فى قلب مدينة جدة السعودية يقف ملايين الزوار سنويا مبهورين بـ “نافورة جدة” وألوانها البديعة التى تظهر وتتألق مع حركة المياه وتدفقها، وقد لا يعرف الكثيرون أن لهذه النافورة قيمة كبيرة حيث تجسد تاريخًا يوضح مدى ما جمع بين مصر والسعودية من محبة وتضامن تجلى فى أبهى صوره فى نصر السادس من أكتوبر 1973 الذى كان للسعودية نصيب كبير فى تحقيقه من خلال مشاركتها فى صنعه سياسيًا وعسكريًا ودبلوماسياً.
وقد شاهدت مؤخرا فيلمًا وثائقيًا قصيرًا يكشف الكثير من المعلومات عن تاريخ “نافورة جدة”.. يقول الفيلم: وراء حرب أكتوبر فى عام 1973 تفاصيل كثيرة لم يسلط الضوء عليها كثيرًا، فقد كان للمملكة العربية السعودية دوراً محورياً فى انتصار مصر على العدوان الإسرائيلى.
بعد احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء فى مصر .. والجولان فى سوريا قرر الجيش الإسرائيلى إنشاء مانع كبير بساتر ترابى لمنع عبور الجيش المصرى للوصول للضفة الأخرى من قناة السويس، وجهزته ليكون قادرًا على تصدى أى طلق نارى وضم 22 موقعًا دفاعيًا، و26 نقطة حصينة، وزرعت حوله حقول ألغام وأسلاك شائكة، وكان يتراوح ارتفاعه ما بين 20 إلى 22 مترًا وتم إنفاق قرابة 400 مليون دولار عليه، وأصبح أقوى خط دفاعى عرفه التاريخ، أُطلق عليه اسم “خط بارليف” نسبة إلى الذى اقترحه رئيس الأركان الإسرائيلى حاييم بارليف، اشتد الخناق على الحكومة المصرية وقررت أن تطلب العون من الملك فيصل رحمه الله، ولم يكن رد الملك فيصل مخيبًا، بل جاء مرحبًا وعونًا لنصرة الأشقاء العرب كما كان يردد دائمًا.
اشترت السعودية لمصر مضخات مياه عالية القوة كمضخات زراعية حتى لا تكشف الخطط العسكرية المصرية ولإبعاد الشبهة عنها من قبل الإسرائيليين، وتم شحنها إلى جدة قبل تسليمها إلى المصريين، وبالفعل تم استخدام مضخات المياه فى اختراق خط بارليف وتم نسفه وهدمه فى 6 ساعات، وتم تسهيل عبور الجنود للقناة وبذلك تحقق الانتصار العظيم، وكان للسعودية دور كبير فى الانتصار بحرب أكتوبر 1973.
وفى عام 1980 أمر الملك فهد – رحمه الله – بإنشاء “نافورة جدة” لتكون بمثابة هدية لسكان مدينة جدة وزوارها، وهى تعمل بأحد الـ7 مضخات التى أُستخدمت فى إسقاط “خط بارليف”.
لم تكن “نافورة جدة” من أبرز المعالم السياحية فحسب، بل أصبحت شاهدة على أحداث انتصار الأمة العربية ونصرة الأشقاء العرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق