رحله مع العلم المصرى
قصة العلم المصرى
خلال الأعوام المائة الأخيرة ارتفعت في سماء مصر ستة أعلام مختلفة فقد تغير العلم المصري أكثر من مرة و كان تغييره عادة مرتبطاً بتغيرات سياسية هامة ، فلكل علم قصة و قصة العلم المصري جزء من قصة النضال الوطني في مصر .
عندما صدر الهلال منذ مائة عام كان العلم العثماني يحتل سماء مصر ويرفرف فوق القلعة – مقر الحكم – منذ عام 1517 .
و تعرف من روايات المؤرخين الذين عاصروا الحكم التركي أن العلم العثماني قد مر بعدة أطوار .
فيبدو أن الأتراك العثمانيين قد استخدموا اللون الأحمر في أعلامهم نقلاً عن السلاجقة ، و نقلوا الهلال عن البيزنطيين ، أما النجم فقد أضيف إلى العلم على ما يبدو في فترة متأخرة ترجع إلى بدايات القرن الـ 19 و كان النجم في بداية الأمر ذا ثمانية أطراف ثم اختصرت إلى ستة أطراف ، و في أواخر القرن الـ 19 أصبح العلم العثماني على صورته التي نعرفها الآن في العلم التركي .
علم مصر من 1826 إلى 1867
ومن عام 1881 إلى عام 1914
و ما تذكره الروايات التاريخية أن علم ولاية مصر منذ 1826 أي أثناء حكم محمد علي كان نفس العلم العثماني ، إلا أنه كان يحمل منذ البداية نجمة ذات خمسة أطراف – و يبدو أن هذا النجم مستمد عن الشكل الذي عرفه المصريون منذ عصور حضارتهم القديمة – و كان هذا الفارق في عدد أطراف النجمة هو الوسيلة الوحيدة في التمييز بين سفن الأسطول المصري و التركي أثناء حصار الأساطيل الأوربية المساندة للعثمانيين ضد محمد علي لموانئ مصر و سوريا .
و إذا كان محمد علي في محاولته لبناء الدولة الحديثة في مصر لم يسع إلى أن يكون لمصر علم خاص بها ، إلا أنه صنع لفرق الجيش أعلامها الخاصة، و كانت أعلاماً من الحرير الأبيض طرزت عليها آيات من القرآن الكريم و أرقام الآيات بالقصب . و كانت من مظاهر اهتمام محمد علي بالعلم " وثيقة العلم " التي كانت تتلى عند تسلم كل آلاي من آلايات الجيش لعلمه .
علم مصر من 1867 إلى 1881
ومن عام 1914 إلى 1923
و قد انتقل إسماعيل خطوة أخرى في طريق إيجاد علم مستقل لمصر عندما غير العلم العثماني في عام 1867 و استبدل به علماً أحمر ذا ثلاثة أهلة بيضاء أمام كل منها نجم أبيض ذو خمسة أطراف و كانت هذه الأهلة و النجوم الثلاثة ترمز إلى مصر و النوبة و السودان و استمر هذا العلم مستخدماً في مصر إلى عام 1882 عندما احتلت بريطانيا البلاد .
فعاد العلم العثماني إلى مصر ثانية و ظل علماً رسمياً لها و لم يتغير إلا في عام 1914 عندما أعلنت الحماية البريطانية على مصر و أنهى ارتباطها بالدولة العثمانية ، و تم عزل الخديو عباس حلمي الثاني و تعيين حسين كامل سلطاناً على مصر و كان ذلك مع بداية الحرب العظمى .
و قد استدعت هذه التغييرات السياسية اختيار علم خاص لمصر ، فأعيد علم إسماعيل مرة أخرى كعلم رسمي لسلطنة مصر و أصبح للجيش علم أخضر اللون يتوسطه هلال فضي أمامه نجمة ذات خمسة أطراف .
و قد استمر العلم الأحمر ذو الأهلة الثلاثة و النجوم الثلاثة علماً رسمياً لمصر، و كان العلم الذي خرجت تحته الجماهير في ثورة 1919 و الذي لف نعوش الشهداء الذين سقطوا في الثورة برصاص الإنجليز .
إلا أن الثورة أفرزت أعلاماً أخرى إلى جانب العلم المصري الرسمي ، و لعل أشهر هذه الأعلام العلم الذي حمل هلالاً يعانق صليباً و الذي أصبح رمزاً لثورة 1919 مطابقاً لشعارها الذي عبر عن وحدة هذه الأمة " الدين لله و الوطن للجميع " .
علم مصر من 1923 الى 1958
و بعد صدور تصريح 28 فبراير 1922 و تحول مصر إلى مملكة مستقلة من الناحية الرسمية على الأقل، وتسمية فؤاد ملكاً بدلاً من سلطان أصدر في 10 ديسمبر 1923 قانون العلم الأهلي الذي أصبح علم مصر بمقتضاه أخضر يتوسطه هلال أبيض أمامه ثلاثة نجوم بيضاء ، و هو أحد الأعلام التي رفعها الشعب في أعقاب ثورة 1919 .
و قد كان اللون الأخضر في العلم المصري يرمز إلى خضرة الوادي و الدلتا و النجوم الثلاثة تشير إلى مصر و السودان و النوبة . و تحت هذا العلم خاض الشعب المصري كل معاركه ضد الاحتلال البريطاني بعد ثورة 1919 ، فهو العلم الذي رفعه أبناء الشعب في مظاهراتهم و استشهد عبد الحكم الجراحي و هو يحمله سنة 1935 .
و رفعه الطلبة و العمال في سنة 1946 و لف نعوش شهداء معارك القناة في سنة 1951 و 1952 و هو العلم الذي رفع على قاعدة القناة بعد جلاء القوات البريطانية عنها و على مبنى قناة السويس بعد تأميمها ، و خاض تحته الشعب في بورسعيد معركته ضد العدوان الثلاثي سنة 1956 .
و ظل علماً لمصر حتى قامت الوحدة المصرية السورية و أعلنت الجمهورية العربية المتحدة في 22 فبراير سنة 1958 ، فمن هذا اليوم أصبح للدولة الجديدة علم جديد ثلاثي الألوان أحمر و أبيض و أسود يتوسط شريحته البيضاء نجمان أخضران كانا يشيران إلى إقليمي دولة الوحدة سوريا و مصر .
علم مصر من 1958 إلى 1971
و هذا العلم الذي أصبح علماً للدولة الجديدة هو في الأصل علم التحرير أو علم الضباط الأحرار و الذي أصبح رمزاً لثورة 23 يوليو ، و قد استخدم لأول مرة في الاحتفال بمرور 6 أشهر على حركة الجيش كعلم لهيئة التحرير و للثورة ، و هذا العلم مستمد من الشارات التي يحملها ضباط الجيش على صدورهم إشارة إلى المعارك التي خاضوها ، و إن أصبحت لألوانه دلالة جديدة فيما بعد ، حيث يشير اللون الأحمر إلى الثورة و اللون الأبيض إلى السلام و التطلع و الرخاء و اللون الأسود إلى العهد السابق في الثورة . و كان العلم في البداية خالياً من النجوم .
و مع تحول هذا العلم إلى علم لدولة الوحدة أصبح علماً تقتبسه كثير من الدول العربية ، و أصبح علماً منافساً لعلم الثورة العربية الكبرى ذي الألوان الثلاثة الأخضر و الأبيض و الأسود و الذي اشتقت منه كثير من دول المشرق أعلامها .
و بعد الانفصال استمر العلم المصري على صورته مثلما استمر اسم الجمهورية العربية المتحدة ، و كان قد تقرر إضافة نجم ثالث إلى العلم ، و بعد مفاوضات الوحدة الثلاثية بين مصر سوريا و العراق سنة 1964 ، و لكن هذه الإضافة لم تتم في العلم المصري .
علم جمهورية مصر العربية
من 1971 إلى 1984
و في سنة 1971 و مع إعلان اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر و سوريا و ليبيا حل الصقر محل النجوم في هذا العلم و هو الذي خاض الجيش المصري حرب 6 أكتوبر 1973 تحته ، و ارتفع على الضفة الشرقية للقناة و على سيناء بعد جلاء القوات الإسرائيلية منها
و في 1984 تغير الشعار فحل النسر محل الصقر الذي ما زال مستخدماً حتى اليوم .
علم جمهورية مصر العربية الآن
يتكون العلم المصرى حاليا من ثلاثة ألوان على شكل ثلاثة مستطيلات عرضية متساوية ... فشكل العلم المصرى هو عبارة عن مستطيل يبلغ طوله ضعف عرضه , و ينقسم لثلاثة مستطيلات عرضية متساوية
- المستطيل الأول :
هو اللون الأحمر , دليل على أن مصر تعيش أزهى عصورها , فاللون الأحمر هو لون التوهج, و هو أقوى الألوان, و أكثرها تعبيرا عن القوة و الأمل و الإشراق و التقدم...
- المستطيل الأوسط :
من اللون الأبيض وهو لون يعبر عن واقع قيمنا و عاداتنا و اسلامنا , فالأبيض هو لون اللبن الحليب الصافى النقى , و اللون الأبيض هو اللون الذى لم يندس بأى شئ , فهو لون الفطرة ... لون النظافة ... لون البساطة ... لون الطبيعة الصافية النقية التى لم تتلوث بعد ...
- المستطيل السفلى :
من اللون الأسود وهو يعبر عن عصور التخلف و القهر و الاستبداد و الاستعمار , و قد ولت بغير رجعة و أنها لتذكرة للأجيال بهذه الأيام الصعبة الى ناضل فيها الأجداد ضد الظلم و الظالمين , كما تذكر الأجيال بضرورة الدفاع عن أرضها و التصدى لمحاولة التعدى عليها , أو محاولة مس حضارتها , و سيقف متكتف الأيدى و موحد الارادة للزود عن مبادئة و قيمة و عاداته و تقاليده , ليجعل دائما عصور الظلام و القهر و الاستعمار فى خبر كان بلا رجعة ان شاء الله...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق