يكاد البرق يخطف أبصارهم.....المهندس / عبد الدائم الكحيل

 

يكاد البرق يخطف أبصارهم.....المهندس / عبد الدائم الكحيل





من الأشياء العجيبة في ظاهرة البرق أن أحد هواة التصوير الذين كرّسوا حياتهم لتصوير هذه الظاهرة
كان مولعاً بذلك فقام بالتقاط صورة وقد وقعت ومضة البرق على بعد أمتار منه، أي أنه صور هذه الضربة
على بعد أمتار قليلة منه، فماذا كان شكل الصورة؟ كانت أشبه بصورة لا تكاد ترى فيها شيئاً من شدة الإضاءة التي ولدها هذا الشعاع.
شعاع البرق ينتج أكثر من 200 ألف أمبير (تيار كهربائي قيمته مئتي ألف أمبير) وينتج أيضاً كمية
من التوتر الكهربائي تصل إلى ألف مليون فولت وتصل درجة الحرارة في مركزه إلى ثلاثين ألف درجة
مئوية يعني خمسة أضعاف حرارة سطح الشمس، إنها ظاهرة مخيفة وجميلة بنفس الوقت
ولكن هذا الإنسان الذي صوّر شعاع البرق قال: إنني أحسست وكأن بصري قد خطف مني فجأة ثم عاد،
والعجيب أننا إذا تأملنا القرآن الكريم نرى فيه وصفاً دقيقاً لهذا الإحساس فالله تبارك وتعالى يقول: (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ) [البقرة: 20]
وهذا الإنسان الذي رأى ومضة البرق على بعد أمتار قليلة منه يقول تماماً ما تقوله الآية مع أنه من غير المسلمين،
إن هذه الآيات تدعونا دائماً لأن نتفكر ونتأمل ونتدبر ونطرح الأسئلة.


لماذا حدثنا النبي عن هذه الحقيقة الكونية؟
والسؤال الذي أحب أن أطرحه معكم: لماذا تناول النبي عليه الصلاة والسلام هذه الظاهرة ؟
هل لمجرد أن يحدثنا عن سرعة البرق، مع العلم أنها معجزة نبوية لأن القرن السابع الميلادي
لم يكن فيه أحد يعرف شيئاً عن سرعة البرق أو سرعة الضوء ولكن النبي عليه الصلاة والسلام حدثنا عن ذلك،
حدثنا وأكّد لنا أن هنالك سرعة محددة لهذا البرق يسير بها.
فلو تأملنا هذا الحديث نرى فيه إشارة نبوية لطيفة، وكأن النبي عليه الصلاة والسلام يريد أن يقول
لنا كما أنكم ترون هذا البرق ولا تشكون في رؤيته أبداً، وكما أنكم على يقين تام بأن البرق يمرّ ويرجع،
كذلك سوف تمرّون يوم القيامة على الصراط، هذه رسالة نبوية لكل من ينكر رسالة هذا النبي الأمي عليه الصلاة والسلام.
هذه الظاهرة درسها علماء على مدى أكثر من قرنين ونصف حتى وصلوا إلى نتيجة
وهي أن هنالك مروراً ورجوعاً للبرق وان زمن البرق هو ذاته زمن طرفة العين، حتى العلماء
عندما وضعوا مصطلحاتهم ماذا وجدوا؟ عندما أطلقوا على هذه المراحل التسميات،
أطلقوا مصطلح Return Stroke أي الضربة الراجعة والمرحلة الأولى من مراحل البرق أيضاً أسموها مرحلة المرور وهكذا.
تأملوا معي هذا التطابق الكامل بين ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام وبين ما يراه العلماء اليوم
رؤية يقينية تامة وربما من أهم الإشارات في هذه الظاهرة إشارة النبي عليه الصلاة والسلام إلى
وجود سرعة للبرق أو سرعة للضوء وهذه السرعة لم تكتشف إلا في القرن العشرين فمن الذي أخبر
هذا النبي عليه الصلاة والسلام بهذه الحقائق الغزيرة فجمعها لنا في كلمات قليلة ولكنها في قمة البلاغة والتعبير.


وأمام هذه الآيات المبهرة لا أملك إلا أن أقول سبحان الله القائل: (
وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [النمل: 93].

ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق