لعبت طائفة الحمّارة دوراً مهماً في القرن التاسع عشر، عندما كانت وسيلة المواصلات الرئيسية لعامة الشعب في القاهرة وقتذاك هي «الحمير»، لذا كان عدد أفراد هذه الطائفة كبير مقارنة بأعضاء الحرف الأخرى، ونظمت حرفتهم مجموعة من اللوائح الرسمية.
مواقف الحمير في القاهرة
وكان سكان القاهرة يستطيعون التنقل بسهولة بالرغم من اتساع المدينة، بسبب كثرة أعداد الحمير والتي لا يخلو منها شارع من شوارع القاهرة تقريباً، وكانت مميزاتها السرعة والقوة وبالتالي قطع المسافة الطويلة في وقت قصير.
„
وكانت العادة أن يركب أغنياء التجار وكبار العلماء البغال، وكان سرجها كبرذعة الحمير تقريباً، وعندما يكون الراكب عالماً تُغطى العدة بسجادة. ويركب نساء الطبقتين العليا والوسطى الحمير عندما يخرجن للزيارة أو غيرها.
وكان الحمار أرخص وسيلة انتقال وأفضلها خاصة أن صغر حجمه جعله أكثر قدرة على ولوج حواري وأزقة القاهرة، وكان من السهل لمن لا يملك حماراً أن يستأجر واحداً من المكاريين (صاحب الحمار أو من يتولى رعايته) والذين كانت لهم مواقف معروفة أغلبها عند أبواب القاهرة ومداخل أسواقها وأماكنها المشهورة.
ويُجهز الحمار ببرذعة محشوة يُغطى مقدمها بالجلد الأحمر ومقعدها بشرائط صوفية ناعمة، ويكون الرِكاب عالياً دائماً، ولتفادي حوادث الحمير كان المكاري أو صبيه يجري بجانب الحمار أو خلفه ليطلق نداءات لإبعاد المارة عن طريقه.
ورغم أن هذه النداءات كانت تقلل من حوادث المشاة، فإنها لم تكن تمنع إصابة راكب الحمار أحياناً جراء سقوط حمل من فوق جمل يسير سريعاً بجانب الحمار في الشوارع الضيقة المزدحمة.
البغال للأغنياء والحمير للفقراء
وكانت العادة أن يركب أغنياء التجار وكبار العلماء البغال، وكان سرجها كبرذعة الحمير تقريباً، وعندما يكون الراكب عالماً تُغطى العدة بسجادة. ويركب نساء الطبقتين العليا والوسطى الحمير عندما يخرجن للزيارة أو غيرها، ويجلسن على براذع مرتفعة عريضة تُغطى بسجادة صغيرة، ويسير في ركابهن رجل واحد أو رجلان كل منهما في جانب، ويركب نساء الحريم جميعهن معاً الواحدة خلف الأخرى.
ويُطلق على الحمار الذي يُجهز بالبرذعة المرتفعة «الحمار العالي» وتركب سيدات الطبقات العليا وسيدات الطبقات الوسطى الحمير المجهزة بهذه الطريقة، وإذا لم تستطع السيدة الحصول على حمار عالٍ تركب آخر مما يركبه الرجال، بعد أن يُوضع على البرذعة سجادة، وكثيراً ما كان يفعل ذلك نساء الطبقة الدنيا ونساء الطبقة الوسطى.
حوادث ولوائح العربجية
وكان العربجية (لفظ أطلقته العامة على أصحاب هذه الحرفة) الذين يسوقون العربات المخصصة للركوب والعربات المحملة بسائر الأشياء لا يراعون حركة سير المشاة، ويسوقون العربات بسرعتها ويتسببون في الحوادث التي تزهق فيها الأرواح، بل ويضربون المارة.
“
وكانت هناك لائحة بالأساليب السليمة التي يجب أن يتبعها العربجية في السير مثل عدم سير العربات بسرعة، وأن يوضعوا في اعتبارهم المارة الذي يكونون بالأمام واليمين والشمال، وإذا تقابلت عربتان في زقاق فالعربة التي تكون في محل متسع تقف حتى تمر العربة الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق