صابرة .. راضية .. قنوعة
مهما تحدثنا عن الأم،
ومهما حددنا لها من أيام في السنة للاحتفال والاحتفاء بها،
ومهما جلبنا لها من هدايا،
ومهما كلنا لها من عبارات الحب ـ المزيف منه والحقيقي ـ
فلن نوفيها حقها.إنها الحضن،
والدفء، والعطاء بغير مقابل، وبلا حدود، تعطي ولا تأخذ،
وتخاف على أبنائها، وتحبهم، وتحميهم،
وتحيطهم بحنانها ودفئها، دون انتظار المقابل.
على كل واحد منا أن يفخر بأمه ويشير إليها بكل اعتزاز قائلا :
«الست دي أمي»
خاصة في حال الأمهات الشريفات العظيمات اللاتي ضحين
بوقتهن وحياتهن وسعادتهن وراحتهن من أجل إسعاد أبنائهن وبناتهن، وبصفة خاصة الأرامل والمطلقات اللاتي رسمن
لوحات بريشة العرق والكفاح من أجل أبنائهن.
الست دي أمي لأنها حرمت نفسها من كل شيء من أجلي،
والست دي أمي لأنها جاعت لتطعمني لقمتها حينما كنت صغيرا،
والست دي أمي لأنها سهرت وتعبت من أجلي
وأنا مريض «صغيرا وكبيرا»،
والست دي أمي لأن قلبها يخاف دائما علي في كل وقت
وكل حين حتى لو كبرت وأصبحت شابا يافعا، وتزوجت وأنجبت.
الست دي أمي لأنها منبع العطف حتى لو عققتها،
ونهرتها، وتجنيت عليها.
الست دي أمي، لأنها تحرص دائما على احتوائي،
وتجنب المشاكل التي قد تلحق الضرر بي،
وتحافظ على تماسك أسرتنا واستقرارها.
الست دي أمي لأنها لا تحب أن تراني حزينا،
فهي تحزن لحزني،
وتفرح لفرحي، وتحرم نفسها هي وأبي من كل شيء
من أجل توفير كل ما أحتاج إليه أنا وإخوتي.
الست دي أمي لأنها دائما صابرة راضية، قنوعة،
لا تسعها الحياة حينما ترى الفرح في عيون أبنائها،
فهي التي تجهز الطعام، وربما لا تأكل إلا الفتات
من أجل أبنائها وأسرتها.
هي المتعلمة التي تعلم نفسها بنفسها،
وتثقف نفسها بنفسها، حتى ولو لم تحصل على شهادات عالية.
الست دي أمي لأنها تجد المتعة في أنوثتها وأمومتها،
ولا تريد التمرد على جنسها، فتجدها أما رؤوما،
حانية على أبنائها عند احتياجهم إليها،
وتجدها امرأة عاملة في بيتها وخارجه بكل جد واجتهاد،
وتجدها حازمة عند المشورة واتخاذ القرارات،
خاصة المصيرية منها،
وتجدها تحافظ على شرفها وعفتها في غياب زوجها عنها،
وحتى وهو معها.
إن الأم الحقيقية هي التي تعرف حقوق ربها عليها قبل
حقوق الناس مثل أبنائها وزوجها وجيرانها وأقاربها،
فتعامل الناس كما يحب الله، وليس كما يحب هواها،
وكما يحب أصحاب الأفكار الشاذة المنحرفة الذين يريدون
تغيير سنن الله في خلقه وفي كونه.
قبل الختام :
الأم يجب أن تكون دائما في القلوب
ودائما في الذاكرة ـ قولا وعملا ـ لأن الجنة تحت أقدام الأمهات،
وهنيئا لمن أدرك والديه أو أحدهما،
وفاز برضا الله من خلال رضاهما.
الختام :
رحم الله من مات من الأمهات العظيمات المحتسبات اللاتي
أدين واجبهن في الحياة عل أكمل وجه،
ومتع الباقيات منهن على قيد الحياة بالصحة والعافية،
وجزاهن الله عن أبنائهن وأسرهن خير الجزاء،
ويجب ألا ننسى أن الجنة تحت أقدام الأمهات،
وأن رضا الوالدين ـ خاصة الأم ـ
من رضا الله سبحان وتعالى.
ناصر أبو السعود محمود / الدمام