هل يجب تغطية القدمين في الصلاة؟
هل يجب تغطية القدمين في الصلاة؟

تغطية القدمين في الصلاة
أفتى جمهور أهل العلم بوجوب تغطية القدمين للمرأة في الصلاة، وخالف الحنفيّة قول الجمهور، وقالوا بعدم الوجوب؛ وفيما يأتي تفصيل ذلك:
مذهب الجمهور
ذهب المالكيّة والشافعيّة والحنابلة إلى وجوب ستر المرأة لقدميها في الصلاة، فلا يصحّ أن تكشف منها إلا الوجه والكفّين؛ بدلالة ما جاء من حديث أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها-؛ حيث سُئلت -رضي الله عنها-: (ماذا تُصلِّي فيه المرأةُ مِن الثِّيابِ؟ فقالت: تُصلِّي في الخِمارِ والدِّرْعِ السابغِ الذي يُغيِّبُ ظُهورَ قدَمَيْها)، فهذا الحديث يدلّ على وجوب ستر ظاهر القدمين، فحمل الجمهور باطن القدمين على الوجوب؛ لذا ذهبوا إلى وجوب ستر القدمين ظاهرهما وباطنهما في الصلاة.
مذهب الحنفية
ذهب الحنفيّة والمزني من الشافعيّة، وشيخ الإسلام ابن تيمية؛ إلى القول بعدم وجوب ستر القدمين في الصلاة؛ قياساً على كشف الوجه والكفين، ولأنّ في تغطيتهما مشقة على المرأة؛ لأنّ غالب صلاة المرأة في بيتها، أو في مكان لا يراها الأجانب فيه.
أمّا خارج الصلاة، فيجب ستر القدمين؛ لأنهما من العورة التي يجب سترها عن النظر واللمس؛ استدلالاً بقوله -تعالى-: (... وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا...)؛ والمراد إظهار محل الزينة وما ظهر منها، وهي الوجه والكفّين فقط.
كما استدلوا بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ والذي قال فيه: (المرأةُ عورَةٌ؛ فإذا خرجتِ استشرفَها الشَّيطانُ)، إضافةً إلى قوله -صلى الله عليه وسلم- لأسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها-: (... يا أسماءُ، إنَّ المرأةَ إذا بَلَغَتِ المحيضَ لم يَصلُحْ أنْ يُرى منها إلَّا هذا وهذا، وأشارَ إلى وَجهِه وكَفِّه).
حدود عورة الرجل في الصلاة
اتفق الفقهاء على وجوب ستر العورة، وأنّها من شروط صحّة الصلاة؛ وقد تعددت أقوالهم في حدود عورة الرجل داخل الصلاة؛ فمذهب جمهور الفقهاء أنّ حدود عورة الرجل في الصلاة ما بين السرّة والرّكبة؛ على تعدد أقوالهم في دخول السرّة والرّكبة في حدود العورة، أمّا مذهب الظاهريّة ورواية أخرى في مذهب الإمام مالك، ورواية عن الإمام أحمد أنّ عورة الرجل في الصلاة هي القُبُل والدُُبُر فقط.
واستدلّ الجمهور على قولهم بعدد من الأحاديث الضعيفة التي تقوي بعضها؛ منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: (الفخِذُ عورةٌ)، أمّا دليل الظاهريّة ومن وافقهم؛ فبالحديث الثابت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (إنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- غَزَا خَيْبَرَ، فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلَاةَ الغَدَاةِ بغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ، ورَكِبَ أبو طَلْحَةَ، وأَنَا رَدِيفُ أبِي طَلْحَةَ، فأجْرَى نَبِيُّ اللَّهِ في زُقَاقِ خَيْبَرَ، وإنَّ رُكْبَتي لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللَّهِ، ثُمَّ حَسَرَ الإزَارَ عن فَخِذِهِ حتَّى إنِّي أنْظُرُ إلى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-).
وعلق ابن حزم على هذا الحديث بأنّ الفخذ ليست بعورة؛ وإلا لما كشفها الله -سبحانه- عن نبيّه الكريم، ولكنّ بعض أهل العلم أجابوا عن هذا الدليل بأنّ الإزار انحسر بفعل غير مقصود، أو متعمّد من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق