كوميديا القارة السوداء
كوميديا القارة السوداء
كوميديا القارة السوداء
كوميديا القارة السوداء
كلنا
في الهم أفارقة .. هذا ما تؤكده الوجوه السوداء التي تراصفت أمام محطات
الاقتراع في أبودجا، في انتظار انطلاق ماراثون رئاسي لا ناقة للفقراء فيه
ولا خطام. الغريب في انتخابات أبودجا أن الصناديق السوداء أفرزت، ولأول
مرة في تاريخ البلد المنكوب، رئيسا من صفوف المعارضة بفارق مليوني صوت
خافت مبحوح.
لكن الديمقراطية التي انتصرت اليوم في أكبر بلد إفريقي من حيث عدد السكان حملت سفاحا ذات تاريخ من محمدو بخاري نفسه.
الفارق أن الرجل القادم من أقاصي الشمال المعدم جاء مجردا من النياشين والمدرعات هذه المرة ليدخل قصر أبودجا دون قتال.
عام
1983، دخل محمدو بخاري نفسه قصر الرئاسة في لاغوس، أيام كانت عاصمة
للبلاد، ليخلع شيهو شنغاري الرئيس المنتخب، ويجلس فوق عرشه الوثير حتى
1985.
ولأن
الله يمهل الجنرالات ولا يهملهم، جاء إبراهيم بابنغيدا ليرد الصاع لمحمدو
بخاري صاعين، ويطرده من قصر الرئاسة حافيا كما دخله أول مرة. فسبحان من
أعز وسبحان من أذل.
اليوم، يدخل بخاري قصر أبودجا محمولا على محفة الديمقراطية، ليعلن انتصاره
الأخير على ثوار أبودجا وذاكرتهم الذبابية. واليوم، يصفق شعب نيجيريا،
الذي يعيش أربع أخماسه تحت خطوط الفقر، لرجل لم يستطع – رغم الأخشاب
المقددة فوق كتفيه – إنقاذ البلاد من براثن الفقر وأنياب الحاجة ذات
انقلاب.
لكن
أبناء النيجر الذين خيب محمدو بخاري آمالهم وشهر أسلاكه الشائكة في وجوهم
العابسة ذات مجاعة، لن يستطيعوا أن ينسوا كما نسي أبناء لاجوس وجه الرجل
وجبينه المقطب، وهو يشيح بوجهه عنهم ويطردهم ككلاب ضالة من أمام صناديق
القمامة في العاصمة. ولن يستطيع أحفاد من رحلوا مسغبة أن يمزقوا تاريخه
الأسود من قلوبهم المحتقنة.
وحدهم
النيجيريون قادرون على الصفح. وحدهم أبناء أبودجا قادرون على تحويل
الانقلاب إلى ديمقراطية، والوقوف أمام صناديق الاقتراع يتلظون بلفح الهجير
ليقولوا نعم لمن قال لديمقراطيتهم ذات تاريخ بملء ماسورة بندقيته المحشوة
بالرصاص “لا”.
لكن
أبناء أبودجا ليسوا بدعا من الشعوب التي طاردت رؤساءها حتى الحدود، ثم
عادت لترقص في الميادين حاملة صورهم الفلكلورية المدهشة وهم يرتلون أهازيج
النصر وقصائد الوطنية.
اليوم
يعلن محمدو بخاري الحرب على الفساد، وكأنه لم يكن ذات يوم جزءا منه،
ويتوعد أبناء بوكو حرام بالويل والثبور وكأن حكمه الرشيد لم يكن حاضنة
لفكرهم المتطرف وشريعتهم المفتراة. واليوم يرقص النيجيريون في ميادين
الحريات حاملين صورة الديكتاتور الديمقراطي في مشهد هزلي مؤسف يذكر
بالكوميديا السوداء لفوكنر وجوزيف هيلر ومارك توين حيث يختلط التابو
بالسخرية في مشهد يثير الحزن والقرف.
ربما
يعيد محمدو بخاري للنيجيريين أمنهم، وقد يستطيع بما أوتي من دعم كاميروني
وتشادي ونيجري أن يدفع عن البلاد والعباد شر جماعة بوكو حرام التي عاثت في
شرق البلاد فسادا، لكن أحدا لا يستطيع أن يثق بقدرة الرجل على استئصال
شأفة فساد هو ضالع فيه برتبة جنرال.
في الهم أفارقة .. هذا ما تؤكده الوجوه السوداء التي تراصفت أمام محطات
الاقتراع في أبودجا، في انتظار انطلاق ماراثون رئاسي لا ناقة للفقراء فيه
ولا خطام. الغريب في انتخابات أبودجا أن الصناديق السوداء أفرزت، ولأول
مرة في تاريخ البلد المنكوب، رئيسا من صفوف المعارضة بفارق مليوني صوت
خافت مبحوح.
لكن الديمقراطية التي انتصرت اليوم في أكبر بلد إفريقي من حيث عدد السكان حملت سفاحا ذات تاريخ من محمدو بخاري نفسه.
الفارق أن الرجل القادم من أقاصي الشمال المعدم جاء مجردا من النياشين والمدرعات هذه المرة ليدخل قصر أبودجا دون قتال.
عام
1983، دخل محمدو بخاري نفسه قصر الرئاسة في لاغوس، أيام كانت عاصمة
للبلاد، ليخلع شيهو شنغاري الرئيس المنتخب، ويجلس فوق عرشه الوثير حتى
1985.
ولأن
الله يمهل الجنرالات ولا يهملهم، جاء إبراهيم بابنغيدا ليرد الصاع لمحمدو
بخاري صاعين، ويطرده من قصر الرئاسة حافيا كما دخله أول مرة. فسبحان من
أعز وسبحان من أذل.
اليوم، يدخل بخاري قصر أبودجا محمولا على محفة الديمقراطية، ليعلن انتصاره
الأخير على ثوار أبودجا وذاكرتهم الذبابية. واليوم، يصفق شعب نيجيريا،
الذي يعيش أربع أخماسه تحت خطوط الفقر، لرجل لم يستطع – رغم الأخشاب
المقددة فوق كتفيه – إنقاذ البلاد من براثن الفقر وأنياب الحاجة ذات
انقلاب.
لكن
أبناء النيجر الذين خيب محمدو بخاري آمالهم وشهر أسلاكه الشائكة في وجوهم
العابسة ذات مجاعة، لن يستطيعوا أن ينسوا كما نسي أبناء لاجوس وجه الرجل
وجبينه المقطب، وهو يشيح بوجهه عنهم ويطردهم ككلاب ضالة من أمام صناديق
القمامة في العاصمة. ولن يستطيع أحفاد من رحلوا مسغبة أن يمزقوا تاريخه
الأسود من قلوبهم المحتقنة.
وحدهم
النيجيريون قادرون على الصفح. وحدهم أبناء أبودجا قادرون على تحويل
الانقلاب إلى ديمقراطية، والوقوف أمام صناديق الاقتراع يتلظون بلفح الهجير
ليقولوا نعم لمن قال لديمقراطيتهم ذات تاريخ بملء ماسورة بندقيته المحشوة
بالرصاص “لا”.
لكن
أبناء أبودجا ليسوا بدعا من الشعوب التي طاردت رؤساءها حتى الحدود، ثم
عادت لترقص في الميادين حاملة صورهم الفلكلورية المدهشة وهم يرتلون أهازيج
النصر وقصائد الوطنية.
اليوم
يعلن محمدو بخاري الحرب على الفساد، وكأنه لم يكن ذات يوم جزءا منه،
ويتوعد أبناء بوكو حرام بالويل والثبور وكأن حكمه الرشيد لم يكن حاضنة
لفكرهم المتطرف وشريعتهم المفتراة. واليوم يرقص النيجيريون في ميادين
الحريات حاملين صورة الديكتاتور الديمقراطي في مشهد هزلي مؤسف يذكر
بالكوميديا السوداء لفوكنر وجوزيف هيلر ومارك توين حيث يختلط التابو
بالسخرية في مشهد يثير الحزن والقرف.
ربما
يعيد محمدو بخاري للنيجيريين أمنهم، وقد يستطيع بما أوتي من دعم كاميروني
وتشادي ونيجري أن يدفع عن البلاد والعباد شر جماعة بوكو حرام التي عاثت في
شرق البلاد فسادا، لكن أحدا لا يستطيع أن يثق بقدرة الرجل على استئصال
شأفة فساد هو ضالع فيه برتبة جنرال.
عبد الرازق أحمد الشاعر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق