعالى : { الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ والحَيَاةََ } فقدَّم الموت على الحياة تنبيهاً على أنَّ الحياة الحقيقية هي الحياة بعد الموت .. عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم من آمن بك وشهد أني رسولك فحبب إليه لقاءك ، وسهِّل عليه قضاءك ، وأقلل له من الدنيا ، ومن لم يؤمن بك ولم يشهد أني رسولك فلا تحبب إليه لقاءك ، ولا تسهِّل عليه قضاءك ، وأكثر له من الدنيا ) والناس في الدنيا عباد الله .. ثلاثة .. : إما منهمك في الدنيا ، مكبٌّ على غرورها ، محبٌّ لشهواتها . وإما تائب مبتدي . وإما عارف منتهي . فأما المنهمك فلا يذكر الموت ، ويغفل عنه ، وإذا ذُكر عنده كره ذكره ، لأنه سيقطع لذته ، ويقطع شهوته .. مسكين .. سيموت لا محالة شاء أم أبى .. وأما التائب فإنه يكثر من ذكر الموت ، ويحذر منه خوف أن يتخطفَّه قبل تمام التوبة والتزوّد من الزاد فلا بأس على هذا .. فلا بأس على هذا فهو في طريقه للاستعداد. وأما العارف فإنه يذكر الموت دائماً لأنه موعد لقاء حبيبه ، والمحب لا ينسى قط موعد لقاء الحبيب.. قال حذيفة لما حضرته الوفاة : .. حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم . فالموت هائل وخطره عظيم ، والناس في غفلة عنه لقلة تفكرهم وذكرهم له . والموت فاذكره وما وراءه وإنه للفيصل الذي به فما لأحدٍ عنه براءة يُعرف ما للعبد عند ربه نعم .. .. ربما نذكر الموت ولكن بقلوب غافلة .. فليتك تقف على القبر.. فليتك تقف على القبر وتذكر أقرانك الذين مضوا قبلك .. تأمل أحوالهم تحت التراب ..كيف تبددت أجزاؤهم في قبورهم ، وكيف ترمَّلت نساؤهم ، وتيتَّمت أولادهم من بعدهم ، وقُسمَّت أموالهم ، وخلت منهم مساجدهم ومجالسهم ،وانقطعت آثارهم .. وأنت على هذا الطريق تسير .. والله لن تخرج الأرواح من الدنيا حتى تسمع إحدى البشريين : إما أبشر يا عدو الله بالنار ، أو أبشر يا وليَّ الله بالجنة . فإن أردت حسن الختام فالزم الاستقامة ، واعلم أنها أعظم الكرامة ، اما قال الله { إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } وإياك .. إياك من التسويف وطول الأمل فوالله أكثر بكاء أهل النار من سوف ولعل وعسى .. اعلم بارك الله فيك أنَّ كل شيء تفعله باختيارك إلا الموت .. إلا الموت فلا خيار لك.. ستموت شئت أم أبيت .. قال الحسن : فاتق الله يا ابن آدم لا تجتمع عليك خصلتان سكرة الموت ، وحسرة الفوت والندامة .. والذي نفسي بيده إنَّ غاية أمنية الموتى في قبورهم حياة ساعة يستدركون فيها ما فاتهم بتوبة وعمل صالح فماذا أعددت لذلك اليوم ؟!. فماذا أعددت لذلك اليوم الذي ستوسد فيه التراب ، وستفارق فيه الأهل والأصحاب ؟!. عن ابن شهاب الزهري أنَّ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما حضرته الوفاة دعا بخَلَق جبة له من صوف ، فقال : كفنوني فيها فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر ، وإنما كنت أخبؤها لهذا اليوم .. لله درَّك يا سعد وما أحلى كلامك !. يقول ابنه مصعب : لقد كان رأس أبي في حجري وهو يقضي ـ يعني يحتضر ـ فرفع رأسه إليَّ فقال : أي بنيّ ما يبكيك ، قلت : لمكانك وما أرى قد حلَّ بك ، قال :لا تبكِ فإنَّ الله لا يعذبني أبداً .. قال :لا تبكِ فإنَّ الله لا يعذبني أبداً ، وإني من أهل الجنة .. قال الذهبي : صدق والله .. قال الذهبي : صدق والله ، أليس هو من العشرة المبشرين. قال تعالى :{ وَ جَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالَحقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تََحِيدُ }.. قال ابن كثير : يقول الله عز وجل { وَ جَاءَتْ } أيها الإنسان { سَكْرَةُ المَوْتِ بِالَحقِّ } أي كُشفت لك عين اليقين الذي كنت تمتري فيه ..{ ذَلكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تََحِيدُ }أي هذا هو الذي كنت منه تفر قد جاءك فلا محيد ولا مناص ولا فكاك ولا خلاص. { كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ ، وَقِيْلَ مَنْ رَاقٍ ، وَظَنَّ أِنَّهُ الفِرَاقُ ، وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ } يطلب أهلك الأطباء علهم ينقذونك أو يساعدونك . إنَّ الطبيب له علم يدّلُّ به حتى إذا ما انتهت أيام رحلته ما كان للمرء في الأيام تأخير حار الطبيب وخانته العقاقير { فَلَولا إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ ، وَ أَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ }..فيا لها من ساعة لا تشبهها ساعة يتألم فيها أهل التقى ، فكيف بأهل الإضاعة .. يتألم فيها أهل التقى ، فكيف بأهل الإضاعة .. فتخيل نفسك عبد الله في نزع الموت وكربه وغصصه وسكراته وغمّه وآهاته ، وقد بدأ المَلك يجذب روحك من قدمك ، وبدأت الروح تخرج من أعضائك عضواً عضواً ، فبردت القدمان ، ثم بردت اليدان ، ثم يبست الشفتان ، وشخصت العينان ، ثم بلغت الحلقوم { فَلَولا إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ ، وَ أَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } . أما يوم الجنائز فيوم راحة للطيبين ، ويوم راحة من العصاة والكافرين .. عن أبي قتادة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مُرَّ عليه بجنازة فقال : ( مستريح أو مستراح منه ) ، قالوا يا رسول الله : ما المستريح وما المستراح منه ؟ ، قال : ( العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله ، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب ) ..فكم آذاهم بمعاصيه .. فكيف حالك !! فكيف سيكون حالك إذا على اللوح وضعوك ، وأخذوا بتغسيلك وتقليبك ، وأنت لا تملك من الأمر شيئاً ! ثم كيف أنت إذا حُملت على الرقاب! بماذا ستُبَّشر ، وبماذا ستُنادى ؟!. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا وُضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحة قالت قدموني ، وإن كانت غير صالحة قالت يا ويلها ( يا ويلها ) أين تذهبون بها .. يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها لصعق ) اسمع ما لأرواح المؤمنين المطيعين من البشارات عندالموت .. أولها وأعظمها سلام الله عليه يبلغه إياه مَلَك الموت ، ثم يُبشره مَلَك الموت برَوْحٍ وريحان ، فيعلم مكانه من الجنة قبل موته . ثم تتابع البشارات ..فيرى ملائكة الرحمة بوجوههم الطيبة ، وتخرج روحه بسهولة ، ويشهد خروج الروح ملأٌ من الملائكة معهم كفنٌ من أكفان الجنة ، وحنوطٌ من حنوط الجنة ، ثم تفوح منه أطيب الروائح ، وتناديه الملائكة بأحبّ الأسماء ، ثم يشيعه ملائكة السماء إلى السماء حتى تصل الروح إلى السماء السابعة ، ثم تبكي عليه بقاع الأرض .. ثم تبكي عليه بقاع الأرض التي سار ومشى عليها ، وتبكي عليه أبواب السماء التي كان يعرج منها عمله الصالح . ثم أعظم الكرامات يوم أن تصل روحه إلى السماء السابعة ينادي الرحمن أن صدق عبدي فاكتبوا كتابه في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى . أما أرواح العصاة والكافرين فحسرات وندامات { حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَا يَشْتََهُونَ }.. فتتابع االحسرات والمخازي والندامات .. أولها طلب الرجوع .. أولها طلب الرجوع ، فلا يستجاب لهم { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قََالَ رَبِّ ارْجِعْونِ } .. ثم إذا عاين مَلَك الموت وملائكة العذاب { يَوْمَ يَرَونَ المَلائِكَةَلا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلِمُجْرِمينَ وَيَقُولُونَ حِجْرَاً مَحْجُورَاً }. ثم يبدأ القرع والتوبيخ { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفََّتْهُمُ المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْباَرَهُمْ } { إِذْ يَتَوَفَّى الّذَِيِنَ كَفَروا المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْباَرَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيق ، ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيسَ بِظَّلامٍ لِلِعَبيدِ } ثم يقال له : يا أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ..اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغسَّاق وآخر من شكله أزواج ، تُنزع روحه حتى تتقطع العروق والأعصاب ، ثم تلعنه الملائكة وتغلق دونه أبواب السماء ، ويُنادى بأقبح الأسماء ، وتخرج منه أنتن الروائح ، ثم يُنادى أن كذب فاكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى ، ويا له من سجين ، ويا له من سجن وحبس ضيق مع حزب الشيطان . فأي خسارة أعظم من هذه الخسارة!!! .. يرى مقعده من النار ، ويُضيَّق عليه في قبره ، ويصيح بأعلى صوته : ربِّ لا تُقم الساعة .. ربِّ لا تُقم الساعة .. إني أبدأك من حديثي فارقتُ موضع مرقدي القبر أول ليلةٍ بالله والحديث له شجونُ يوماً ففارقني السكونُ قل لي ما يكونُ قال عبد الله بن العيزار : لا بدَّ لابن آدم من بيتين : بيت على ظهر الأرض ، وبيت في بطن الأرض .. فعمد إلى الذي على الأرض فزخرفه وزينه ، وجعل فيه أبواباً للشمال، وأبواباً للجنوب ، وضع فيه ما يصلحه لصيفه وشتائه .. ثم عمد إلى الذي في بطن الأرض فخرَّبه ودمَّره .. ثم أتى عليه آتي فقال : أرأيت هذا البيت ! أرأيت هذا البيت الذي أراك قد أصلحته ..كم تقيم فيه ؟! كم ستقيم فيه؟!، قال : لا أدري ، قال : فهذا الذي خربته كم تقيم فيه ؟! قال : هنا مقامي ، فقال: تقرّ بهذا!. تقرّ بهذا وتدّعي أنك عاقل والله لو علم أهل العافية ما تضمنته القبور من الأجساد البالية لجدّوا واجتهدوا في أيامهم الغالية خوفاً ليوم تتقلب فيه القلوب والأبصار . تنبَّه قبل الموت إن كنت تعقلُ وتمسي رهيناً في القبور وتنثني فريداً وحيداً في التراب وإنما دعي اللهو نفسي واذكري حفرة إلى الله أشكو لا إلى الناس حالتي فعمَّا قريب للمقابر تُحملُ لدى جدثٍ تحت الثرى تتجندلُ قرين الفتى في القبر ما كان يعملُ البِلى وكيف بنا دودُ المقابر يفعلُ إذا صرت في قبري وحيداً أُململُ قال مالك بن دينار: كنا مع الحسن في جنازة فسمع رجلاً يقول لرجل : من هذا الميت؟ ، قال الحسن : هذا أنا وأنت .. قال الحسن : هذا أنا وأنت رحمك الله.. فأي موعظة هذي.. لو كان بالقلوب حياة ،ولكن...أسمعت لو ناديت حيَّاً..ولكن ...أسمعت لو ناديت حيَّاً ، ولكن لا حياة لمن تنادي.. أفق من سكرتك قبل حسرتك ، وتذكر نزول حفرتك وهجران الأقارب ، وانهض عن بساط الرقاد وقل : أنا تائب ، وبادر تحصيل الفضائل قبل فوت المطالب.. فالسائق حثيث، والحادي مُجدّ ، والموت طالب .. اسألوا المقابر عن سكانها .. اسألوا المقابر عن سكانها ، واسألوا اللحود عن أهلها .. هل بعد الشباب إلا الهرم ؟! ، وهل بعد الصحة إلا السقم ؟! أنتم اليوم في الدور ، وغداً ستكونون من سكان القبور .. أنتم اليوم في الدور ، وغداً ستكونون من سكان القبور . فيا أيها المغتر بصحته أما رأيت ميتاً من غير سقم !. وأيها المغتر بطول المهلة أما رأيت مأخوذاً من غير علة !. والله ستبيت في القبر وحدك ، وسيباشر التراب خدك ، وستنهش الديدان لحمك وعظمك ، وستبقى رهين عملك ، فاعتبر بمن مات قبلك .. وربي ستندم .. وربي ستندم على تفريطك في صلواتك.. وربي ستندم على تفريطك في صلواتك ، وستندم على ضياع أوقاتك ، ولن ينفعك الندم ..{ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَا يَتَذَكَّرُ فِيْهِ مِنْ تَذَكَّرُ وَجَاءْكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلِظَالِمينَ مِنْ نَصِيرٍ }.. { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَا يَتَذَكَّرُ فِيْهِ مِنْ تَذَكَّرُ وَجَاءْكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلِظَالِمينَ مِنْ نَصِيرٍ }.. تزوَّد من الذي لا بدَّ منه وتبّ مهما جنيت وأنت حيٌّ ستندم.. ستندم إذا رحلت بغير زادٍ أترضى أن تكون رفيق قومٍ فإنَّ الموت ميقات العباد وكن متنبهاً قبل الرقاد وستشقى عندما يناديك المناد لهم زادٌ وأنت بغير زاد قال الحارث بن إدريس : قلت لداود الطائي أوصني ، قال :عسكر الموت ينتظرونك .. قلت : أوصني ، قال : عسكر الموت ينتظرونك.. ما أبلغ مواعظهم وما أوجزها كان زيد النميري يقول : لو كان لي من الموت أجل أعرف مدته لكنت حرياً بطول الحزن والكمد حتى يأتيني وقته .. : لو كان لي من الموت أجل أعرفه لكنت حرياً بطول الحزن والكمد حتى يأتيني وقته ، فكيف وأنا لا أعلم متى أموت!!!.. فكيف وأنا لا أعلم متى أموت في الصباح أم في المساء !!!. آخر الكلام إن كان لك قلب .. آخر الكلام إن كان لك قلب .. قال عبد الرحمن بن يزيد وكان له حظٌ من دين وعقل ، قال لبعض أصحابه الغافلين : يا أبا فلان الحال التي أنت عليها ترضاها للموت.. الحال التي أنت عليها أترضاها للموت ..قال : لا ، قال : فهل نويت التحويل إلى حال ترضاها للموت ، قال :لا ، ما تاقت نفسي إلى ذلك بعد ، قال : فهل بعد الموت دار فيها معتمل ، قال : لا ، قال : فهل تأمن أن يأتيك الموت وأنت على هذه الحال ، قال : لا ، قال : والله ما رأيت عاقلاً يرضى بهذه الحال.. والله ما رأيت عاقلاً يرضى بهذه الحال.. أليس هذا هو حالنا ؟! أليس هذا هو حالنا وحال أكثرنا.. نومٌ عن الصلوات، وتجرأ على المعاصي والمنكرات .. سؤال أخير أسألك إياه : هل أنت راضٍ عن حالك ، وهل أنت مستعد للموت لو أتاك اليوم ؟! هل أنت مستعد ؟! يا غافلاً تتمادى.. غداً عليك يُنادى خذ الوصية من سيد المرسلين قبل فوات الأوان..عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يعظه 😦 اغتنم خمساً قبل خمس ) ( اغتنم خمساً قبل خمس : اغتنم شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك ) فأنت في زمن الإمكان .. فأنت في زمن الإمكان .. أصلح ما بقي يُغفر لك ما مضي وما بقي ، وإلا ستُأخذ بما مضي وما بقي .. متى سنعرف قيمة الحياة !!!.. متى نعرف قيمة الحياة !!!..إذا عاينا الموت .. إذا عاينا الموت عرفنا قيمة الحياة .. ننادي حينها فلا يستجاب لنا .. فاتقوا الله عباد الله ..اتقوا الله عباد الله .. واعتبروا بمن مضى من القرون وانقضى ، واخشوا مفاجأة القضا .. اللهم أعنا على الموت وسكراته والقبر وظلماته ، ويوم القيامة وكرباته .. اللهم امنن علينا بتوبة نصوح قبل الموت ، وبشهادة عند الموت ، وبرحمة بعد الموت يا رب العالمين .. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين | الموضوع الأصلي: وَمَاْ الحَيَاْةُ الدُّنْيَاْ إِلاَّ مَتَاْعُ الغُرُورِ || الكاتب: سراج منير || المصدر: منتديات غزل قلوب مصرية https://ift.tt/2JGTlGl
from غزل القلوب https://ift.tt/2JGTlGl
via IFTTT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق