جمهوريات الموز - منتديات غزل وحنين
جمهوريات الموز
جمهوريات الموز
جمهوريات الموز
"لسنا جمهورية موز،"
صرح أردوغاتورك لوسائل إعلام دولية تتربص بالعثمانيين الدوائر، وعلى مسافة
أنفاس من انتخابات بلدية مزمعة، قرر الرجل أن يجفف منابع ربيع تركي محتمل،
فأمر أجهزته الاتصالاتية بإيقاف بث تويتر في شرايين البلاد تنفيذا لحكم
قضائي غير مسبوق.
لكن الرجل ليس وحده المخول بتقرير مصير بلاد على شفا ربيع، فالأجهزة
المخابراتية الموزعة في مسام الخرائط هي وحدها المنوطة بتصنيف البلدان
وتحديد هوياتها.
صحيح أن تركيا ليست إحدى جمهوريات الموز، فهي لم تعتمد سلعة واحدة للبقاء
على قيد الخرائط، ولم توزع أراضيها على صفوة المنتفعين من رجال القضاء
والسياسة والجيش، ولم تعرف فسادا كالذي ولغت فيه مصر على مدار عقود، كما
أنها استطاعت أن تخرج اقتصادها من عنق الفقر والحاجة لتصبح واحدة من
الاقتصاديات الواعدة في المنطقة والعالم.
ليست تركيا واحدة من جمهوريات الموز التي توزع الأرباح على رجال الأعمال
وتقسم الديون على الطبقات الكادحة، وتحول البسطاء إلى أجراء في وطن
يستأجرون فيه الأنفاس والنبضات. لكن الهوية الاقتصادية وحدها لم تعد تبرر
وجود تركيا خارج إطار التصنيف، فخطوط السياسة والمصالح العابرة لكل منطق
تستطيع أن تنقل تركيا من حضنها الشرق أوسطي في غمضة عين لتضمها إلى
جمهوريات الموز في أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي وبحر العرب.
لفحات الربيع القادمة إلى الشرق وحدها مخولة بإعادة رسم خرائطنا الهشة،
ونسماته الكاذبة أقدر على التصنيف من أو. هنري، والتغريدات الإلكترونية
أقدر من مقياس ريختر على قياس درجات الغضب عند الشعوب الموزأوسطية.
ولهذا، بادر أردوغان بنفخات مضادة من حنجرة محتقنة ليغير مسارات النسائم،
ويؤجل الغضب المتربص بالميادين التركية من كل جانب، لكنها مبادرة جد
متأخرة، ولا ينتظر لها أن تقاوم المد الربيعي الجارف الذي جعل الشعوب تدبك
بكامل غيبوبتها فوق بلاط ميادينها البارد.
في الداخل يحاول أتاتورك سد الذرائع التويترية بكل ما أوتي من صلابة، منددا
بموقف الشبكة الاجتماعية التي تغلق أبواب المواقع التي تستفز أمريكا،
لكنها لا تلقي بالا لغضب الحكومات العربية والتركية، ولا تضع مفتاحا في
مزلاج لمنع فتنة نائمة يريد التويتريون إيقاظها.
وعند الحدود، تتربص المضادات الأرضية بكل الطائرات العابرة للمصالح، وقوات
حرس الحدود مستعدة لإسقاط كل طائرة سورية حكومية تفكر في التحليق في سماوات
تركيا الملبدة.
ولهذا، لم تعتذر السلطات التركية عن إسقاط طائرة حربية ضلت طريقها عند
الحدود، وتؤكد أنها لم ولن تكون آخر صفعة لكل من تسول له نفسه أن يمس أسلاك
تركيا الشائكة.
أراد أتاتورك أن يمنع حصان طروادة الذي أسقط أصنام العرب من فوق قاعدة
بلادها الصخرية من العبث بميادينه المفتوحة على كل الاحتمالات، فأغلق بأمر
قضائي مباشر بوابات الانترنت في بلاده لتمنع النسائم الربيعية السموم من
العبث بالشوارب التركية مؤكدا أن تركيا ليست جمهورية موز.
لكنه خائف جدا ومرتبك جدا، ويعلم في نفسه يقينا أن مصر لم تكن أبدا كتونس،
وحلب لم تكن يوما كحمص، لكن رياح التغيير تأتي بما لا يشتهي الأتراك دوما.
وحدها تركيا تقف على أعتاب ثورة عارمة شاهرة إفلاسها بأحكام قضائية لا
تتناسب ومستوى المؤامرة. ووسط خريطة لم تعد قادرة على الدفاع عن خطوطها
الحمراء، يستمر الربيع الكاذب في الحمل سفاحا من مياديننا الساخطة، ولن
يستطيع أردوغان وحده الوقوف في وجه المواسم التي بدأت تشكل خارطة شرق موزية
جديدة تلعب فيها مواقع التواصل دور ريتشارد قلب الأسد.
عبد الرازق أحمد الشاعر
"لسنا جمهورية موز،"
صرح أردوغاتورك لوسائل إعلام دولية تتربص بالعثمانيين الدوائر، وعلى مسافة
أنفاس من انتخابات بلدية مزمعة، قرر الرجل أن يجفف منابع ربيع تركي محتمل،
فأمر أجهزته الاتصالاتية بإيقاف بث تويتر في شرايين البلاد تنفيذا لحكم
قضائي غير مسبوق.
لكن الرجل ليس وحده المخول بتقرير مصير بلاد على شفا ربيع، فالأجهزة
المخابراتية الموزعة في مسام الخرائط هي وحدها المنوطة بتصنيف البلدان
وتحديد هوياتها.
صحيح أن تركيا ليست إحدى جمهوريات الموز، فهي لم تعتمد سلعة واحدة للبقاء
على قيد الخرائط، ولم توزع أراضيها على صفوة المنتفعين من رجال القضاء
والسياسة والجيش، ولم تعرف فسادا كالذي ولغت فيه مصر على مدار عقود، كما
أنها استطاعت أن تخرج اقتصادها من عنق الفقر والحاجة لتصبح واحدة من
الاقتصاديات الواعدة في المنطقة والعالم.
ليست تركيا واحدة من جمهوريات الموز التي توزع الأرباح على رجال الأعمال
وتقسم الديون على الطبقات الكادحة، وتحول البسطاء إلى أجراء في وطن
يستأجرون فيه الأنفاس والنبضات. لكن الهوية الاقتصادية وحدها لم تعد تبرر
وجود تركيا خارج إطار التصنيف، فخطوط السياسة والمصالح العابرة لكل منطق
تستطيع أن تنقل تركيا من حضنها الشرق أوسطي في غمضة عين لتضمها إلى
جمهوريات الموز في أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي وبحر العرب.
لفحات الربيع القادمة إلى الشرق وحدها مخولة بإعادة رسم خرائطنا الهشة،
ونسماته الكاذبة أقدر على التصنيف من أو. هنري، والتغريدات الإلكترونية
أقدر من مقياس ريختر على قياس درجات الغضب عند الشعوب الموزأوسطية.
ولهذا، بادر أردوغان بنفخات مضادة من حنجرة محتقنة ليغير مسارات النسائم،
ويؤجل الغضب المتربص بالميادين التركية من كل جانب، لكنها مبادرة جد
متأخرة، ولا ينتظر لها أن تقاوم المد الربيعي الجارف الذي جعل الشعوب تدبك
بكامل غيبوبتها فوق بلاط ميادينها البارد.
في الداخل يحاول أتاتورك سد الذرائع التويترية بكل ما أوتي من صلابة، منددا
بموقف الشبكة الاجتماعية التي تغلق أبواب المواقع التي تستفز أمريكا،
لكنها لا تلقي بالا لغضب الحكومات العربية والتركية، ولا تضع مفتاحا في
مزلاج لمنع فتنة نائمة يريد التويتريون إيقاظها.
وعند الحدود، تتربص المضادات الأرضية بكل الطائرات العابرة للمصالح، وقوات
حرس الحدود مستعدة لإسقاط كل طائرة سورية حكومية تفكر في التحليق في سماوات
تركيا الملبدة.
ولهذا، لم تعتذر السلطات التركية عن إسقاط طائرة حربية ضلت طريقها عند
الحدود، وتؤكد أنها لم ولن تكون آخر صفعة لكل من تسول له نفسه أن يمس أسلاك
تركيا الشائكة.
أراد أتاتورك أن يمنع حصان طروادة الذي أسقط أصنام العرب من فوق قاعدة
بلادها الصخرية من العبث بميادينه المفتوحة على كل الاحتمالات، فأغلق بأمر
قضائي مباشر بوابات الانترنت في بلاده لتمنع النسائم الربيعية السموم من
العبث بالشوارب التركية مؤكدا أن تركيا ليست جمهورية موز.
لكنه خائف جدا ومرتبك جدا، ويعلم في نفسه يقينا أن مصر لم تكن أبدا كتونس،
وحلب لم تكن يوما كحمص، لكن رياح التغيير تأتي بما لا يشتهي الأتراك دوما.
وحدها تركيا تقف على أعتاب ثورة عارمة شاهرة إفلاسها بأحكام قضائية لا
تتناسب ومستوى المؤامرة. ووسط خريطة لم تعد قادرة على الدفاع عن خطوطها
الحمراء، يستمر الربيع الكاذب في الحمل سفاحا من مياديننا الساخطة، ولن
يستطيع أردوغان وحده الوقوف في وجه المواسم التي بدأت تشكل خارطة شرق موزية
جديدة تلعب فيها مواقع التواصل دور ريتشارد قلب الأسد.
عبد الرازق أحمد الشاعر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق