غسل الجمعة: كيفيته ووقته وحكمه
إنّ ليوم الجمعة مكانةً وفضلًا عظيمًا عند المسلمين؛ فهو اليوم الذي يجتمعون فيه لأداء صلاة الجمعة، وفيه ساعةٌ يستجيب فيها الله -تعالى- الدعاء بإذنه وكرمه، ولهذا اليوم آدابٌ وفضائل حثّت الشريعة على التزامها ومراعاتها، ومنها: غسل الجمعة، وآتيًا بيانٌ لكيفيّته، ووقته، وأقوال الفقهاء في حكمه.
غسل الجمعة
الغسل شكلٌ من أشكال النظافة والطهارة، يقوم به المسلم تعبّدًا لله -تعالى- لاستباحة أداء بعض العبادات التي تشترط الطهارة لأدائها؛ كالصلاة، ويكون بتعميم الماء على البدن على صفةٍ مخصوصةٍ.
كيفيّة غسل الجمعة
إنّ للغسل الشرعيّ بوجهٍ عامٍّ صورتين: غسلٍ مجزئ، وغسلٍ كاملٍ، وآتيًا بيانٌ لكيفيّة كلّ واحدٍ منهما:
الغسل المجزئ: أي الحدّ الأدنى المقبول من الغسل، الذي يعتبر المسلم به مغتسلًا، وكيفيّته بأن ينوي المسلم الغسل، ويعمّم الماء على بدنه كلّه.
الغسل الكامل: ويكون الغسل الكامل على النحو الآتي:
نيّة الغسل.
غسل اليدين ثلاث مرَّاتٍ.
غسل الفرج.
الوضوء وضوءًا كاملًا.
سكب الماء على الرأس ثلاث مرَّاتٍ.
تخليل شعر الرأس.
غسل بقيّة الجسد وأعضائه مرَّةً واحدةً.
وعلى المسلم عند قيامه بالغسل مراعاة الآتي:
البدء بالجزء اليمين من الجسد وأعضائه.
دلك الجسد وأعضائه عند غسلها.
الحرص على عدم الإسراف في الماء أثناء الغسل.
وممّا جاء في صفة غسل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ ما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن خالته أمّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أَدْنَيْتُ لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ غُسْلَهُ مِنَ الجَنَابَةِ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ، أوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أدْخَلَ يَدَهُ في الإنَاءِ، ثُمَّ أفْرَغَ به علَى فَرْجِهِ، وغَسَلَهُ بشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بشِمَالِهِ الأرْضَ، فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ أفْرَغَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِلْءَ كَفِّهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عن مَقَامِهِ ذلكَ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أتَيْتُهُ بالمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ).
وقت غسل الجمعة
تعدّدت أقوال الفقهاء في غسل الجمعة: هل هو غسلٌ لصلاة الجمعة؟ أم هو غسلٌ ليوم الجمعة؟ وبناءً على قول كلّ فريقٍ منهم يتحدّد وقت غسل الجمعة، وبيان ذلك آتيًا:
القول بأنّ الغسل للصلاة: وهو مذهب الجمهور من الحنفيّة والمالكيّة والشافعيّة والحنابلة؛ وعليه فإنّ وقت الغسل يبدأ بطلوع الفجر إلى ما قبل أداء صلاة الجمعة، فإذا اغتسل المسلم في هذا الوقت أصاب السنة، واستدلوا على ذلك بقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إِذَا جَاءَ أحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ).
القول بأنّ الغسل لليوم: ويقتضي هذا القول أنّ المسلم لو اغتسل في أيّ وقتٍ من يوم الجمعة ولو بعد الصلاة؛ فقد أصاب السنة، وإن اغتسل قبل غروب يوم الجمعة، وهو اختيار بعض الحنفيّة، وابن حزم الظاهري.
حكم غسل الجمعة
ذهب جماهير الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم إلى القول بأنّ غسل الجمعة مسنونٌ مستحبٌّ، وحُكي الإجماع على ذلك، واستدلوا على قولهم بجملةٍ من الأحاديث الشريفة، ومنها ما روته أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ النَّاسُ يَنْتابُونَ يَومَ الجُمُعَةِ مِن مَنازِلِهِمْ والعَوالِيِّ، فَيَأْتُونَ في الغُبارِ يُصِيبُهُمُ الغُبارُ والعَرَقُ، فَيَخْرُجُ منهمُ العَرَقُ، فأتَى رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إنْسانٌ منهمْ وهو عِندِي، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لو أنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَومِكُمْ هذا)؛ فقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لهؤلاء القوم: (لو أنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَومِكُمْ هذا)، يدل على أنّ الغسل مستحبٌّ وليس بواجبٍ؛ إذ لو كان واجبًا لخاطبهم بصيغة الأمر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق