حكاية لوحة العشاء الأخير

لا شك أن الفن التشكيلى هو أحد روافد فنون الجمال التي يعبر من خلالها الفنان عن حالة جمالية من وجهة نظر أو زاوية محددة قد يفهمها البعض أو لا يفهمها احيانا، ولما لا فـ الفنون جنون فقد يرسم الفنان لوحة كما يقولون سابقة لعصرها وتحتاج مدة أطول من الزمن حتى يتمكن المتلقي من استيعاب فكرتها وهو الأمر الذى يميز فنان عن فنان آخر .

 

تعد لوحة العشاء الأخير من أشهر وأهم الأعمال الفنية التي تم إنتاجها في القرن الخامس عشر الميلادي، وهي من أعمال الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي، والذي رسم هذه اللوحة في الفترة الممتدة بين عامي 1495م – 1498م لصالح دير سانتا ماريا ديلي جراتسي في مدينة ميلانو الإيطالية، ويبلغ عرض اللوحة 8.8 مترًا، أما طولها فيبلغ 4.6 مترًا، وتعكس لوحة العشاء الأخير حالة الصراع الإنساني والمواقف المتباينة للناس عند تعرضهم لموقف ما، حيث تُصوِّر هذه اللوحة التلاميذ الاثني عشر في حضرة يسوع، حيث حاول ليوناردي دافنشي تلخيص مواقفهم من خلال تعبيرات لغة الجسد المختلفة التي أظهرها كل واحد منهم، والتي تعكس شخصيتهم في حضرة الحالة المُقدَّسة التي تُمثِّلُها هذه اللوحة.

 

وقد نفَّذ الفنان العالمي ليوناردو دافنشي لوحة العشاء الأخير بتكليف من منلودوفيكو سفورزا دوق مدينة ميلانو الإيطالية آنذاك، وكان يتطلب إنجاز هذه اللوحة رسم طبقات من الطلاء وتركها حتى تجف، ليتم بعد ذلك وضع طبقة أخرى من الطلاء إلى أن تم إنجاز اللوحة بشكل كامل، وقد عانت لوحة العشاء الأخير من بعض التشويه في تفاصيلها بحكم الظروف المناخية وعامل الرطوبة، بالإضافة إلى وجود بعض جنود قوات نابليون بونابرت في الدير واستخدامهم لقاعة الطعام فيها، فضلًا عن تعرضها للغرق بسبب إحدى الفيضانات في القرن التاسع عشر، الأمر الذي دعا إلى إجراء بعض عمليات الترميم على اللوحة العريقة باستخدام بعض المذيبات والغراء لتصبح بمظهرها الحالي

 

أثارت هذه اللوحة الكثير من التساؤلات عن شخصية ليوناردو دا فينشي حيث تحتوي العديد من العناصر التي لا تنتمي إلى المفاهيم المسيحية التقليدية التي رسمت اللوحة أساسا للتعبير عنها. يعتقد البعض أن هذة اللوحة ضمن العديد من أعمال دا فينشي تحتوي على إشارات خاصة إلى عقيدة سرية مخالفة للعقيدة المسيحية الكاثوليكية التي كانت ذات سلطة مطلقة في ذلك العصر.

 

العشاء الأخير طبقًا للعهد الجديد، هو عشاء عيد الفصح اليهودي التقليدي، وكان آخر ما احتفل به يسوع مع تلاميذه، قبل أن يتم اعتقاله ومحاكمته وصلبه، ويعتبر هذا الحدث شديد الأهمية، إذ تأسس به سر القربان وقدّم فيه يسوع خلاصة تعاليمه.

أثيرت أسئلة كثيرة حول شخصية “يوحنا” في لوحة العشاء الأخير للفنان ليوناردو دا فينشي والذي كان موقعه فيها إلى جانب المسيح حيث قدمته الرواية على أنه “مريم المجدلية”، ولكن بكل الأحوال جنح معظم الفنانين المعاصرين لدافنشي بإيحاء من روايات التقليد الكنسي على تصوير “يوحنا” في لوحاتهم على أنه شاب يافع جدا لم تنبت لحيته بعد، وهو ذو ملامح أنثوية تماما كالعادة التي درجوا عليها برسم شبان إيطاليا في ذلك الوقت، وتجدر الملاحظة إلى وجود بعض اللوحات لهؤلاء الرسامين تظهر الرسل الآخرين أيضا بذات المظهر الانثوي.

وإلى جانب المسيح نفسه؛ فإن الشخصية المحورية في اللوحة هي شخصية “يهوذا” المتآمر الذي سلم المسيح للرومان وكان موقعه الخامس من اليسار، وقد تعمّد دافينشي رسم وجهه في الظل، بينما ظهر خلف يهوذا مباشرة “بطرس” بلحية بيضاء ووجه غاضب، متحدّثا إلى “يوحنا المعمدان” الذي يظهر بملامح أنثوية في نفس الوقت الذي يميل برأسه ليستمع إلى بطرس.

 

تمثل لوحات الفنان الإيطالى العالمى “ليوناردو دافينشى” لغزًا محيرًا للعديد من الباحثين، فعلى الرغم من رحيله فى القرن الـ15، إلا أن لوحاته مازالت موضعا خصبا للكثير من الأسرار التى يتم اكتشافها بين الحين والآخر، والتي كان من ضمنها حول لوحة العشاء الاخير، حملت لوحة العشاء الأخير لـ “دافينشى” العديد من المفاجآت والأسرار التى تبين إنها هناك قديسين يقفون بجوار المسيح من ناحية اليمين، فمنهم القديس توماس والأخر هو ليوناردو دافنشى الذى وضع نفسه فى اللوحة .

 

كما أجريت أبحاث عديدة عن لوحة “العشاء الأخير” والتى تحمل سرا آخر اختلف عليه النقاد فى تواجد القديس يوحنا ام مريم المجدلية، وقد أرجع البعض فى أن يكون هذا الشخص بجانب المسيح هو يوحنا، ولكن رسم بملامح أنسة لأن رسامى هذا العصر اعتادوا على رسم الشباب بهذا الشكل على هيئة النبلاء، لكن بعض المفسرين للوحة أكدوا أنها إمراة وهى مريم المجدلية

 

أما عن أخر اكتشافات أسرار “دا فينشى” كانت فى لوحة العشاء الأخير، حيث يؤكد العديد من الخبراء أن دافنشي تعتمد رسم المسيح بدون هالة على رأسه ليبين أن يسوع بشرى فانى وليس مقدسا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق