القرآن تدبر وعمل سورة الحجرات صفحة رقم 516
الوقفات التدبرية
١
{ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۢ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوٓا۟ أَن تُصِيبُوا۟
قَوْمًۢا بِجَهَٰلَةٍ فَتُصْبِحُوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَٰدِمِينَ }
وإنما كان الفاسق معرَّضاً خبره للريبة والاختلاق لأن الفاسق
ضعيف الوازع الديني في نفسه، وضعف الوازع يجرئه على
الاستخفاف بالمحظور، وبما يخبر به في شهادة أو خَبَر يترتب
عليهما إضرار بالغير أو بالصالح العام، ويقوي جُرأته على ذلك
دوماً إذا لم يتب ويندم على ما صدر منه ويقلع عن مثله.
ابن عاشور:26/231.
السؤال:
لماذا أمرنا بالتبين في خبر الفاسق؟
٢
{ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ ٱللَّهِ ۚ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِى كَثِيرٍ مِّنَ ٱلْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ }
(لَوْ يُطِيعُكُمْ فِى كَثِيرٍ مِّنَ ٱلْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ) أي: لشقيتم، والعنت المشقة،
وإنما قال: لو يطيعكم ولم يقل: لو أطاعكم، للدلالة على أنهم كانوا
يريدون استمرار طاعته عليه الصلاة والسلام لهم، والحق خلاف ذلك،
وإنما الواجب أن يطيعوه هم لا أن يطيعهم هو؛ وذلك أن رأي
رسول الله ﷺ خير وأصوب من رأي غيره، ولو أطاع الناس
في رأيهم لهلكوا، فالواجب عليهم الانقياد إليه والرجوع إلى أمره،
وإلى ذلك الإشارة بقوله: (وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلْإِيمَٰنَ ) الآية.
ابن جزي:2/375.
السؤال:
يفهم من هذه الآية أن مخالفة القوانين الوضعية للشريعة الإسلامية
فيها المشقة والهلاك، بين ذلك.
٣
{ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلْإِيمَٰنَ وَزَيَّنَهُۥ فِى قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ ٱلْكُفْرَ
وَٱلْفُسُوقَ وَٱلْعِصْيَانَ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلرَّٰشِدُونَ }
الرشد: الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه ...
والذي أنتج الرشاد: متابعة الحق، فإن الله تكفَّل لمن تعمَّد الخيرَ
وجاهد نفسه على البرِّ: بإصابة الصواب وإحكام المساعي
المنافي للندم
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
البقاعي:7/229.
السؤال:
الرشد منزلة عظيمة، فكيف يتوصل العبد إليها؟
٤
{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }
أي في الدين والحرمة، لا في النسب، ولهذا قيل: أخوة الدين
أثبت من أخوة النسب؛ فإن أخوة النسب تنقطع بمخالفة الدين،
وأخوة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب.
القرطبي:19/383.
السؤال:
أيهما أثبت أخوة الدين أم النسب؟ ولماذا؟
٥
{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا۟ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }
وإنما اختيرت الرحمة لأن الأمر بالتقوى واقع إثر تقرير حقيقة
الأخوة بين المؤمنين، وشأن تعامل الإخوة الرحمة، فيكون الجزاء
عليها من جنسها.
ابن عاشور:26/ 245.
السؤال:
لماذا اختيرت الرحمة في الآية الكريمة؟
٦
{ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُوا۟ خَيْرًا
مِّنْهُمْ وَلَا نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ }
ولقد بلغ بالسلف إفراط توقيهم وتصونهم من ذلك أن قال عمرو
بن شرحبيل: لو رأيت رجلا يرضع عنزا فضحكت منه لخشيت
أصنع مثل الذي صنع.
وعن عبد الله بن مسعود: البلاء موكل بالقول؛ لو سخرت
من كلب لخشيت أن أحول كلبا.
القرطبي:19/383.
السؤال:
كيف كان السلف يعملون بالقرآن؟
بيّن ذلك من خلال قراءتك لتفسير هذه الآية.
٧
{ وَلَا تَلْمِزُوٓا۟ أَنفُسَكُمْ }
يقول تعالى ذكره: ولا يغتب بعضكم بعضا أيها المؤمنون، ولا يطعن
بعضكم على بعض;
وقال: (وَلَا تَلْمِزُوٓا۟ أَنفُسَكُمْ ) فجعل اللامز أخاه لامزا نفسه،
لأن المؤمنين كرجل واحد فيما يلزم بعضهم لبعض من تحسين أمره،
وطلب صلاحه، ومحبته الخير.
ولذلك روي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(المؤمنون كالجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له
سائر جسده بالحمى والسهر).
الطبري:22/298.
السؤال:
لم عبر في الآية بقوله أنفسكم؟ وهل يعيب الإنسان نفسه؟!
التوجيهات
1- تحبيب الإيمان والعمل الصالح وكره الكفر والفسوق منة يهبها
الله لمن يشاء من عباده، فادعُ الله بذلك، ﴿ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ
ٱلْإِيمَٰنَ وَزَيَّنَهُۥ فِى قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ ٱلْكُفْرَ وَٱلْفُسُوقَ وَٱلْعِصْيَانَ ۚ ﴾
2- عليك بالعدل والقسط في جميع شؤونك، ﴿ وَأَقْسِطُوٓا۟ ۖ إِنَّ
ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ ﴾
3- لزوم التوبة والإنابة إلى الله، ﴿ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴾
العمل بالآيات
1- زُر صديقًا أو ساعده في قضاء حاجته, وادع له بالتوفيق
حتى تحقق معاني الأخوة التي أمر الله بها، ﴿ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾
2- أصلح بين اثنين من معارفك كانا على خلاف، ﴿ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا۟ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾
3- ناد صديقك وأخاك بأحب الأوصاف إليه، ﴿ وَلَا تَلْمِزُوٓا۟ أَنفُسَكُمْ
وَلَا تَنَابَزُوا۟ بِٱلْأَلْقَٰبِ ۖ ﴾
معاني الكلمات
الكلمة معناها
بِنَبَإٍ بِخَبَرٍ.
فَتَبَيَّنُوا فَتَثَبَّتُوا مِنْ خَبَرِهِ.
أَنْ تُصِيبُوا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبُوا.
لَعَنِتُّمْ لَأَدَّى إِلَى مَشَقَّتِكُمْ، وَعَنَتِكُمْ.
بَغَتْ اعْتَدَتْ.
تَفِيءَ تَرْجِعَ إِلَى حُكْمِ اللهِ وَرَسُولِهِ.
وَأَقْسِطُوا اعْدِلُوا.
الْمُقْسِطِينَ العَادِلِينَ فِي أَحْكَامِهِمْ.
لاَ يَسْخَرْ لاَ يَهْزَأْ، وَيَنْتَقِصْ.
قَوْمٌ رِجَالٌ.
وَلاَ تَلْمِزُوا لاَ يَعِبْ، وَلاَ يَطْعَنْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا.
وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ لاَ يَدْعُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِمَا يَكْرَهُ
مِنَ الأَلْقَابِ.
بِئْسَ الإِسْمُ الْفُسُوقُ قَبُحَ الاِسْمُ وَالصِّفَةُ الفُسُوقُ؛
وَهُوَ: السُّخْرِيَةُ، وَاللَّمْزُ، وَالتَّنَابُزُ.
بَعْدَ الإِيمَانِ بَعْدَمَا دَخَلْتُمْ فِي
تمت الصفحة ( 516 )
انتظروني غدا باذن الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق