حول صحة حديث وصية خديجة رضي الله عنها عند الموت

أرغب بمعرفة صحة هذا الحديث من عدمه ؛ لأنه تم نشره على الناس . وفاة السيدة خديجة رضي الله عنه وأرضاه الله عنها تُوفّيت (رضي الله عنها) في 10 رمضان 10 للبعثة النبوية الشريفة في شعب أبي طالب بمكّة المكرّمة، ودُفنت في مقبرة الحجون بمكّة المكرّمة. وصيّتها لرسول الله صلى الله عليه وآله لمّا اشتدّ مرضها رضي الله عنها قالت: يا رسول الله‏ اسمع وصاياي: أوّلاً: إنّي قاصرة في حقّك فاعفني يا رسول الله. قال‏ صلى الله عليه وآله : حاشا وكلّا، ما رأيت منكِ تقصيراً، فقد بلغتِ بجهدك، وتعبت في داري غاية التعب، ولقد بذلت أموالكِ وصرفت في سبيل الله مالَكِ. ثانياً: أوصيك بهذه ـ وأشارت إلى فاطمة ـ فإنّها يتيمة غريبة من بعدي، فلا يؤذينها أحد من نساء قريش، ولا يلطمنّ خدّها، ولا يصيحنّ في وجهها، ولا يرينّها مكروهاً. ثالثاً: إنّي خائفة من القبر، أُريد منك رداءك الذي تلبسه حين ‏نزول الوحي تكفّنني فيه. فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلّم الرداء إليها، فسرّت به سروراً عظيماً، فلمّا تُوفّيت خديجة أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله في تجهيزها وغسّلها وحنّطها، فلمّا أراد أن يكفّنها هبط الأمين جبرائيل وقال: يا رسول الله، إنّ الله يقرئك السلام ويخصّك بالتحية والإكرام ويقول لك: يا محمّد إنّ كفن خديجة من عندنا، فإنّها بذلت مالها في سبيلنا. فجاء جبرائيل بكفن وقال: يا رسول الله، هذا كفن خديجة، وهو من أكفان الجنّة أهداه الله إليها. فكفّنها رسول الله‏ صلى الله عليه وآله بردائه الشريف أوّلاً، وبما جاء به جبرائيل ثانياً، فكان لها كفنان: كفن من الله، وكفن من رسوله.

الجواب

الحمد لله.

فإن هذه الحديث الذي ذكره السائل الكريم لا أصل له ، ولم يرو بإسناد مطلقا .

وإنما ذكره محمد مهدي الحائري في “شجرة طوبى” (1/223) بدون إسناد ، وهذا الكتاب من كتب الشيعة ، وهو مليء بالأكاذيب ، ومؤلفه توفي في القرن الماضي ، وليس له إسناد أصلا .

ثم إنه فضلا عن ركاكة الألفاظ ففي متن الحديث بعض المعاني المنكرة الباطلة ، وذلك لما يلي:

أولا : وصية خديجة رضي الله عنها بفاطمة فقط ، فكيف يكون هذا ومعلوم أن خديجة رضي الله عنها أنجبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهن ، فهل يصح أن توصي خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بفاطمة فقط دون أخواتها !

ثانيا : قولها أنها تريد الرداء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسه عند نزول الوحي ، فهذا أيضا منكر ، فإنه لم يثبت قط أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له رداء خاص يلبسه عند نزول الوحي ، بل إن الوحي كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم حضرا وسفرا .

وأما وقت وفاتها فقد اختلف أهل العلم في تعيينه ، وأشهر هذه الأقوال أنها توفيت قبل الهجرة بثلاث سنوات ، قبل المعراج ، وقيل : أنها توفيت في رمضان ، انظر “الإصابة في تمييز الصحابة” (8/103) لابن حجر رحمه الله .

وأما كون أنها دفنت بالحجون ، فهذا مشهور عند أهل السير ، ذكر ذلك ابن إسحاق كما في “المستدرك للحاكم” (4837) ، والطبري في “تاريخه” (11/493) والذهبي في “تاريخ الإسلام” (1/152) .

وختاما : فإن منزلة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنه عند النبي صلى الله عليه وسلم عظيمة جليلة ، ولا نحتاج لإثباتها هذه الأحاديث المكذوبة المنكرة .

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق