التأملات فى سورة الكهف مع قصة موسي والخضر عليهما السلام :
– أنكر موسي علي الخضر ثلاثة أفعال ولم يطق عليها صبرا : أولها خرق السفينة التي كانت لأناسضعاف يشتغلون بالبحر بقصد التكسب ، وكان الأمر يقتضي الرحمة بهم والرأفة والمساعدة ، وخاصة أنهما ركبا السفينة دون أجرة كرامة للخضر لسابق معرفتهم به – والثانية قتله صبيا بريئا لم يبلغ الحُلم دون ذريعة ولا سبب بمنتهي القسوة والعنف – والثالثة بناءه لسور متهدم دون أجر لأناس لم يؤدوا لهما حق الضيافة الواجبة للمسافر ؛ وهذه الأمور الثلاثة ظاهرها شر ولكن موسي لم يكن يعلم ما في باطنها من الرحمة ، وهو من العلم اللدني الذي علمه الله تعالي للخضر ليعلم موسي أنه ليس أعلمُ من فى الأرض .
– فالسفينة لو ظلت سليمة غير معيبة لأغتصبها الملك الجبار فى هذه البلدة ؛ والغلام لو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا ؛ والجدار لو انهدم لسُرق ما تحته من كنز ليتيمين خبأه لهما أبوهما الصالح ؛ فهناك علم غيب وحكمة ورأفة ورحمة من الله لا يعلمها الناس ؛ فليرض امرؤ بقضاء الله ، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خيرٌ له من قضائه فيما يُحب ؛ وقد صح في الحديث : ” لا يقضي الله لمؤمن قضاءً إلا كان خيرًا له ” & وقد قال تعالى : ” وَعَسَى أن تكرَهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم ” [ البقرة: 216] .
– وقيل في تفسير هذه الآيات التي وقعت لموسى مع الخضر : إنها حُجَّة على موسى وعجبًا له . وذلك أنه لما أنكر أمر خرق السفينة نودي : يا موسى أين كان تدبيرك هذا وأنت في التابوت مطروحاً في اليمِّ ؟ فلما أنكر أمر الغلام ، قيل له : أين إنكارك هذا من وكزك القبطي وقضائك عليه ؟ فلما أنكر إقامة الجدار نودي : أين هذا من رفعك حجر البئر لبنات شعيب دون أجر ؟
– – وقيل إن الخضر لما ذهب يفارق موسى ؛ قال له موسى : أوصني ; قال : ” كن بسَّاماً ولا تكن ضحَّاكاً , ودع اللجاجة , ولا تمش في غير حاجة , ولا تعب على الخطائين خطاياهم ، وابك على خطيئتك يا ابن عمران ” .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق