قصه وعبرة....نحن جهلة حين نحكم على ظاهر ما نراه

 

قصه وعبرة🤍




تقول مديرة مدرسة..
أستوقفتني معلمة السنة الأولى وأنا أتجول في المدرسة، وقد بدى على ملامحها الضيق والغضب والحيرة!!
المديرة : صباح الخير
المعلمة : (بحدة تحاول إخفاءها) سيدة نادية عندي تلميذ تصرفاته غير طبيعية!! ومستفز، وأنا تعبت معه!!
المديرة : في السنة الأولى إبتدائي؟؟ماهي مشكلته؟
المعلمة: دائماً يمسك بوجوه التلاميذ كلما يتحدث معهم !!
وحين يخاطبني يقترب من وجهي كثيرا.
أخبرته أن يترك مسافة بينه وبين اي أحد يتعامل معه ؟! ولكن دون فائدة .. وبعد نقاش طويل وتفاصيل كثيرة، استدعيت التلميذ، وتحدثت معه لأكثر من عشر دقائق . لم يعرني إهتمامه في البداية، ولكن بعد أن عرضت عليه الحلوى، إقترب والحياء يعلو وجهه، ووضع يده على وجهي وابتسم، ثم غادر !
شعرت أنه لابد من إستدعاء والديه، فطريقته في التواصل مع من هم في عمره وحتى مع معلمته، مزعجة وغير إعتيادية .
في اليوم التالي، كنت متأهبة لاستقبال والديه، لابد أنّ الطفل يتعرض ربما للعنف أو ما شابه ذلك ، إلى آخره من هذه الأفكار والإستنتاجات.
وصل والد الطفل ، وبدا على ملامحه القلق من إستدعائه ووالدته تمسك بيد زوجها، بهدوء وثبات، إلى غرفة الإستقبال، وفي نفس اللحظة في ممر الإدارة، دخل الطفل مسرعا إلى حضن أبيه وأخذ يتحسس وجهه وشعره (بنفس طريقته مع زملائه ومعلمته).
قال له الأب : لماذا طلبتني المديرة؟
ماذا فعلت ؟ردّ عليه ببراءة : لا أدري واللّه أنا مجتهد! (وخبّأ وجهه بين يدي والده لعله يشعر بالأمان) !
هنا فقط، إكتملت لدّي الصورة وأدركت كم من الحقائق المهمة قد نغفل عنها !!
دخل الوالدان وأنا أحاول أن ألملم أفكاري المشتتة.
فبادرني بالتحية والسؤال : لعله خيراً؟ إن شاء الله ولدي لم يزعجكم؟ صحيح أنا ضرير لكني أراه بقلبي وعقلي، كل دقيقة ، وأتابع كل حركاته وتصرفاته .
أدركت حينها، أن الطفل تعلم التواصل مع الاخر حسب طريقة والده الضرير ، وأدركت أنه قد تعلم الحب الأنبل من يدي والده ومن ملمس وجهه. وبقلب أثقله الدمع ولسانى يتلعثم أجبته :
ابنك مجتهد ومميز وأردنا مكافأته أمامكما لأنكما جزء من تميزه . الله يجعله نورا للبصر والبصيرة ..!
أخذت أردد في نفسي : كم نحن جهلة حين نحكم على ظاهر ما نراه.. ثم تنكشف الحقيقة، فنُصدَم من جهلنا وتسرُّعَنا في الحكم !

يارب 🤲🏻 ،
لا تنزع من قلوبنا الرحمة ، ولا تتركنا نحيا دون الإحساس بها، ولا تجعلنا نتصرف بما يخالف ضمائرنا، طوّق قلوبنا بالحنان والرقة والسلام يارب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق