خدعوك فقالوا… (المكان مش هيقف على حد)
خدعوك فقالوا… (المكان مش هيقف على حد)
في عالم الإدارة والأعمال، تُردد هذه العبارة كثيرًا: “المكان مش هيقف على حد”. تُستخدم في العادة لتبرير قرارات خاطئة، مثل الاستغناء عن موظفين مؤثرين أو قادة مبدعين، بحجة أن المؤسسة قادرة على التقدم بدونهم. لكن القصة الحقيقية غالبًا ما تُظهر العكس.
حكاية كارلوس غصن وشركة نيسان
في أواخر التسعينيات، كان كارلوس غصن هو الرجل الذي أنقذ شركة نيسان من الإفلاس. بأسلوبه الجريء وإصلاحاته الجذرية، استطاع تحويل الشركة من كيان على وشك الانهيار إلى واحدة من أقوى شركات السيارات في العالم.
لكن بعد سنوات، قرر ملاك نيسان الاستغناء عن كارلوس غصن. لم يكن السبب إخفاقه، بل عدم قناعتهم بسياساته التي رأوا أنها مكلفة للغاية. عندما أُبلغ بالقرار، قال عبارته الشهيرة:
“سيكلفهم هذا الأمر إفلاس الشركة ومحو ذكرها للأبد.”
لم تمضِ السنوات حتى تحققت نبوءته. تعرضت نيسان لأزمة مالية حادة دفعتها إلى بيع أصولها المهمة ومحاولة الإندماج مع هوندا لتجنب السقوط المدوي. ورغم كل تلك المحاولات، لم تستعد الشركة أبدًا بريقها السابق.
المكان لا يقف على الأشخاص؟
عبارة “المكان مش هيقف على حد” تُستخدم غالبًا لتبرير قرارات استغناء غير مبررة. لكنها تُخفي خلفها حقائق مريرة. الحقيقة أن الأشخاص المؤثرين والقادة المبدعين هم الذين يصنعون الفرق. المؤسسة ليست مجرد جدران وآلات، بل هي نتاج عقول وإرادة من يعملون بها.
عندما يُقال إن “المكان لن يقف على شخص واحد”, فإنه غالبًا ما يكون تعبيرًا عن قصور إداري أو خوف من مواجهة الحقيقة. الحقيقة أن الأماكن قد لا تنهار فورًا، لكنها تفقد روحها وقدرتها على الإبداع والتميّز عندما تتخلى عن أشخاصها المؤثرين.
درس من القصة
ما حدث في نيسان ليس استثناءً، بل هو تذكير مستمر بأن القيادة ليست وظيفة فقط، بل هي قلب ينبض. المؤسسات التي تفقد قادتها المبدعين تكتشف مع الوقت أنها فقدت جزءًا من روحها، وأن الطريق لاستعادة ما ضاع أصعب بكثير مما يتخيله من اتخذ القرار.
الحكمة المستخلصة
إن كنت يومًا في موقع قرار، فلا تنخدع بفكرة أن الجميع يمكن استبدالهم بسهولة. الأشخاص الذين يُحدثون فرقًا في حياة المؤسسات نادرون، والبحث عنهم أصعب من الحفاظ عليهم. فلا تكن ممن يعبدون المظاهر والمصالح الشخصية على حساب القيم الحقيقية.
في النهاية، العبارة الصحيحة ليست “المكان مش بيقف على حد”, بل:
“الأماكن العظيمة تحتاج إلى عقول عظيمة، ولا تُبنى إلا بها.”
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق