(ألم تروا إلى البرق كيف يمرُّ ويرجع في طرفة عين؟)
[رواه مسلم].
هذا الحديث الشريف ينطوي على معجزة علميةحيث تبيَّن التطابق الكامل بين الكلام النبوي الشريف، وبين ما كشفه
العلماء مؤخراً من عمليات معقدة ودقيقة تحدث في ومضة البرق.
نلخص أهم النتائج التي توصلنا إليها والتي تمثل معجزات علمية في مجال هندسة الكهرباء والبرق ، جميعها في كلمات لا يتجاوز عددها السطر الواحد :
1- تضمّن الحديث الشريف إشارة واضحة لتحرك البرق ومروره وأنه يسير بسرعة محددة ، وليس كما كان يُظن ويعتقد بأن البرق يسير بلمح البصر ولا وجود لأي زمن .
2- تضمّن الحديث إشارة إلى أطوار البرق التي اكتشفها العلماء حديثاً ، وأن البرق يحدث على مراحل وليس كما كان يعتقد أنه يحدث دفعة واحدة ، أي أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حدد المراحل الأساسية التي يحدث خلالها البرق ، ومن دونها لا يمكن لضربة البرق أن تحدث أبداً .
3- حدّد الحديث الشريف اسم كل مرحلة (يمرّ ويرجع) ، باسمها الحقيقي والفعلي ، وبما يتناسب مع الاسم العلمي لها .
4- إن الرسول الكريم هو أول من تحدث عن حقيقة علمية ألا وهي رجوع البرق أو طور الرجوع ، وهذا سبق علمي في الحديث النبوي الشريف .
5- حدّد الحديث النبوي زمن ضربة البرق الواحدة بطرفة عين ، وقد رأينا كيف تساوى هذان الزمنان ، أي أن التشبيه النبوي للبرق بطرفة عين هو تشبيه دقيق جداً من الناحية العلمية .
6- نستطيع اليوم أن نعلم من خلال القياسات الدقيقة أن كمية هائلة من الشحنات السالبة تصل من الغيمة إلى الأرض في أقل من جزء من الألف من الثانية ، وتتولد بعد ذلك الضربة الراجعة والتي تسير عبر قناة محددة بسرعة تصل إلى أكثر من نصف سرعة الضوء كما رأينا والتي تعطي البرق الوميض الذي نراه .
إن القناة التي تسلكها الضربة الراجعة تُستخدم من جديد لضربات أخرى ، أي هنالك مرور ورجوع لشعاع البرق ، أي هنالك تكرار لضربات البرق يمكن أن يكون عدها 3 أو 4 أو أكثر ، وجميعها يُرى على أنه ومضة واحدة .
وإذا تأملنا الحديث من زاوية أخرى نجد بأنه يشير إلى هذا التكرار في الضربات من خلال قوله عليه الصلاة والسلام : ( يمرّ ويرجع ) . وهنا يتجلى الإعجاز أيضاً حيث إن المدة الفاصلة بين الضربة والأخرى هي بحدود 40 ميلي ثانية ، وهذا الزمن قريب جداً للزمن اللازم لطرفة العين ، فسبحان الله !
7- من شروط المعجزة في السنة النبوية أن يستحيل معرفة الحقيقة العلمية التي حدثنا عنها الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام في زمنه .
ولو تأملنا التطور العلمي لتجارب البرق نجد أن الدراسة الدقيقة لهذه الظاهرة بدأت في السبعينات من القرن العشرين في أمريكا وأوربا وأستراليا ، ثم في عام 1995 بدأت دراسة البرق من الفضاء من خلال الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا .
ولذلك نستطيع القول إن الحديث يمثل معجزة علمية لا ريب فيها ، لأنه أخبرنا بحقيقة علمية لم يتم التأكد منها يقيناً وبالصور الحقيقية إلا في نهاية القرن العشرين ، أي بعد أربعة عشر قرناً من الزمان .
وفي ختام هذا لا بدّ من الإجابة عن سؤال قد يخطر ببال من يقرأ هذا : إذا كان هذا الحديث يتضمن كل هذه الدقة العلمية والتفاصيل حول عملية البرق المعقدة ، فلماذا لم يكتشف علماء المسلمين هذه المراحل ؟ بل على العكس نرى علماء الغرب وهم من غير المسلمين يكتشفون هذه العمليات وهم لم يقرءوا هذا الحديث ولم يطلعوا عليه ؟
والجواب ببساطة أن المسلمين يصدّقون كل ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام ، ولكن غير المسلم هو من سيستفيد من هذه الحقائق وهذه المعجزات لتكون برهاناً ملموساً له على صدق رسالة الإسلام .
فالنبيّ عليه الصلاة والسلام عندما يخاطب الملحدين بحقائق علمية هم من سيكتشفها فإن هذا قمَّة التفوق والإقناع بأن الرسول على حق !
والشيء المعجز حقاً أن الرسول الأعظم استخدم هذه المعجزة العلمية أثناء الحديث عن القيامة التي ينكرها الملحدون ، وكأنه يريد أن يخاطبهم بلغة العلم التي يفهمونها جيداً ويؤكد لهم : كما أنهم رأوا حقيقة مرور البرق ورجوعه وهي حقيقة يقينية ، فكذلك سوف يرون حقيقة يوم القيامة والمرور على الصراط . والسؤال أليس الإسلام يخاطب أعداءه بلغة العلم ؟
فالمؤمن يزداد إيماناً عندما يرى هذه المعجزة النبوية ، وإذا لم تتيسر له رؤية هذه المعجزة أو غيرها فلن يختل إيمانه أبداً ! أما الملحد فلا تقنعه إلا البراهين العلمية المادية ، وهذا الحديث هو واحد منها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق