ايام باقية - منتديات غزل وحنين

ايام باقية - منتديات غزل وحنين

ايام باقية























ايام باقية









أتاه
صوتها من بعيد. يمتد الممشى أمامه ويضيق ويختفي شيئا فشيئا في الظلمة.
قدماه لا تغوصان في الطين الرطب المغمور أحيانا بماء النهر.




تعجب،
حين سار وهو طفل في ضوء النهار على هذا الجسر غمر الطين اللزج الثقيل قدماه
وغطى ركبتيه، رفعهما وقتها بصعوبة ورعب خشية أن يسقط في المياه الداكنة
المحملة بالطمي. يمضي الأن خفيفا مسرعا فوق الطين الزلق.




روح
وحيدة هائمة. الساعات تمر بطيئة متشابهة، كم من الأيام مرت عليه في هذا
الطريق؟ فرح وصوتها يأتيه مبتهجا ثم بكي بحرقة. أتولد البهجة من الأسى؟ فكر
مندهشا أنه يعلم ما حدث لها! تباريح قلب حزين.




صوتها يقترب وتناديه. رأها متوهجة بالفرح تشير له من خلال الظلال. لا يستطيع أن يقف، اقتربت منه وسارت بجواره في طريقهما المحتوم.



حين مالت
انشقت الأرض حيث مستها وتلقتها برفق. قال (إنها الأرض تنتظرها) مال عليها
وقبل بشغف شعرها المنسدل علي كتفيها الثلجيتين بفوضي طالما أحبها، لو
تستطيع قبلته أن تعيدها! أختفت في عمق الظلمة.




بهجتها
الزائلة وفرحه المأمول أختلطا بالعدم. لا يبدو أن للطريق نهاية. قريبا جدا
من حيث استلقت ظهرت امرأة مشفقة على دموعه التي لا تنزل لتلك التي تركها
وحيدة في الظلمة. وطأها وهو سائر، ركضت خلفه سائلة (خذني معك!).. قالت
(أحبك) فلطمها بقسوة .




أعترضت
بعدها طريقه نساء، سرن بجواره في صمت وهدوء. أكتشف أن دموعه سالت كلمات
ساخرة قاسية وحزنه صار عبثا؛ قال لهن (أنا لست أنا! ذلك أسهل لأن نتعانق
ونشعل نيرانا بلا سمر ونفترش الرماد) .




طريق لا ينتهي، السائر لا يستطيع أن يقف كي يبكي من يحب. مشوا بجانبه فاكتشف أنه عاد طفلا يدس رأسه في صدر من تحنو عليه.



في ذرى
الحنين رأها آتية من طريق مقابل، طريق لم يوجد من قبل. نظرت إليه مبتسمة
فأحبها في لحظة الابتسامة كما أحب مرة في ماض لا يندمل. ضمها إليه بشغف.




حين سألها البشارة اشارت: طريقان لا يلتقيان. أختفت سريعا كما جاءت فجأة. تساءل بعدها أن كانت قد وجدت أبدا.



على الممر
الطيني الضيق بين الماء الداكن والحياة الصاخبة التي تموج فوق النهر سار
وحيدا. تساءل بملل متى ينتهي هذا الممر الخانق ويسقط كحجر ثقيل في الأعماق
المظلمة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق