ومن حكمة الباري تعالى أن تدرج بأخبار العباد من الغريب إلى ما هو أغرب منه؛ فذكر وجود يحيى بن زكريا بين أبوين: أحدهما كبير، والآخر عاقر، ثم ذكر أغرب من ذلك وأعجب؛ وهو وجود عيسى- عليه السلام- من أم بلا أب؛ ليدل عباده أنه الفعال لما يريد، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. السعدي: 131.
وعبر عن تكوين الله لعيسى بفعل يخلق؛ لأنه إيجاد كائن من غير الأسباب المعتادة لإيجاد مثله؛ فهو خَلقٌ أُنُفٌ غير ناشئ عن أسباب إيجاد الناس، فكان لفعل يخلق هنا موقع متعين؛ فإن الصانع إذا صنع شيئا من مواد معتادة وصنعة معتادة لا يقول: خلقت، وإنما يقول: صنعت. ابن عاشور: 3/249.
السؤال:
لماذا عبرت الآية الكريمة بفعل (يخلق) بدلاً من (يصنع)؟
بعث الله كل نبي من الأنبياء بما يناسب أهل زمانه وأما عيسى- عليه السلام- فبعث في زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه إلا أن يكون مؤيدا من الذي شرع الشريعة، فمن أين للطبيب قدرة على إحياء الجماد، أو على مداواة الأكمه والأبرص، وبعث من هو في قبره رهين إلى يوم التناد. ابن كثير: 2/37.
السؤال:
من حكمة الله مخاطبة الناس بما يعرفون، وضح ذلك من خلال معجزة عيسى عليه السلام
( 4 )
{ وَأُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ }
وإنما خص هذين؛ لأنهما داءان عياءان، وكان الغالب في زمن عيسى- عليه السلام- الطب، فأراهم المعجزة من جنس ذلك البغوي: 1/354.
لا أدعوكم إلى شيء إلا كنت أول فاعل له, ولا أدعي أني إله، ولا أدعو إلى عبادة غير الله تعالى كما يدعي الدجال وغيره من الكذبة الذين تظهر الخوارق على أيديهم امتحاناً من الله سبحانه وتعالى لعباده، فيجعلونها سبباً للعلو في الأرض، والترفع على الناس. البقاعي: 2/94.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق