خطأ الطبيب هل يضمنه

الســــؤال :
كيفية الضمان إن بذل الطبيب ما في وسعه وأخطأ وأصاب
المريض بعاهة ، وإن أخطأ ولكن لم يصبه بعاهة ، فهناك طبيب
شخص مريضا على أنه مصاب بالزائدة الدودية ، وعندما أجرى
له العملية وجدها سليمة ، فأخرجها ، ثم اكتشف بعد ذلك أن
المريض كان يعاني من مغص كلوي حاد ، وقال الأطباء :
هذا خطأ يمكن أن يقع فيه الأطباء كثيرا ، وأما من ناحية استئصال
الزائدة الدودية وهي سليمة لأنه إن لم يستأصلها فسيقع في حرج
مع المريض ، حيث إنه لا بد أن يخـبره أنها سليمة ، وأنه لم
يستأصلها ، وهذا يسبب له مشاكل جمة ، من قضاء +وسمعته
سيئة ، ومن ناحية أخرى إنه إن لم يخبره فربما أصيب بالتهاب
فيها ، فيذهب إلى طبيب آخر فيرى آثار الجرح السابق فلا يفكر
أنه يعاني من التهاب فيها ، فربما مات المريض نتيجة التمويه
والتعمية الناتجين عن العملية السابقة ، فلا بد أن يفعل أحد
الأمرين : إما أن يخبره ، وإما أن يستأصلها ، هذا والأمر الآخر :
إن هو استأصلها بهذه الصورة ، فهل له أن يأخذ الأجر المتفق
عليه ؟ فهذا مثال واحد فقط مما نقابله من مشكلات في عملنا ،

فإن عالجنا الأمر بغير الشرع – وهذا هو الذي يفعله جميع الأطباء
هنا – فلن يكون مشكلة ، ولكننا نريد أن نطبق الشرع على أنفسنا
فأعينونا أعانكم الله .

الإجابة
أولا : إذا فعل الطبيب ما أمر بفعله وكـان حاذقا في صناعته ماهرا
في معرفة المرض الذي يجري من أجله العملية وفي إجرائها ، ولم
يتجاوز ما ينبغي أن يفعله لم يضمن ما أخطأ فيه ، ولا ما يترتب على
سرايته من الموت أو العاهة ؛ لأنه فعل ما أذن له فيه شرعا ، ونظيره
ما إذا قطع الإمام يد السارق أو فعل فعلا مباحـا له مأذونا له فيه ، أما إذا
لم يكن حاذقا فلا يحل له مباشرة العملية ، بل يحرم ، فإن أجراها ضمن
ما أخطأ فيه وسرايته ، وكذا إن كـان حاذقا لكن جنت يده بأن تجاوزت
ما تحتاج إليه العملية ، أو أجراها بآلة كالة يكثر ألمها أو في وقت
لا يصلح عملها فيه ، أو أجراهـا في غيرها ونحو ذلك – ضمن ما أخطأ فيه
وسرايته ؛ لأن هذا فعل غـير مأذون فيه بل محرم .

ثانيا : يجـب على الطبيب أن يتحرى في تشخيص المرض ، ويتعاون مـع
زملائه في ذلـك قبل إجـراء العمليـة ، ويستعين في التشخيص بقدر
الإمكان بالآلات الحديثة ، ولا يتعجل بالعملية قبل التأكد من التشخيص ،
وإذا أجراها بعد ذلك وأخطأ فعليه أن يعلن خطأه لمن هو مسئول أمامهم ،
ولا يموه ولا يعمي ، ويسـجل ذلك في ملف المريض خوفا من الله تعالى ،
وأداء لواجب الأمانة ، وإيثـارا لمصلحة المريض ، وتقديما لها على
مصلحة المعالج ، ودفعا لمـا قد يترتب على التعمية والتمويه من العواقب
السيئة للمريض ، ولا يستحق أجرا على العملية التي أخطأ فيها
في المثال السابق وأمثاله
و بالله التوفيق ،
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق