من هو قارون وكيف كانت نهايته؟
قارون هو ابن عم موسى عليه السلام .. فهو ” يصهر بن قاهث بن يعقوب ” .. قارون كان من قوم موسى واكثرهم علم بعد موسى وهارون وكان قد جمع معلومات عن التوراة فكان يكثر القراءة بها .. اما عمله فكان من رجال فرعون كان احد العلماء الذين يعملون عند فرعون .. ويوصف قارون بانه كان يطيل ثيابه حتى انه كان يزيد عن قامته بشبر .
رزقه الله سعة وكثرة في الأموال حتى فاضت بها خزائنه، واكتظت صناديقه، فلم يعد يستطيع حمل مفاتيحها مجموعة من الرجال الأقوياء، يعيش في ترف، ويسكن القصور، بالخدم والعبيد. فتح الله عليه أبواب النعيم، وسبل الرزق، وطرق الكسب، فعظمت أمواله، وكثرت كنوزه، وفاضت خزائنه، فعاش في ترف وبذخ، وكبر وفخر وخيلاء، طغى وتجبر.
يروي القرآن قصة قارون، قال تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ)، «سورة القصص: الآيات 76 - 80».
مفاتيح الحجرات يحدث الله عن قارون، فيقول سبحانه وتعالى، إن مفاتيح الحجرات التي تضم الكنوز، كان يصعب حملها على مجموعة من الرجال الأشداء، وقيل إنها كانت من الجلود، وتحمل على ستين بغلاً، لكنه بغى على قومه، بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشيائهم، وربما بحرمانهم حقوقهم في ذلك المال، وقيل بغيه كفره، وقيل استخفافه بهم بكثرة مال وولده، أو نسبته ما آتاه الله من الكنوز إلى نفسه بعلمه وحيلته.
نصحه العقلاء من قومه بالقصد والاعتدال، ويحذروه من الفرح الذي يؤدي إلى نسيان المنعم، وينصحونه بالتمتع في الدنيا، من غير أن ينسى الآخرة، يحذرونه من الفساد في الأرض، وعظه النصحاء من قومه، لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، فإنها خير وأبقى، وأحسن إلى خلق الله كما أحسن الله إليك، فكان رده جملة تحمل شتى معاني الفساد «قال إنما أوتيته على علم عندي»، لقد أنساه غروره مصدر النعمة وحكمتها، وفتنه المال وأعماه الثراء، فلم يستمع لنداء قومه، قال الله تعالى رداً عليه، أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة، وأكثر أموالاً وأولاداً فتنة
وخرج قارون ذات يوم على قومه، بكامل زينته، فطارت قلوب بعض القوم، وتمنوا أن لديهم مثل ما أوتي قارون، وأحسوا بأنه في نعمة كبيرة، فرد عليهم من سمعهم من أهل العلم والإيمان، ويلكم احذروا الفتنة، واتقوا الله، واعلموا أن ثوابه خير من هذه الزينة، وما عنده خير مما عند قارون. وعندما تبلغ فتنة الزينة ذروتها، وتتهافت أمامها النفوس، تتدخل القدرة الإلهية لتضع حدا للفتنة، وترحم الضعاف من إغرائها، وتحطم الغرور والكبرياء، فيجيء العقاب حاسماً «فخسفنا به وبداره الأرض» في لمحة خاطفة ابتلعته الأرض وابتلعت داره، لم يجد من ينصره من دون الله، ولم ينفعه جاه أو مال.
ذكر كثير من المفسرين أنه خرج في تجمل عظيم، من ملابس ومراكب، وخدم وحشم، فلما رآه من يعظم زهرة الحياة الدنيا، تمنوا أن لو كانوا مثله، وغبطوه بما عليه وله، فلما سمع مقالتهم العلماء ذوو الفهم الصحيح، قالوا لهم ويلكم ثواب الله في الدار الآخرة خير وأبقى، وأجل وأعلى، وما يلقى هذه النصيحة والمقالة، والهمة السامية، إلا من هدى الله قلبه.
وعندما امر الله موسى بالذكاه وانزل عله الزكاة اخبر قارون بها ولكنه لم يؤديها كما امر الله بها فقط كان يضع على كل ألف من الدراهم درهم واتبع هذا على الانعام والاموال والذهب التي يملكها وبعد ذلك عندما نظر الى الاموال وجد انها كثيرة فقرر ان لا يعطيها لموسى عليه السلام ولا ينفق زكاه ولم يكتفي بذلك بل جمع بني إسرائيل و قال لهم ” أن موسى قد أمركم بكل شيء فأطعتموه .. وهو الآن يريد أخذ أموالنا منا ” ولكن كان رد بني اسرائيل انت امير علينا سوف نفعل ماتؤمرنا به … وهنا قد قرر قارون ان يصنع لموسى المكايد ودبر له مكيدة من اجل التكذيب بدعوة موسى عليه السلام .. فقال قارون لبني إسرائيل: ” إن موسى يقول من زنى رجم,فتعالوا نجعل إمرأة باغية تقول أن موسى فعل بها هذا فيرجم ونستريح منه ” .. وفعلوا ذلك بالفعل :
جلب قارون امرأة عاهرة وطلب منها ان تقول امام الناس ان موسى عليه السلام قد زنا معها وبالفعل خرج من بيته لكي ينفذ خطتته فخرج كالعادة وحوله كنوزه والحشم والخدم وعندما رأى الناس املاك واموال قارون والياقوت والمرجان فاصابتهم حالة من الذهول .. وكالعادة خرج موسى عليه السلام لكي ينفذ ماامره الله به فكان يدعوهم للبر والى الله سبحانه وتعالى .. وحينئذ جاء قارون ونفذ مكيدته وقال لموسى عليه السلام ” كيف تنصحنا وتفعل منكراً ” وعندئذ بعث للمأة العاهرة لكي تشهد .. وطلب قارون من القوم أن يسألوا المرأة عن ما كان من موسى معها .. وعندما وقفت المرأة امام موسى عليه السلام ارتجفت امام الرسول الكريم وحينها وجهه موسى عليه السلام اليها سؤال …
” بالذي فلق البحر لبني إسرائيل إلا صدقت؟ ” .. ولكن المأة اجابة بالحق .. فسجد موسى عليه السلام لله سبحانه وتعالى .. وعندئذ اوحى اليه الله سبحانه وتعالى ” إني أمرت الأرض أن تطيعك فأمرها بما شئت ” .. فأمرها موسى عليه السلام ان تخسف قارون ومن معه ..فخسفت بقارون ومن معه الى الارض السابعة كما قال بن كثير .
ولما حل به ما حل من الخسف، وذهاب الأموال، وخراب الدار، وهلاك النفس والأهل والعقار، ندم من كان تمنى مثل ما أوتي، وشكروا الله الذي يدبر عباده بما يشاء من حسن التدبير، وبدأ الناس يتحدثون إلى بعضهم في دهشة وعجب واعتبار، وكان الذين يتمنون ماله وسلطانه وحظه في الدنيا، يقولون إن الله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويوسع عليهم، أو يقبض ذلك، فالحمد لله أن منّ علينا فحفظنا من الخسف والعذاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق