حرائقنا المقدسة - منتديات غزل وحنين
حرائقنا المقدسة
في
بريطانيا، كما في بلادنا التعسة، لا يزال الخارجون عن النص يحاكمون في بلاط
الشعوب بتهمة الخيانة العظمى وإن رحلوا منذ آلاف الصفحات.
ففي
ميادين لندن الفسيحة، يجتمع الخبثاء والبلهاء كل عام ليشقوا الجيوب ويلطموا
الخدود ويحرقوا الدمى انتقاما لرجل لم يروه من رجل لم يعرفوه.
وفي الخامس من كل نوفمبر، يتحول جاي فوكس من صورة باهتة في كتب التاريخ الصفراء إلى دمية من قش تستحق اللعن والحرق والتشويه.
وحولها يتحلق وارثو الأحقاد ليصبوا جام غضبهم على رجل أراد أن يخرج
بريطانيا ذات يوم من عصمة الملك جيمس الأول ليردها إلى كاثوليكيتها الأولى.
ترى، هل كان بوسع حارقي الدمى أن يخرجوا اليوم إلى شوارع لندن حاملين
المشاعل لو نجحت خطة فوكس في تفجير البرلمان وقتل الملك؟ وماذا لو تأخرت
رسالة الوشاة قليلا، ليحترق كرسي جيمس الأول بمن فوقه قبل أن يعلن الجند
النفير ويصادروا صندوق الذخيرة؟
"أما
آن لهذا الفارس أن يترجل؟" يسأل ليو وينكلي دون أن ينتظر إجابة من أحد،
لأن أحدا لا يريد أن يطفئ نيران مهرجان استمرت عقودا من الهمجية.
"من يستطيع أن يثبت أن فوكس كان يريد تدمير البرلمان (الديمقراطي) أيها التافهون؟" يسأل الرجل.
صحيح
أن أحدا من صانعي الدمى لا يستطيع أن يدافع عن مخطوطات كتبت في مخدع الملك
منذ أكثر من أربعمئة عام، لكنهم مستعدون جميعا لإشعال الدمى حتى آخر عود
ثقاب ولو كره وينكلي.
قد
يحاول موتور أن يقتل مدير مدرسة جاي فوكس الذي خرج على قومه من محراب
المنطق ليفضح انحراف القلوب وزيغ العقائد، وقد يتحول ليو وينكلي يوما إلى
مجرد دمية يحرقها "المؤمنون" في ميادين لندن الواسعة ليتضوعوا بدخانها
المقدس.
لكن وينكلي مستعد لتحمل كافة النفقات حتى وإن لم يستطع القفز من فوق كرسي المشنقة كما فعل فوكس.
"كيف أبرر لطفل السابعة حرق دمية لرجل لا نعرف عنه إلا ما ترك الرواة وسدنة الملك،" يقول الرجل.
"ولنفترض أن فوكس كان خائنا وأعدم، أين التسامح الديني من ممارساتنا
البغيضة؟" في بريطانيا، استطاع رجل أن يخرج إلى الميادين الصاخبة ليهدم
ثوابت يظنها المغفلون عقيدة، ويدافعون عنها كما يدافعون عن أبنائهم
وأوطانهم.
وفي
بلادنا التي يحرق في ميادينها كل يوم آلاف الدمى، ليتبرك بدخانها الآسود
آلاف البلهاء، لا يخرج وينكلي واحد ليهدم العقائد المسخ، والأفكار التافهة.
في
بلادنا لا يخرج "المؤمنون" للميادين راقصين كما يفعل "مؤمنو" بريطانيا،
لكنهم يخرجون مدججين بالأسلحة والكراهية والغباء لقصف أي هدف يتحرك، وإن
كان طفلا يحبو.
في
بريطانيا، انتصر وينكلي على الخوف، ورفع صوته فوق الأصوات الصاخبة في
الساحات، واستطاع أن يوصل صوته إلى كل البريطانيين الذين يداهنون التاريخ
على حساب المنطق.
وفي
بلادنا التي هدها الجوع والمرض والخوف، لا يخرج وينكلي واحد يفضح زيف الدمي
المحترقة والتاريخ الزائف حتى وإن هلك العباد. شكرا وينكلي.
عبد الرازق أحمد الشاعر
حرائقنا المقدسة
في
بريطانيا، كما في بلادنا التعسة، لا يزال الخارجون عن النص يحاكمون في بلاط
الشعوب بتهمة الخيانة العظمى وإن رحلوا منذ آلاف الصفحات.
ففي
ميادين لندن الفسيحة، يجتمع الخبثاء والبلهاء كل عام ليشقوا الجيوب ويلطموا
الخدود ويحرقوا الدمى انتقاما لرجل لم يروه من رجل لم يعرفوه.
وفي الخامس من كل نوفمبر، يتحول جاي فوكس من صورة باهتة في كتب التاريخ الصفراء إلى دمية من قش تستحق اللعن والحرق والتشويه.
وحولها يتحلق وارثو الأحقاد ليصبوا جام غضبهم على رجل أراد أن يخرج
بريطانيا ذات يوم من عصمة الملك جيمس الأول ليردها إلى كاثوليكيتها الأولى.
ترى، هل كان بوسع حارقي الدمى أن يخرجوا اليوم إلى شوارع لندن حاملين
المشاعل لو نجحت خطة فوكس في تفجير البرلمان وقتل الملك؟ وماذا لو تأخرت
رسالة الوشاة قليلا، ليحترق كرسي جيمس الأول بمن فوقه قبل أن يعلن الجند
النفير ويصادروا صندوق الذخيرة؟
"أما
آن لهذا الفارس أن يترجل؟" يسأل ليو وينكلي دون أن ينتظر إجابة من أحد،
لأن أحدا لا يريد أن يطفئ نيران مهرجان استمرت عقودا من الهمجية.
"من يستطيع أن يثبت أن فوكس كان يريد تدمير البرلمان (الديمقراطي) أيها التافهون؟" يسأل الرجل.
صحيح
أن أحدا من صانعي الدمى لا يستطيع أن يدافع عن مخطوطات كتبت في مخدع الملك
منذ أكثر من أربعمئة عام، لكنهم مستعدون جميعا لإشعال الدمى حتى آخر عود
ثقاب ولو كره وينكلي.
قد
يحاول موتور أن يقتل مدير مدرسة جاي فوكس الذي خرج على قومه من محراب
المنطق ليفضح انحراف القلوب وزيغ العقائد، وقد يتحول ليو وينكلي يوما إلى
مجرد دمية يحرقها "المؤمنون" في ميادين لندن الواسعة ليتضوعوا بدخانها
المقدس.
لكن وينكلي مستعد لتحمل كافة النفقات حتى وإن لم يستطع القفز من فوق كرسي المشنقة كما فعل فوكس.
"كيف أبرر لطفل السابعة حرق دمية لرجل لا نعرف عنه إلا ما ترك الرواة وسدنة الملك،" يقول الرجل.
"ولنفترض أن فوكس كان خائنا وأعدم، أين التسامح الديني من ممارساتنا
البغيضة؟" في بريطانيا، استطاع رجل أن يخرج إلى الميادين الصاخبة ليهدم
ثوابت يظنها المغفلون عقيدة، ويدافعون عنها كما يدافعون عن أبنائهم
وأوطانهم.
وفي
بلادنا التي يحرق في ميادينها كل يوم آلاف الدمى، ليتبرك بدخانها الآسود
آلاف البلهاء، لا يخرج وينكلي واحد ليهدم العقائد المسخ، والأفكار التافهة.
في
بلادنا لا يخرج "المؤمنون" للميادين راقصين كما يفعل "مؤمنو" بريطانيا،
لكنهم يخرجون مدججين بالأسلحة والكراهية والغباء لقصف أي هدف يتحرك، وإن
كان طفلا يحبو.
في
بريطانيا، انتصر وينكلي على الخوف، ورفع صوته فوق الأصوات الصاخبة في
الساحات، واستطاع أن يوصل صوته إلى كل البريطانيين الذين يداهنون التاريخ
على حساب المنطق.
وفي
بلادنا التي هدها الجوع والمرض والخوف، لا يخرج وينكلي واحد يفضح زيف الدمي
المحترقة والتاريخ الزائف حتى وإن هلك العباد. شكرا وينكلي.
عبد الرازق أحمد الشاعر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق