من قوانين الحكمة .. خمس دقائق صامتة !
دقائق ثمينة للغاية تمر بعمر الإنسان ، يستطيع معها تغيير نمط حياته ،
وتعديل توجهه إلى الأفضل ، وتقويم سلوكه ، وربما مرت به دقائق
كانت مفصلية في مستقبله كله ..
أحدثك ههنا عن خمس دقائق خاصة ، تلكم التي أعظك أن تتروى فيها
وتهدأ وتصبر وتتأنى ، لا أن تبادر وتُقدم وتبدأ ،
بل هي خمس دقائق صامتة ساكنة هادئة !
إنها كتلك الدقائق الخمس التي تتأنى فيها في لحظة القرار المفاجىء ،
حتى تفكر فيه جيدا وتزنه وتتدبره ، فكثيرا ما يبرز لنا قرار على غير
انتظار ، خطوة تنفيذية مفاجئة ، تسجيل في عمل ، سفر ، المشاركة
في خير ، قضاء وقت ما ، كل ذلك قد يدعوك إلى قرار فوري لحظي ،
وكثيرا ما نتخذ ذلك القرار اللحظي فورا ، ثم نندم عليه بعد فترة ،
لما ترتب عليه من سلبيات ، ثم نقول في أنفسنا .. لو تروينا قليلا قبل
القرار .. ولو لخمسة دقائق نستخير فيها الخالق ونزن الموقف !
وهي كذلك الخمس دقائق التي تصبر فيها ساعة الغضب ، وتهدأ ،
وتستبصر ، قبل أن تقدم على أي سلوك مبني على الغضب ،
أو أي خطوة اساسها إنفاذ ثورة الغضب ..
فلحظة الغضب لحظة طائشة في غالب الأحيان ، يستغلها الشيطان ليدفع
المرء إلى ما يندم عليه بعده ، لذلك نصح النبي صلى الله عليه وسلم
فقال
” لا تغضب ”
، إذ فيها يرتكب الإنسان الأخطاء وربما الخطايا !
وأنا هنا أدعوك لخمس دقائق قبل إنفاذ غضبك ، تهدأ فيها ، وتستعذ
بالله ربك ، وتتوضأ ، ثم تفكر في جدوى سلوكك الثأري الغاضب على
نفسك وعلى من حولك ، وهل يسمح به دينك ، وهل يرضي ربك ،
وهل تترتب عليه سلبيات ؟! .. وهل سيؤدي إلى إيجابية أو نتيجة طيبة ..
وهكذا , خمس دقائق قد تنقذك من شر الغضب الذي لطالما ندم
من أثره الناس بعدما صار الندم لا ينفع ..
خمس دقائق ايضا أطلب منك أن تراجع فيها نفسك عندما تلوح لك شهوة
مزينة مزخرفة لامعة ، أو معصية بارزة سهلة المنال ، فتصبر عليها ،
وتستعيذ بالله منها ، وتنظر ما فيها من خسران ، وتزن مقدار الضرر
الذي سيترتب عليك بعد إنفاذ شهواتك ، ومقدار الندم المسيطر عليك بعد
الوقوع في معصيتك ، فتزجر نفسك ، وتؤدبها ، وتقمع شيطانك ، وتغسل
قلبك من درن الإثم وخبثه ، وتعود إلى ربك مستغفرا طائعا ،
بقلب نوراني تائب ..
كذلك فهي الدقائق الخمس التي تصمت فيها لحظة تعدي البعض عليك
أو تجنيهم ، أوخطئهم فيك ، وأنت تستطيع الرد والانتصار لنفسك ، لكنك
تهدا وتصبر، وتختار ما عند الله ، فتعفو وتصفح وتغفر وتسامح ، وتدفع
بالتي هي أحسن ،
{ فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } ..
إنها أغلى خمس دقائق صامتة في حياتك ، وأجدرها بالاهتمام والتطبيق
والتنفيذ والتعود .. إنها من قوانين الحكمة التي غابت
في زمن غابت عنه الفضائل ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق