سعد بن معاذ رضى الله عنه

 



سعد بن معاذ رضى الله عنه

نسب سعد بن معاذ وكنيته :

هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الأنصاري الأشهلي،

يكنى أبا عمرو. وأمه هي كبشة بنت رافع بن عبيد بن ثعلبة، لها صحبة،

فقد أسلمت وبايعت رسول الله ، وماتت بعد ابنها سعد بن معاذ .

أما زوجته فهي هند بنت سماك بن عتيك بن امرئ القيس بن زيد بن

عبد الأشهل الأنصارية، عمة أسيد بن حضير ، وكانت أولاً عند أوس بن معاذ

فولدت له الحارث بن أسلم وشهد بدرًا، ثم خلف عليها أخوه سعد بن معاذ

فولدت له عبد الله وعمرو، وأسلمت وبايعت.

صفة سعد بن معاذ الخَلْقية :

كان سعد من أطول الناس وأعظمهم، وكان رجلاً أبيضَ جسيمًا جميلاً،

حسن اللحية.

حال سعد بن معاذ في الجاهلية :

كان سيد قومه ورئيس الأوس وزعيم قبيلة بني عبد الأشهل، وكان صاحبًا

لأمية بن خلف القرشي، الذي قُتل في بدر كافرًا، وكانت قبيلة بني قريظة

موالية له ومن حلفائه.

عُمر سعد بن معاذ عند الإسلام :

أسلم سعد بن معاذ قبل الهجرة بعام، وكان عمره عند الإسلام

واحدًا وثلاثين عامًا.

قصة إسلام سعد بن معاذ :

لما حضر الموسم حج نفر من الأنصار، فأتاهم رسول الله فأخبرهم خبره

الذي اصطفاه الله من نبوته وكرامته وقرأ عليهم القرآن، فلما سمعوا

قوله أنصتوا واطمأنت أنفسهم إلى دعوته، وعرفوا ما كانوا يسمعون

من أهل الكتاب من ذكرهم إياه بصفته وما يدعوهم إليه، فصدقوه وآمنوا به

وكانوا من أسباب الخير؛ إذ رجعوا إلى قومهم فدعوهم سرًّا،

وأخبروهم برسول الله والذي بعثه الله به ودعا إليه، حتى قلَّ دار من دور

الأنصار إلا أسلم فيها ناس لا محالة، ثم بعثوا إلى رسول الله أنِ ابْعَثْ إلينا

رجلاً من قِبلك فيدعو الناس بكتاب الله؛ فإنه أدنى أن يتبع.

فبعث إليهم رسول الله مصعب بن عمير ،

فنزل في بني غنم على أسعد بن زرارة ، فجعل يدعو الناس سرًّا،

ويفشو الإسلام ويكثر أهله.

ولقد أسلم سعد بن معاذ في المدينة على يد سفير الإسلام مصعب بن عمير ،

ولما أسلم سعد قال لبني عبد الأشهل:

[ كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تسلموا. فأسلموا ]

فكان من أعظم الناس بركةً في الإسلام، وشهد بدرًا وأُحدًا والخندق.

أثر الرسول في تربية سعد بن معاذ :

يبرأ من المنافقين :

قال ابن زيد:

إن هذه الآية حين أنزلت:

{ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْن }

[النساء: 88]

فقرأ حتى بلغ:

{ فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ }

[ النساء: 89]

فقال سعد بن معاذ :

[ فإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله من فئته ]

يريد عبد الله بن أبيّ بن سلول.

يفزع لسماع سب الرسول :

قال ابن عباس : كان المسلمون يقولون للنبي :

[ راعنا على جهة الطلب والرغبة من المراعاة، أي: التفت إلينا،

وكان هذا بلسان اليهود سبًّا، أي: اسمع لا سمعت؛ فاغتنموها وقالوا:

كنا نسبّه سرًّا، فالآن نسبُّه جهرًا، فكانوا يخاطبون بها النبي ويضحكون

فيما بينهم، فسمعها سعد بن معاذ -وكان يعرف لغتهم- فقال لليهود:

عليكم لعنة الله، لئن سمعتها من رجل منكم يقولها للنبي لأضربَنَّ عنقه.

فقالوا: أوَ لستم تقولونها؟

فنزلت الآية:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا

وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

[البقرة: 104].

ونهوا عنها؛ لئلاَّ تقتدي بها اليهود في اللفظ وتقصد المعنى الفاسد فيه ]

أهم ملامح شخصية سعد بن معاذ :

سيد في قومه.. محبب إلى أهله وعشيرته

يظهر هذا الملمح واضحًا جليًّا حين قدم سعد متشتّمًا على مصعب بن عمير

وأسعد بن زرارة رضي الله عنهما؛ من أجل خوفه على قومه منهما،

إذ قال أسعد لمصعب :

أي مصعب، جاءك والله سيد مَن وراءَه مِن قومه، إن يتبعك لا يتخلف عنك

منهم اثنان

وقبلها كان قد قال أسيد بن حضير -وهو سيد في قومه- لمصعب بن عمير

وأسعد بن زرارة حين أعلن إسلامه:

إن ورائي رجلاً، إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه

. يقصد بذلك سعد بن معاذ.

وكذلك يظهر هذا الملمح حين أعلن إسلامه ووقف على قومه،

فقال : "يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟

حينئذٍ ردَّ عليه قومه بما يرونه فيه،

فقالوا: سيدنا، وأوصلنا، وأفضلنا رأيًا، وأيمننا نقيبة

وفي ذات اليوم الذي أسلم فيه تبعه كل قومه وعشيرته وقبيلته

بنو عبد الأشهل، فأسلموا جميعًا بإسلام سعد بن معاذ.

ينصر الله ورسوله :

عن محمد بن عمرو الليثي عن جده قال:

( خرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى بدرٍ ، حتَّى إذا كان بالرَّوحاءِ ،

خطب النَّاسَ فقال : كيف ترون ؟

فقال أبو بكرٍ : يا رسولَ اللهِ ، بلغنا أنَّهم بمكانِ كذا وكذا .

قال : ثمَّ خطب النَّاسَ فقال : كيف ترون ؟

فقال عمرُ مثلَ قولِ أبي بكرٍ .

ثمَّ خطب النَّاسَ فقال : كيف ترون ؟

فقال سعدُ بنُ معاذٍ : يا رسولَ اللهِ إيَّانا تريدُ ؟

فوالَّذي أكرمك وأنزل عليك الكتابَ ، ما سلكتُها قطُّ ولا لي بها علمٌ ،

ولئن سرتَ حتَّى تأتيَ بِرْكَ الغِمادِ من ذي يمنٍ لنسِيرَنَّ معك ،

ولا نكونُ كالَّذين قالوا لموسَى :

{ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }

ولكن اذهبْ أنت وربُّك فقاتلا إنَّا معكما لمتَّبعون ،

ولعلَّك أن تكونَ خرجتَ لأمرٍ ، وأحدث اللهُ إليك غيرَه ،

فانظُرِ الَّذي أحدث اللهُ إليك ، فامضِ له ، فصلْ حبالَ من شئتَ ،

واقطعْ حبالَ من شئتَ ، وعادِ من شئتَ ، وسالِمْ من شئتَ ،

وخذْ من أموالِنا ما شئتَ ؟)

حكم سعد بن معاذ يوافق حكم الله :

عن أبي سعيد الخدري :

( أن أناسا نزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فأرسل إليه فجاء على حمار ،

فلما بلغ قريبا من المسجد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :

قوموا إلى خيركم ، أو سيدكم.

فقال : يا سعد إن هؤلاء نزلوا على حكمك

قال : فإني أحكم فيهم أن تقاتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم ،

قال : حكمت بحكم الله ، أو : بحكم الملك ) .

ومن مناقب سعد بن معاذ :

1- اهتز لموت سعد بن معاذ عرش الرحمن :

عن جابر ، سمعت النبي يقول:

( اهتز العرش لموت سعد بن معاذ )

2- وفتحت لوفاته أبواب السماء :

عن جابر بن عبد الله قال:

قال رسول الله :

( هذا الرجل الصالح الذي فتحت له أبواب السماء شدد عليه ثم فرج عنه )

3- وشيّعه ملائكة لم يطئوا الأرض قبل اليوم :

( يا رسولَ اللهِ ما حملْنا ميتًا أخفَّ علينا من سعدٍ

فقال : ما يمنعُكم من أن يخفَّ عليكم وقد هبط من الملائكةِ كذا وكذا

وقد سمَّى عدَّةً كثيرةً لم أحفظْها لم يهبِطوا قطُّ قبل يومِهم قد حملوه معكم )

4- مناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من الحرير :

عن أنس قال:

( أهدي للنبي جبة سندس، وكان ينهى عن الحرير،

فعجب الناس منها فقال:

والذي نفس محمد بيده، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا )

بعض مواقف سعد بن معاذ مع الرسول :

يعوده :

عن عائشة رضي الله عنها:

( فضرَب النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَيمَةً في المسجدِ ، ليعودَه من قريبٍ )

بعض مواقف سعد بن معاذ مع الصحابة :

مع أنس بن النضر :

عن أنس قال:

( غاب عِمِّي أنسُ بنُ النضرِ عن قتالِ بدرٍ ،

فقال : يا رسولَ اللهِ ، غبتُ عن أولِ قتالٍ قاتلتَ المشركينَ ،

لئن اللهُ أشهدني قتالَ المشركينَ ليَرَيَنَّ اللهُ ما أصنعُ . فلما كان يومَ أُحُدٍ ،

وانكشفَ المسلمونَ ،

قال : اللهمَّ إني أعتذرُ إليكَ مما صنع هؤلاءِ ، يعني أصحابَهُ ،

وأبرأُ إليكَ مما صنعَ هؤلاءِ ، يعني المشركينَ .

ثم تقدَّمَ فاستقبلَهُ سعدُ بنُ معاذٍ ،

فقال : يا سعدُ بنَ معاذٍ الجنةُ وربِّ النضرِ ، إني أجدُ ريحها من دونِ أُحُدٍ ،

قال سعدٌ : فما استطعتُ يا رسولَ اللهِ ما صنع ،

قال أنسٌ : فوجدنا بهِ بضعًا وثمانينَ : ضربةً بالسيفِ أو طعنةً برمحٍ أو رميةً بسهمٍ ،

ووجدناهُ قد قُتِلَ وقد مَثَّلَ به المشركونَ )

مع ثابت بن قيس :

عن أنس بن مالك أنه قال:

( لما نزلت هذه الآية:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ }

إلى آخر الآية جلس ثابت بن قيس في بيته وقال:

أنا من أهل النار. واحتبس عن النبي، فسأل النبي سعد بن معاذ فقال:

يا أبا عمرو، ما شأن ثابت ؟ أشتكى ؟

قال سعد : إنه لجاري وما علمت له بشكوى.

قال: فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله،

فقال ثابت : أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتًا

على رسول الله؛ فأنا من أهل النار.

فذكر ذلك سعد للنبي،

فقال رسول الله: بل هو من أهل الجنة )<

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق