صورة تخيلية لبرج بابل.
كانت مدينة بابل أكبر وأغنى مدينة في العالم القديم خلال القرنين السابع والسادس قبل الميلاد، حيث بلغت ذروتها في عهد الملك (نبوخذنصّر الثاني)، الذي خاض عدة حروب ضد الآشوريين والمصريين القداماء، ووسع نطاق إمبراطوريته في العراق الجديد، حيث قُدرت مساحة بابل في ذلك الوقت بـ600 كليلومتر مربع! تفاخر (نبوخذنصر الثاني) بالمعابد الشاهقة والقصور المزخرفة وسماكة جدرانها التي كانت تتسع لمركبتين متحاذيتين.
وفقاً للأسطورة، ربما كانت مدينة بابل موطناً لحدائق بابل المعلقة، إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، وربما موطن برج بابل الذي كان الهدف من بناؤه ملامسة السماء.
تعود هذه الصورة لزمن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، بإمكانكم رؤية قصر صدام حسين الصيفي وخلفه أنقاض مدينة بابل.صورة: U.S. Navy photo
صدقت تنبؤات ”أنبياء“ العهد القديم ولم تدم أيام مجدِ مدينة بابل طويلاً، حيث سقطت هذه المدينة العظمى على يد الفرس في عام 539 قبل الميلاد، وانهارت ببطء على مدى قرون من الغزوات والاحتلالات.
على الرغم من تصنيف موقع مدينة بابل الأثري كإحدى مواقع التراث العالمي من طرف اليونيسكو في عام 2019، إلا أنه لم يتبق الكثير لرؤيته، فإن قمت اليوم برحلة إلى بابل، التي تقع على بعد 85 كيلومتر جنوب بغداد، فستشاهد مبانٍ شيدها صدام حسين خلال فترة السبعينيات، والتي دُمرت جزئياً بفعل الحرب.
يا لها من نهاية مأساوية لمثل هذه المدينة الأسطورية!
حمورابي وشريعته
رسم تخيلي لما كانت عليه الحدائق المعلقة. على الرغم من الاعتقاد السائد أن الحدائق موجودة في بابل، لكن الدراسات تشير إلى احتمال وجودها في نينوى، شمال العراق حالياً.
ربما كان (نبوخذنصر) أشهر حكام بابل، ولكنه ليس أولهم. فعلى مدى آلاف السنين، ظهرت عدة إمبراطوريات وازدهرت ثم سقطت لتعاود الظهور مرة أخرى في تلك المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات.
كان حمورابي أول ملك يوحّد قبائل ما بين النهرين المتحاربة في دولة واحدة قوية خلال القرن الثامن عشر قبل الميلاد، حيث لم تقتصر إنجازاته خلال فترة حكمه التي استمرت لمدة 43 عاماً على غزو أو بناء تحالفات مع ألد أعداء بابل فحسب، بل بنى أيضاً مدينة بابل مستعيناً بالتصاميم الهندسية القديمة وتطبيق العدالة بين السكان.
أمر حمورابي ببناء قنوات متشعبة لتزويد سكان بابل بالمياه العذبة، وتحصين أسوار المدينة ضد الغزاة، كما اهتم بنفسه بتوزيع الغذاء وتأميل الأمن العام للمدينة، التي مثّلت شيئاً جديداً في العالم القديم، وهو اختلاط العشائر والقبائل التي تنتمي لثقافات مختلفة.
أنشأ حمورابي قانونه الشهير «شريعة حمورابي» من أجل الحفاظ على السلامة بين الناس الذين لا تجمعهم روابط دم أو دين، حيث دوّن الجرائم والعقوبات في قائمة مفصلة:
إذا فقأ أحدهم عين رجل آخر، فيحق للرجل المتضرر أن يفقأ عين الذي أصابه.
إذا كسر أحدهم عظم رجل آخر، فيحق له أن يكسر له عظمه.
إذا حطم أحدهم أسنان رجل آخر، من حق المتضرر أن يحطم أسنان من أصابه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق