متى يبدأ قيام الليل؟

 

متى يبدأ قيام الليل؟


 

متى يبدأ قيام الليل؟
قيام الليل من أعظم ما يتعبّد به المسلم ربّه -عزّ وجلّ-، وقد بحث أهل العلم مسائله وأحكامه، ومنها وقت بدايته، وقد أجمع أهل الفقه على أنّ وقت قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء، سواء سُبِق بنومٍ أو لم يُسبَق، ويمتدّ إلى أذان الفجر.

 

وقيام الليل الذي جاءت النصوص الشّرعية ترغّب فيه وتحثّ عليه هو الوقت الممتد من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر، ومن أبرز الأحاديث التي تؤكّد ذلك ما صحّ عن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يُصَلِّي فِيما بيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِن صَلَاةِ العِشَاءِ، وَهي الَّتي يَدْعُو النَّاسُ العَتَمَةَ، إلى الفَجْرِ، إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بوَاحِدَةٍ ...)

 

أفضل وقت لقيام الليل
ذهب جمهور أهل العلم إلى أنّ أفضل وقت لقيام الليل هو الوقت الواقع قبل آخره؛ أي: السّدس الرابع والخامس منه، واستدلوا بما ثبت عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السَّلَامُ، وأَحَبُّ الصِّيَامِ إلى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وكانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ويقومُ ثُلُثَهُ، ويَنَامُ سُدُسَهُ، ويَصُومُ يَوْمًا، ويُفْطِرُ يَوْمًا)، وللفقهاء في المسألة تفصيل، يمكن إجمالها على النّحو الآتي:

 

قالوا إنّ النّصف الأخير من الليل أفضل من النّصف الأول؛ لخلّوه من المعاصي غالباً، ولما صحّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).


قالوا لو أراد المسلم أنْ يُقسّم ليله ثلاثة أثلاث؛ بحيث يقوم في ثلث منها وينام ثلثين؛ فالثلث الأوسط للقيام أفضل؛ لأنّ العبادة فيه أثقل على النّفس؛ فأجرها يكون أكبر.
ذهب المالكية إلى أنّ الأفضل قيام الثلث الأخير من الليل، إلا لمنْ كان الغالب من حاله أنْ لا يستيقظ في هذا الوقت؛ فالأفضل له أنْ يجعل قيامه في أوّل الليل من باب الاحتياط.
يرى الشافعية والحنابلة كراهة قيام كلّ الليل، واستدلوا بما ثبت من حديث عائشة -رضي الله عنها-: (... وَلَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَرَأَ القُرْآنَ كُلَّهُ في لَيْلَةٍ، وَلَا صَلَّى لَيْلَةً إلى الصُّبْحِ ...)، واستثنوا من ذلك ليالي العشر الأواخر.


التّطوع بين المغرب والعشاء
رغم أنّ أهل العلم متّفقون على أنّ قيام الليل يكون بعد صلاة العشاء، إلا أنّهم أجمعوا على استحباب صلاة التّطوع ما بين المغرب والعشاء؛واستندوا في ذلك لعدّة أدلة، منها حديث حذيفة -رضي الله عنه-: (... فأتيتُ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- فصلَّيتُ معَهُ المغربَ، فصلَّى حتَّى صلَّى العشاءَ ...).

 

وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- ينتهزون هذا الوقت في صلاة التّطوع، فقد أخرج أبو داود عن قتادة بن دعامة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- في هذهِ الآيةِ ("تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ"، قالَ: كانوا يتَيقَّظونَ ما بينَ المغربِ والعِشاءِ يُصلُّونَ، وَكانَ الحسنُ يقولُ قيامُ اللَّيلِ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق