عبادات ضائعة

 

المنبر الحر | الإسلام عبادات شعائرية وعبادات تعاملية - الأسبوع الصحفي

قال النبي عليه الصلاة والسلام: رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، و رب قائم ليس له من قيامه إلا السهر.

نُسمِّي هذا الفريق الغافل أو المتغافل عن العبادة وحقيقتها ومكانتها بأصحاب "الحسنات الضائعة" أو "العبادة الضائعة"؛ لأنهم لم يُقيموا تلك العبادة - من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة، وتلاوة القرآن والذِّكْر والتسبيح وغيرها - حقَّ إقامتها، ولم يَقدروها حق قدرها.

 

والعبادة الضائعة هي تِلكُم العبادة التي لا تُثمِر لصاحبها الأجر والثواب على كماله وحقيقته، كما لا تثمر له الثمرة المرجوَّة من إقامتها من تحقيق الهداية والاستقامة والفلاح والسعادة في الدنيا والآخِرة، والعلَّة في ذلك أن تلك العبادة قد يكون شابَها شيءٌ مِن ترك الخشوع والتدبُّر والطُّمأنينة، أو الرياء والهوى، أو فعْل ما يُناقِضها من السيئات والمعاصي والمُحرَّمات، وقد جاءت النُّصوص الشرعية مبيِّنة لهذه الصور المتعدِّدة لتلك العبادة الضائعة في ثوابها وأَجرِها؛ فمِن ذلك:

_كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أسوأُ الناسِ سرقةً الذي يَسرق مِن صلاته)، قالوا: يا رسول الله، وكيف يَسرق مِن صلاته؟ قال: (لا يتمُّ ركوعها ولا سُجودها)؛ رواه الإمام أحمد، وقوله: (لا تُجزئ صلاة الرجل حتى يُقيم ظهرَه في الركوع والسجود)؛ رواه أبو داود.

_عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ أول الناس يقضى يوم القيامة عليه: رجل استُشهد، فأُتي به، فعرَّفه نِعمَه فعرَفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استشهدتُ، قال: كذبتَ، ولكنك قاتلتَ ليُقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار، ورجل تعلَّم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأُتي به، فعرَّفه نِعمَه فعرَفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: تعلمتُ العِلمَ وعلَّمتُه، وقرأتُ فيك القرآن، قال: كذبتَ، ولكنَّك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأتَ القرآن ليُقالَ: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار، ورجل وسَّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كلِّه، فأُتي به، فعرَّفه نعمَه فعرَفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: ما تركتُ مِن سبيلٍ تحبُّ أن يُنفق فيها إلا أنفقتُ فيها لك، قال: كذبتَ، ولكنَّك فعلتَ ليُقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسُحب على وجهِه، ثم أُلقي في النار)؛ رواه مسلم.

_كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرونَ مَن المُفلِس؟) قالوا: المُفلس فينا مَن لا درهم له ولا متاع، فقال: (إنَّ المفلس مِن أُمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذَف هذا، وأكَل مال هذا، وسفَك دم هذا، وضرَب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا مِن حسناته، فإن فنيَتْ حسناته قبل أن يَقضي ما عليه، أخذ مِن خطاياهم، فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار).

خلاصة القول:

أنَّ ضياع حسنات العبد من الأعمال والعبادات قد يكون سببُه الوقوع في أي صورة من هذه الصور السابقة؛ ولهذا فإن على العاقل المجتهدِ الحذرَ من الوقوع في شراكها؛ لأنَّ فعل الحسنات والطاعات من أكبر المنجيات في عرصات يوم القيامة، والعبد يوم القيامة أحوج ما يكون إلى حسَنة تُثقِّل الميزان، وترفع الدرجات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق