عودة الرقيب ضرورة ملحة للخروج من المأذق الذي يعاني منه الفن هذه الأيام؛ لابد من عودة الرقابة الدقيقة الشديدة على المصنفات الفنية، للقضاء على الإسفاف وفساد الأذواق.
حقًا كنا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى نهاجم الرقابة الفنية لاعتقادنا أن تحكم الرقيب وتدخلاته في كل صغيرة وكبيرة هو عمل غير مشروع، ويقمع الفكر ويَّحُوْلُ دون الإبداع، وأنه يجب توافر الحرية الكاملة للمبدعين، لإزدهار الحركة الأدبية والفنية؛ لكن في ظل الرقابة، والقيود شهدت مصر أروع الأعمال الفنية سواء في مجال الدراما بأنواعها، أو الموسيقي والغناء، حتى إنها أصبحت تراثًا خالدًا نفتخر به عبر الزمان.
كانت الإذاعة والتليفزيون المصرى في تلك العهود، لديها لجان استماع ترفض الأصوات الرديئة، والموسيقي النشاز، كان الفن يرتقى بالأذواق، ليعتاد الناس على الجمال في كل شيء، لتنشأ أجيال جديدة تُجَّمِّلُ الحياة بحس مرهف لمعنى الكلام، وجمال العبارة، والشعور بتناسق ألوان الحياة، و(استساغة الأصوات الجميلة)!!!
بعكس ما يحدث الآن في ظل الفوضي؛ حيث هبط الفن لقاع المجتمع، وطفت نفاياته على السطح، وامتهن الفن عديمى المواهب، ففقدنا الريادة، والمثل العليا، وتاهت قوانا الناعمة؛ عندما أصبحت كلمات الأغاني بعيدة عن اللياقة، والأعمال الفنية تظهر المجتمع كأنه مجموعة من الرعاع و البلطجية والعقد الدرامية، وحلولها لا تمت بصلة لقيم مجتمعنا الأصيلة، بالإضافة لإصابة التليفزيون بلعنة المنتج المنفذ؛ الذي حَّوَّلَ الأعمال التليفزيونية كأفلام المقاولات؛ فهو لا يهتم بالمعايير الفنية، ولا القيم الاجتماعية، بل بالربح المادى فقط، فهو من أهم أبواب الفساد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق