التفسير الميسر لسورة الإنسان - منتديات غزل وحنين

التفسير الميسر لسورة الإنسان - منتديات غزل وحنين



عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ
اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ
يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى
حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ
لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً (9) إِنَّا
نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (10)

هذا الشراب الذي مزج من الكافور هو عين يشرب منها عباد الله, يتصرفون فيها,
ويُجْرونها حيث شاؤوا إجراءً سهلا. هؤلاء كانوا في الدنيا يوفون بما أوجبوا
على أنفسهم من طاعة الله, ويخافون عقاب الله في يوم القيامة الذي يكون ضرره
خطيرًا, وشره فاشيًا منتشرًا على الناس, إلا مَن رحم الله, ويُطْعِمون الطعام
مع حبهم له وحاجتهم إليه, فقيرًا عاجزًا عن الكسب لا يملك من حطام الدنيا
شيئًا, وطفلا مات أبوه ولا مال له, وأسيرًا أُسر في الحرب من المشركين
وغيرهم, ويقولون في أنفسهم: إنما نحسن إليكم ابتغاء مرضاة الله, وطلب ثوابه,
لا نبتغي عوضًا ولا نقصد حمدًا ولا ثناءً منكم. إنا نخاف من ربنا يومًا
شديدًا تَعْبِس فيه الوجوه, وتتقطَّبُ الجباه مِن فظاعة أمره وشدة هوله.

فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً
وَسُرُوراً (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (12)
مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا
زَمْهَرِيراً (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا
تَذْلِيلاً (14)

فوقاهم الله من شدائد ذلك اليوم, وأعطاهم حسنًا ونورًا في وجوههم, وبهجة
وفرحًا في قلوبهم, وأثابهم بصبرهم في الدنيا على الطاعة جنة عظيمة يأكلون
منها ما شاؤوا, ويَلْبَسون فيها الحرير الناعم, متكئين فيها على الأسرَّة
المزينة بفاخر الثياب والستور, لا يرون فيها حر شمس ولا شدة برد, وقريبة منهم
أشجار الجنة مظللة عليهم, وسُهِّل لهم أَخْذُ ثمارها تسهيلا.

وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ
قَوَارِيرَ (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً (16)
وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً (17) عَيْناً
فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (18)

ويدور عليهم الخدم بأواني الطعام الفضيَّة, وأكواب الشراب من الزجاج, زجاج من
فضة, قدَّرها السقاة على مقدار ما يشتهي الشاربون لا تزيد ولا تنقص, ويُسْقَى
هؤلاء الأبرار في الجنة كأسًا مملوءة خمرًا مزجت بالزنجبيل, يشربون مِن عينٍ
في الجنة تسمى سلسبيلا؛ لسلامة شرابها وسهولة مساغه وطيبه.

وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ
حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنثُوراً (19)

ويدور على هؤلاء الأبرار لخدمتهم غلمان دائمون على حالهم, إذا أبصرتهم
ظننتهم- لحسنهم وصفاء ألوانهم إشراق وجوههم- اللؤلؤ المفرَّق المضيء.

وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (20)

وإذا أبصرت أيَّ مكان في الجنة رأيت فيه نعيمًا لا يُدْركه الوصف، ومُلْكا
عظيمًا واسعًا لا غاية له.

عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ
مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً (21)

يعلوهم ويجمل أبدانهم ثياب بطائنها من الحرير الرقيق الأخضر, وظاهرها من
الحرير الغليظ, ويُحَلَّون من الحليِّ بأساور من الفضة, وسقاهم ربهم فوق ذلك
النعيم شرابًا لا رجس فيه ولا دنس.

إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (22)

ويقال لهم: إن هذا أُعِدَّ لكم مقابل أعمالكم الصالحة, وكان عملكم في الدنيا
عند الله مرضيًا مقبولا.

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً (23)

إنا نحن نَزَّلْنا عليك -أيها الرسول- القرآن تنزيلا من عندنا؛ لتذكر الناس
بما فيه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب.

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (24)
وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (25)

فاصبر لحكم ربك القدري واقبله, ولحكمه الديني فامض عليه, ولا تطع من المشركين
من كان منغمسًا في الشهوات أو مبالغًا في الكفر والضلال, وداوم على ذكر اسم
ربك ودعائه في أول النهار وآخره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق