مقالة اليوم للكاتب/مأمون البسيونى 7/6/2018
انقل من كتابى ” الفراشة واللهب ” فى رحيل شاهندة
” 1″
لم يحضر صلاح حسين حفل زواجى المتواضع جدا على ابنة خالته عليه هانم عبد الغفار , وجاءت شاهندة بعد فترة من الزمن تهنؤنا وتحمل هدية لابنة عمّتها—طاقم من صحون الميلامين أبيض اللون .
وهى متّشحة بالسواد , لاتزال تلتصق بالأحداث الساخنة لإغتيال زوجها وما ارتبط به من قيام “كمشيش ” فى هبّة ضد الإقطاع تلقى بظلالها على الريف المصرى بأكمله.
بدت فى الأفق نذر ملل الدولة وجهات كثيرة متربّصة من هذا الاستمرار من جانب القرية, تحاول أن تفرض مفاهيم جديدة خارج الخطوط المحددة لمنهج وفلسفة عبد الناصر وقادة يوليو .
وشاهندة وقد خلفت زوجها فى قيادة القرية ,تجاهد فى أن تستقل عن الجميع .جاؤا, من كل حدب وصوب, يحملون النوايا الطيبة ,أو مشاعرالرغبة فى الوثوب والانتهازية .
يشاهدون قرية تعيش فى العراء , خرج رجالها ونساءها وأطفالها, يطلقون النواح والزغاريد , ينسون هموم العيش, وينشغلون بالمظاهرات وتأليف الشعارات توحى بأحلام الفلاح البسيط , حاول صلاح حسين أن يكسوها بالوعى .
يرى أنّ الإصلاح الزراعى وتحديد الملكية هو مجرّد ملامسة الماضى البائس للفلاح المصرى ! أما مستقبله وأمله فى حياة كريمة, لاتمت بصلة للجشع والنهم بلا حدود والذى مارسه الإقطاعيون فى قرى مصر لسنين طويلة ,مجرّد الحاجات الرئيسية للحياة : الماء النظيف والمسكن الملائم وحق التعليم والعلاج ..تلك الرؤية لصالح الأغلبية الساحقة من سكّان مصر والتى يشكّلها الفلاحون : دفعت صلاح حسين إلى صفوف الإخوان المسلمين ,يستنجد عدالة السماء .كما دفعته إلى صفوف الشيوعيين,يبحث فى نظرياتهم وخطوطهم حول العدالة الاجتماعية.
وهاهو يقف أخيرا ومعه حبيبته وزوجته شاهندة, ينتظم مع جنوده من قادة القرية فى تنظيم ثورة يوليو فى طبعته الجديدة – الاتّحاد الاشتراكى العربى ! يحّذر الثورة ,ويكتب التقارير والخطابات لقائدها جمال عبدالناصر,والمسؤولين فى الاتّحاد الاشتراكى,محذّرا, ومحدّدا للمخاطر تتربّص بمسيرة البلاد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق