السرايا الصفرا أو مستشفي الأمراض العقلية بالعباسية هي جزء من تاريخ مصر الحديث وتتضمن بين جدرانها الكثير من الحكايات التاريخية المهمة والتي سوف نسلط عليها الضوء من خلال هذا المقال.
"مستشفى المجانين" أو السرايا الصفرا من أبرز الأسماء التي أطلقت على مستشفى العباسية للأمراض النفسية والعصبية، وبالإضافة إلى الصورة الذهنية التي رسختها الأعمال الدراميه من خلال تناولها لتلك المستشفى التي ظلمت وأصابتها وصمة عار حتى الآن.
في مصر كل شيء تجد به رائحة التاريخ , الشوارع والأزقة حتي المباني تشعر أنها مجرد كتاب من كتب التاريخ يحمل بين طياته العديد من الحكايات والقصص العجيبة والغريبة , مصر مجرد مجموعة من حدائق التاريخ المتنوعة التي تجد لها عشاق في كل جانب من تاريخها , في كل جزء تجد حكاية وتاريخ مثل تاريخ (السرايا الصفراء) أو مستشفى العباسية للصحة النفسية، ربما يتغير الاسم لكن يظل المكان واحدًا منذ عقود مضت
مستشفى الأمراض العقلية بحي العباسية أحد أحياء القاهرة ذلك الاسم الذي يخشاه البعض وربما الذي صار جزء من تراثنا في الأدب الشعبي ، هو بلا أدني شك الحي والمكان الذي يحمل بصمات من التاريخ الطويل والحكايات علي مصر العصور، اسم الحي صار عنواناً للمستشفى يحمل معاني كثيرة في عقول المصريين والعكس صحيح.
البداية تعود إلي مئات الأعوام في قلب التاريخ الإسلامي مع أحمد بن طولون حينما أمر ببناء مستشفى الأمراض العقلية والنفسية في احد المناطق الصحراوية حيث كانت تعتبر ثاني بيمارستان يتم بناؤه في الدولة الإسلامية بعد البيمارستان النورى في العراق والتي كانت دلالة علي تقدم الحضارة الإسلامية في علوم الطب آنذاك وبعد تدهور حال المستشفيات فى مصر وقتها، هُجرت المستشفى بشكل تدريجى.
ولم تعد حالتها متاحة لاستقبال المرضى، وذلك فى عهد محمد على الذى نقلها إلى منطقة بولاق، بقى هناك المرضى حتى عصر الخديو إسماعيل وتدهورت أحوالهم بصورة كبيرة حتى نقلهم الخديوى إسماعيل عام 1880 إلى قصر بالعباسية على أطراف القاهرة وقتها، وكان القصر يرجع لأحد الأمراء سابقًا ويسمى بالسرايا الحمراء نظرًا للون المبنى المائل للأحمر
وفى عام 1883 فى عهد الخديوى توفيق التهمت النيران المبنى فى حريق ضخم وأتت عليه تمامًا إلا مبنى صغير من طابقين تم طلائه مرة أخرى فى محاولات الترميم باللون الأصفر، وكانت هذه البداية للتسمية. فأطلق عليها "السرايا الصفرا".ولاتزال المستشفى حتى الآن بحي العباسية حيث تبلغ مساحتها الحالية 68 فدانًا.
اما في عهد الخديوي عباس حلمى الثاني أخذت المستشفيات العقلية شكلاً نظامياً عندما تولى إدارتها الطبيب الإنجليزي الدكتور (وارنج) الذى وضع أسساً لقبول ودخول وخروج المرضى من وإلى المستشفى كما قام وللأول مرة بتخصيص عنابر للنساء مغلقة محكمة الغلق على النظام الألماني .
بدأ تنظيم العمل بالمستشفيات العقلية والنفسية طبقا للأمر الإداري لعام 1910 ثم قانون مستشفى المجاذيب عام 1922 والذي تضمن قانون “التمرجية”، ثم تلا ذلك قانون 141 لسنة 1944 وهو القانون المعمول به للان .
من الحكايات التي مازال البعض يتذكرها عن مستشفى العباسية قصة طريفة حدثت وقائعها في عام 1960 حينما حدث هروب جماعي للمرضي من المستشفى حوالي 243 مريض بسبب إهمال حرس المستشفى , لم يجد مدير المستشفى آنذاك حل سوي أن يستدعي الدكتور ( جمال أبو العزم ) والذي كان يباشر علاج غالبية المرضي لإيجاد حل لتلك المشكلة , بالفعل لجأ الدكتور جمال إلي فكرة ذكية حيث طلب إحضار ( صافرة ) وطلب من العاملين الإمساك به وتشكيل شكل قطار وخرجوا في شوارع العباسية مقلداُ القطار بالصافرة , بالفعل تجمع المرضي حينما شاهدوا القطار ليلحقوا به عائدين إلي المستشفى لكن الغريب في الأمر عندما أحصي مدير المستشفى المرضي الفارين في نهاية اليوم وجدهم حوالي 612 مريض بدلاً من 243 مريض !!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق