تكوين عادة القراءة
البدايات دائماً شاقة ، و أشق مراحل الطريق هي المرحلة الأولى,وكثير
من الناس يجد صعوبة بالغة عند البدء في أي عمل أو مشروع,وذلك لأن نتائج جهده في
البداية تكون ضعيفة ,كما أن استفادته من الوقت تكون غير مرضية فالواحد منا يشعر أنه
أمضى وقتا طويلا من أجل أشياء لا قيمة لها.لكن سيهون الأمر حين نعد البداية في أي
أمر مثل تسخين السيارة "تحماية" ثم يتعاظم الانطلاق شيئا فشيئا.
إن عادة القراءة لن تتكون عند الإنسان إلا عندما يشعر بشيء من المتعة واللذة عندمايقرأ ، وهذا لن يكون إلا عندما ن تكون القراءة نوعاً من الاكتشاف ، وتنمية العقل،وتوسيع قاعدة الفهم .
هناك وسائل هامة يعينك الله بها على حب القراءة ومنها :
الوسيلة الأولى, وهي أهم الوسائل على الإطلاق
..:: استحضار النية ::..
ما هو هدفك من القراءة؟ ولماذا تقرأ؟
أنا أقرأ لأن الله عز وجل أمرني بالقراءة، وقال لي ولكل المسلمين بصيغة الأمر المباشر: "اقرأ"... ولذلك فقراءتي طاعة لربي...
أقرأ لأنفع نفسي في الدنيا والآخرة؛ فلا فلاح في الدنيا بغير العلم، ولا فلاح في الآخرة بغير العلم أيضًا...
أقرأ لأنفع من حولي: أمي وأبي وأولادي وإخواني وأخواتي وأقاربي وأصحابي, ومن أعرف, ومن لا أعرف.. وأصبح كحامل المسك لا يجاوره أحد إلا انتفع بشم رائحته العطرة...
أقرأ - أيضًا - لأنفع أمتي... لأن الأمة التي لا تقرأ - كما سبق أن أشرت - أمة غير مرهوبة، أمة متخلفة عن الركب، متبعة لغيرها، ولهذا فأنا أقرأ لأجعل أمتي في مقدمة الأمم...
إنك بالقراءة يا أخي تُرضي رب العالمين، وتنفع نفسك، وتنفع من تحب، تنفع أمتك أيضًا... لا شك أن هذه الدوافع العظيمة تُشعل حماستك للقراءة...
وطالما كانت في ذهنك دائمًا هذه النية فلن تغيب عنك الضوابط التي ذُكرت في صدر سورة العلق؛ فأنت تقرأ باسم الله.. فلا بد أن تكون قراءتك على هذا المستوى، وأنت أيضًا لا تتكبر بقراءتك وعلمك.. لأنك تعلم أن الله عز وجل هو الذي منّ عليك بهذه المنة وهذا الفضل..
الوسيلة الثانية:
..:: أن تتعاون مع أصحابك وإخوانك في القراءة ::..
تستطيع أن تكوّن أنت ومجموعة من أصحابك إن كنتم ثلاثة أو أربعة أو خمسة... مجموعةً للقراءة، كلٌ منكم يقرأ في مجال، ومن ثم يعرض كلٌ منكم ما قرأه على أصحابه، ويتم تبادل المعلومات بشكل منظم وممتع؛ فليس ما تقرؤه عينا إنسان واحد كالذي تقرؤه هذه الأعين مجتمعة، وليس ما يستوعبه عقل واحد مثل ما تستوعبه عقول ثلاثة أو خمسة، وبهذا يحفّز كلٌ منكم الآخر، ويأخذ بيده للخير والنفع، ولن يستطيع الشيطان أن يتغلب عليكم فهو مع الواحد، ومن الاثنين أبعد.. فما بالنا بثلاثة أو خمسة؟!...
وهذا ما نعمل عليه سويا بمشروعنا المتواضع
الوسيلة الثالثة :
..:: أن تضع خطة للقراءة ::..
لا داعي إذن للقراءة العشوائية، ينبغي وضع خطة واضحة للقراءة، ولكي تضع خطة بطريقة جيدة لا بد أن تكون على دراية كافية بإمكانياتك، والوقت المتاح للقراءة لديك، والكتب المتاحة، وما هي قدرتك على الاستيعاب، ولا بد أيضًا أن تعرف لماذا تقرأ...
بعد معرفة كل هذه العناصر ضع خطة واضحة في ظل إمكانياتك وقدراتك، مثلاً سوف أقرأ هذه الكتب الخمسة خلال الأشهر الستة القادمة، أو سوف أقرأ هذه الكتب العشرين خلال سنة أو سنتين، على أني سوف أقرأ أولاً الكتاب الفلاني في مدة كذا، وبعده كتاب كذا في مدة كذا... وعليك أن تلتزم بالخطة التي وضعتها لنفسك جيدًا، ولا تغيّر فيها إلا في حالة الضرورة، ربما تتعب أولاً في وضع الخطة، ولكن سوف تنجح إذا حرصت على الالتزام بها. والزم الوسطية في خطتك؛ فليس من الصواب أن تقرر قراءة عشرات الكتب في وقت قليل فتفشل في الإنجاز.. وربما أصبت بالإحباط، كما أنه ليس من الصواب أن تخصص وقتًا طويلاً جدًا لكتب قليلة؛ فيكون هذا تضييعًا للوقت. ولتسأل المتخصصين: ماذا تقرأ، وبأي كتاب تبدأ، وما هو أفضل كتاب في هذا الموضوع، وإذا كنت قرأت كتابًا في موضوع معيّن فماذا تقرأ بعده وهكذا...
كثيرًا ما يضيّع الإنسان الكثير من وقته في قراءة كتاب غير مفيد، أو قراءة كتاب صعب بينما هناك الأسهل، أو كتاب سطحي بينما هناك الأعمق...فلا بد هي أن تنقل مِن العلماء والمتخصصين وذوي الخبرة، فلا بد أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون ويظهر ذلك بوضوح في قصص الأئمة العظماء والعلماء الأجلاء
وسنعمل سويا على تحقيق خطة مقترحة من قبل مختصين ..لنصل الى الثقافة المطلوبة
الوسيلة الرابعة:
..::تحديد وقت ثابت للقراءة واستغلال الفراغات البينية ::..
وهذا يعني ألا تنتظر إلى آخر اليوم لتقرأ ما يجب عليك قراءته، بل حدد لنفسك وقتًا معروفًا للقراءة، وأحسن اختيار هذا الوقت، وحاول أن تختار وقتًا يكون ذهنك فيه نشيطًا، وتكون فيه مستريحًا حتى تستطيع التركيز في القراءة والخروج بنتيجة جيدة.
سيكون مفيداً ونحن نبحث عن وقت للقراءة أن نكتشف ( الساعة الذهبية ) في يومنا ، حيثيكون الواحد منا في قمة نشاطه ، وبعض الناس يخصص ساعة يسميها ( الساعة الهادئة) فهولا يستقبل زائراً ، ولا يرد فيها على الهاتف .
ويمكن أن هذه الساعة مثلاً من بعد صلاة الفجر إلى الشروق، أو قبل المغرب بساعة، أو بين المغرب والعشاء، أو بعد العشاء مباشرة... وهكذا. حدد وقتًا معينًا.
ولو أن الواحد منا سأل نفسه : ما هو العمل الذي يمكن أن أقوم به الآن ، ثم لا أقوم به ؟ ولو سأل نفسه : هلالعمل الذي أقوم به الآن له أهمية أو أولوية على غيره ؟ لوجد الوقت الكافي للقيام بالكثير من الأعمال النافعة .
كما ينبغي استغلال الأوقات البينية، وهي الأوقات التي عادة ما تكون بين عملٍ وآخر
؛ فيمكن استغلالها في القراءة: في المواصلات، أو في متجرك عند عدم وجود زبائن، أو في أوقات انتظارك داخل عيادة أو مكتب لأداء عملٍ ما... وهكذا. سوف تجد أوقاتًا بينية كثيرة يمكن استثمارها في القراءة، وليكن كتابك دائمًا معك، وبمجرد أن تجد أي وقت فراغ سارع بفتحه واقرأ فيه... ستزداد بركة اليوم وسيصبح طويلاً ومتسعًا على عكس الماضي.
الوسيلة الخامسة:
..:: التدرج ::..
البعض عندما يقرأ هذه السطور عن أهمية القراءة سوف تشتعل حماسته، وتعلو همته, ويسارع إلى شراء مجموعة من الكتب, ويبدأ على الفور بقراءتها, ويفرّغ أوقاتًا طويلة للقراءة.. بل ربما يطغى وقت القراءة على أعمال أخرى هامة في حياته! ولمثل هذا نقول: عليك بالتدرج.. "إن هذا الدين متين؛ فأوغل فيه برفق" وخاصة إذا لم تكن متعودًا على القراءة، وإلا ستجد نفسك قد مللت سريعًا, وربما توقفت عن القراءة، ولتكن مثل لاعب "الماراثون" الذي يجري لمسافات طويلة، يبتدئ بهدوء وراحة, ثم يسرّع من خطواته تدريجيًا، وهذا يماثل القراءة؛ فإن طريقها طويل لأنها منهج حياة، وإذا جعلتها منهجًا لحياتك فيجب أن تبدأ بتعقل وروية حتى تصل بإذن الله.
الوسيلة السادسة:
..:: الجدية ::..
كما أكدنا في البداية أن القراءة ليست هواية، بل هي عمل جاد جدًا، ويحتاج إلى فكر ووقت ومال ومجهود وتضحية، ولا بد أن يُؤخذ الموضوع بجدية؛ فأنت تقرأ لكي تستوعب كل كلمة تقرؤها، تقرأ كي تفيد وتستفيد، فالقراءة عمل عظيم، وليس لك من هذا العمل إلا ما عقلته.
ونصيحتي لك عندما تقرأ أي كتابٍ أن تقرأه بنفس الهمة التي تقرؤه بها لو طلب منك مذاكرته لتؤدي فيه اختبارًا، وليس مجرد قراءة عابرة، وكلما قرأت شيئا سجّل ملاحظاتك، مثلا هنا معلومة تريد أن تتذكرها لتخبر بها إخوانك وأصحابك.. اكتبها، وهنا معلومة أخرى لا تفهم معناها جيدًا.. اكتبها لتسأل فيها أحد المتخصصين، وفي مكان ما في أحد الكتب التي تقرؤها عناصر هامة لأحد الموضوعات، ولك اعتراض على نقطة ما في أحد الكتب، أكتب كل ذلك في دفتر تحتفظ به معك أثناء قراءتك، وإذا التزمت بهذا الأسلوب فلا شك أنك سوف تكون دائما على وعي وتركيز في كل ما تقرأ، وسوف تلاحظ بالفعل الإمكانيات الهائلة التي تمتلكها، وسيزداد تحصيلك أضعاف ما كنت تعتقد.. وكن على يقين أن إمكانيات البشر فوق كل تخيّل، وسبحان الله الذي خلق فسوّى.
الوسيلة السابعة :
..:: التنسيق للمعلومات, والنظام في كل شيء ::..
النظام والتنسيق مطلوبان في كل شيء، فحاول أن تكون منظمًا في كل حياتك، وعندما تقوم بتسجيل المعلومات في دفترك الخاص بعد القراءة الواعية لا تسجلها هكذا مبعثرة؛ لأن المسلم منظم في شئونه.. وليكن لديك دفتر خاص تدوّن فيه العلوم الشرعية، وآخر للعلوم السياسية، وثالث للقراءات الأدبية، ورابع للتاريخ وهكذا...، وإذا كنت أكثر تخصصًا فسّم هذه الدفاتر إلى أقسام أخرى أكثر تفصيلاً، وضع ذلك كله في مكان منظم في بيتك أو مكتبتك الخاصة، حتى يسهل الرجوع إلى أي معلومة تريدها بسهولة ويسر، وتضيف ما تريد من معلومات حيث شئت، وسيوفر ذلك لك كثيرًا من الوقت والجهد.
هذا الأسلوب الدقيق لن ينظم وقتك وبيتك فحسب، بل سينظم عقلك أيضًا، فبعض الناس تجدهم غير منظمين بالمرة، يأتي بمعلومة من الشرق ومعلومة من الغرب، دون دقة أو نظام، بينما تجد آخرين يحسنون تنظيم معلوماتهم، مما يدل على أن عقولهم منظمة؛ فهم يعملون كل شيء بعد حسابات دقيقة، ولا يبتعدون عن أهدافهم ولا يخرجون عن موضوعهم كثيرًا، وهذا لا يتأتى إلا بالمران والتدريب، وفوائده لا تحصى,هذا فضلاً عن الراحة النفسية التي يضفيها النظام على حياتك وحياة من معك من الناس.
الوسيلة الثامنة:
..:: تكوين مكتبة متنوعة في البيت ::..
اجعل هذا المشروع من أهم المشاريع في حياتك، وكما يفكر الزوجان في أن يكون لهما غرفة نوم، وغرفة استضافة...، عليهما أيضا أن يفكرا أن يكون لهما في المنزل غرفة للمكتبة.. وهذا العمل ليس ثانويًا، وليس من أدوات الترف، بل هو شيء أساسي في المنزل، ليس مهمًا أن تكون المكتبة فخمة أو فاخرة ذات أدراج مذهبة، ولكن المهم: ماذا فيها من كتب؟.. ينبغي أن يكون في ذهنك مشروع واضح لشراء مجموعة ضخمة من الكتب، وهذا الكلام ليس موجهًا إلى الأغنياء فحسب، بل هو للفقراء والأغنياء على حدٍ سواء؛ فالإنسان إذا أحس بقيمة الكتاب سيوفر - بلا شك - من مأكله ومشربه ليشتريه، وربما يأكل الإنسان أكلة واحدة بثمن أربعة أو خمسة كتب، وربما يشتري قميصًا بثمن عشرة كتب، بل ربما خرج في رحلة أسبوعًا مثلاً بثمن مكتبة قيمة جدًا.
وتستطيع - لو شغل هذا الموضوع ذهنك - أن تكوّن مكتبة متنوعة وشاملة لكل أنواع المعارف، ولو كتابًا واحدًا في كل فرع من فروع المعرفة، حتى إذا احتجت كتابًا في مجالٍ معين وجدته، وقد تملّ من القراءة في مجال بعينه فتجد لديك كتابًا في مجال آخر، وللعلم فإن هذه المكتبة التي تكوّنها تعد صدقةً من الصدقات العظيمة الجارية، لأنها تنفعك وتنفع أولادك... وربما أحفادك وأحفادهم بعد ذلك.
وسيكون هناك موضوع مخصص للمكتبات التي سوف ننشؤها بأنفسنا
الوسيلة التاسعة:
..:: انقل ما تقرأ إلى غيرك ::..
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني.. ولو آية" فالإنسان مطالب بأن يعلّم غيره ما تعلّمه هو، وفي هذا فوائد جمة، ومنافع عظيمة، منها تثبيت العلم في الذهن, وإفادة الغير بتعليمه، ويأخذ الإنسان مثل أجر من تعلم على يديه دون أن ينقص من المتعلم شيء، أضف إلى ذلك أن الله عز وجل يبارك له في علمه، وتذكر دائمًا القول المأثور "من عمل بما يعلم أورثه الله علم ما لم يعلم"؛ فكلما علّمت الناس شيئا زادك الله من العلم "
"واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم"
إن القراءة المثمرة تستحق منا التخطيط والتفكير والمثابرة والعناء ، لأنها من أهمالعوامل التي تعيد صياغة وجودنا من جديد !.
و تلك وسائل يمكن أن تساعد الإنسان حتى يقرأ، ويستمر في القراءة، ويستفيد منها ويركز فيها، ولا شك أن هناك وسائل أخرى، لكننا نضع هنا رؤوس الموضوعات فحسب. والله المستعان.
إن عادة القراءة لن تتكون عند الإنسان إلا عندما يشعر بشيء من المتعة واللذة عندمايقرأ ، وهذا لن يكون إلا عندما ن تكون القراءة نوعاً من الاكتشاف ، وتنمية العقل،وتوسيع قاعدة الفهم .
هناك وسائل هامة يعينك الله بها على حب القراءة ومنها :
الوسيلة الأولى, وهي أهم الوسائل على الإطلاق
..:: استحضار النية ::..
ما هو هدفك من القراءة؟ ولماذا تقرأ؟
أنا أقرأ لأن الله عز وجل أمرني بالقراءة، وقال لي ولكل المسلمين بصيغة الأمر المباشر: "اقرأ"... ولذلك فقراءتي طاعة لربي...
أقرأ لأنفع نفسي في الدنيا والآخرة؛ فلا فلاح في الدنيا بغير العلم، ولا فلاح في الآخرة بغير العلم أيضًا...
أقرأ لأنفع من حولي: أمي وأبي وأولادي وإخواني وأخواتي وأقاربي وأصحابي, ومن أعرف, ومن لا أعرف.. وأصبح كحامل المسك لا يجاوره أحد إلا انتفع بشم رائحته العطرة...
أقرأ - أيضًا - لأنفع أمتي... لأن الأمة التي لا تقرأ - كما سبق أن أشرت - أمة غير مرهوبة، أمة متخلفة عن الركب، متبعة لغيرها، ولهذا فأنا أقرأ لأجعل أمتي في مقدمة الأمم...
إنك بالقراءة يا أخي تُرضي رب العالمين، وتنفع نفسك، وتنفع من تحب، تنفع أمتك أيضًا... لا شك أن هذه الدوافع العظيمة تُشعل حماستك للقراءة...
وطالما كانت في ذهنك دائمًا هذه النية فلن تغيب عنك الضوابط التي ذُكرت في صدر سورة العلق؛ فأنت تقرأ باسم الله.. فلا بد أن تكون قراءتك على هذا المستوى، وأنت أيضًا لا تتكبر بقراءتك وعلمك.. لأنك تعلم أن الله عز وجل هو الذي منّ عليك بهذه المنة وهذا الفضل..
الوسيلة الثانية:
..:: أن تتعاون مع أصحابك وإخوانك في القراءة ::..
تستطيع أن تكوّن أنت ومجموعة من أصحابك إن كنتم ثلاثة أو أربعة أو خمسة... مجموعةً للقراءة، كلٌ منكم يقرأ في مجال، ومن ثم يعرض كلٌ منكم ما قرأه على أصحابه، ويتم تبادل المعلومات بشكل منظم وممتع؛ فليس ما تقرؤه عينا إنسان واحد كالذي تقرؤه هذه الأعين مجتمعة، وليس ما يستوعبه عقل واحد مثل ما تستوعبه عقول ثلاثة أو خمسة، وبهذا يحفّز كلٌ منكم الآخر، ويأخذ بيده للخير والنفع، ولن يستطيع الشيطان أن يتغلب عليكم فهو مع الواحد، ومن الاثنين أبعد.. فما بالنا بثلاثة أو خمسة؟!...
وهذا ما نعمل عليه سويا بمشروعنا المتواضع
الوسيلة الثالثة :
..:: أن تضع خطة للقراءة ::..
لا داعي إذن للقراءة العشوائية، ينبغي وضع خطة واضحة للقراءة، ولكي تضع خطة بطريقة جيدة لا بد أن تكون على دراية كافية بإمكانياتك، والوقت المتاح للقراءة لديك، والكتب المتاحة، وما هي قدرتك على الاستيعاب، ولا بد أيضًا أن تعرف لماذا تقرأ...
بعد معرفة كل هذه العناصر ضع خطة واضحة في ظل إمكانياتك وقدراتك، مثلاً سوف أقرأ هذه الكتب الخمسة خلال الأشهر الستة القادمة، أو سوف أقرأ هذه الكتب العشرين خلال سنة أو سنتين، على أني سوف أقرأ أولاً الكتاب الفلاني في مدة كذا، وبعده كتاب كذا في مدة كذا... وعليك أن تلتزم بالخطة التي وضعتها لنفسك جيدًا، ولا تغيّر فيها إلا في حالة الضرورة، ربما تتعب أولاً في وضع الخطة، ولكن سوف تنجح إذا حرصت على الالتزام بها. والزم الوسطية في خطتك؛ فليس من الصواب أن تقرر قراءة عشرات الكتب في وقت قليل فتفشل في الإنجاز.. وربما أصبت بالإحباط، كما أنه ليس من الصواب أن تخصص وقتًا طويلاً جدًا لكتب قليلة؛ فيكون هذا تضييعًا للوقت. ولتسأل المتخصصين: ماذا تقرأ، وبأي كتاب تبدأ، وما هو أفضل كتاب في هذا الموضوع، وإذا كنت قرأت كتابًا في موضوع معيّن فماذا تقرأ بعده وهكذا...
كثيرًا ما يضيّع الإنسان الكثير من وقته في قراءة كتاب غير مفيد، أو قراءة كتاب صعب بينما هناك الأسهل، أو كتاب سطحي بينما هناك الأعمق...فلا بد هي أن تنقل مِن العلماء والمتخصصين وذوي الخبرة، فلا بد أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون ويظهر ذلك بوضوح في قصص الأئمة العظماء والعلماء الأجلاء
وسنعمل سويا على تحقيق خطة مقترحة من قبل مختصين ..لنصل الى الثقافة المطلوبة
الوسيلة الرابعة:
..::تحديد وقت ثابت للقراءة واستغلال الفراغات البينية ::..
وهذا يعني ألا تنتظر إلى آخر اليوم لتقرأ ما يجب عليك قراءته، بل حدد لنفسك وقتًا معروفًا للقراءة، وأحسن اختيار هذا الوقت، وحاول أن تختار وقتًا يكون ذهنك فيه نشيطًا، وتكون فيه مستريحًا حتى تستطيع التركيز في القراءة والخروج بنتيجة جيدة.
سيكون مفيداً ونحن نبحث عن وقت للقراءة أن نكتشف ( الساعة الذهبية ) في يومنا ، حيثيكون الواحد منا في قمة نشاطه ، وبعض الناس يخصص ساعة يسميها ( الساعة الهادئة) فهولا يستقبل زائراً ، ولا يرد فيها على الهاتف .
ويمكن أن هذه الساعة مثلاً من بعد صلاة الفجر إلى الشروق، أو قبل المغرب بساعة، أو بين المغرب والعشاء، أو بعد العشاء مباشرة... وهكذا. حدد وقتًا معينًا.
ولو أن الواحد منا سأل نفسه : ما هو العمل الذي يمكن أن أقوم به الآن ، ثم لا أقوم به ؟ ولو سأل نفسه : هلالعمل الذي أقوم به الآن له أهمية أو أولوية على غيره ؟ لوجد الوقت الكافي للقيام بالكثير من الأعمال النافعة .
كما ينبغي استغلال الأوقات البينية، وهي الأوقات التي عادة ما تكون بين عملٍ وآخر
؛ فيمكن استغلالها في القراءة: في المواصلات، أو في متجرك عند عدم وجود زبائن، أو في أوقات انتظارك داخل عيادة أو مكتب لأداء عملٍ ما... وهكذا. سوف تجد أوقاتًا بينية كثيرة يمكن استثمارها في القراءة، وليكن كتابك دائمًا معك، وبمجرد أن تجد أي وقت فراغ سارع بفتحه واقرأ فيه... ستزداد بركة اليوم وسيصبح طويلاً ومتسعًا على عكس الماضي.
الوسيلة الخامسة:
..:: التدرج ::..
البعض عندما يقرأ هذه السطور عن أهمية القراءة سوف تشتعل حماسته، وتعلو همته, ويسارع إلى شراء مجموعة من الكتب, ويبدأ على الفور بقراءتها, ويفرّغ أوقاتًا طويلة للقراءة.. بل ربما يطغى وقت القراءة على أعمال أخرى هامة في حياته! ولمثل هذا نقول: عليك بالتدرج.. "إن هذا الدين متين؛ فأوغل فيه برفق" وخاصة إذا لم تكن متعودًا على القراءة، وإلا ستجد نفسك قد مللت سريعًا, وربما توقفت عن القراءة، ولتكن مثل لاعب "الماراثون" الذي يجري لمسافات طويلة، يبتدئ بهدوء وراحة, ثم يسرّع من خطواته تدريجيًا، وهذا يماثل القراءة؛ فإن طريقها طويل لأنها منهج حياة، وإذا جعلتها منهجًا لحياتك فيجب أن تبدأ بتعقل وروية حتى تصل بإذن الله.
الوسيلة السادسة:
..:: الجدية ::..
كما أكدنا في البداية أن القراءة ليست هواية، بل هي عمل جاد جدًا، ويحتاج إلى فكر ووقت ومال ومجهود وتضحية، ولا بد أن يُؤخذ الموضوع بجدية؛ فأنت تقرأ لكي تستوعب كل كلمة تقرؤها، تقرأ كي تفيد وتستفيد، فالقراءة عمل عظيم، وليس لك من هذا العمل إلا ما عقلته.
ونصيحتي لك عندما تقرأ أي كتابٍ أن تقرأه بنفس الهمة التي تقرؤه بها لو طلب منك مذاكرته لتؤدي فيه اختبارًا، وليس مجرد قراءة عابرة، وكلما قرأت شيئا سجّل ملاحظاتك، مثلا هنا معلومة تريد أن تتذكرها لتخبر بها إخوانك وأصحابك.. اكتبها، وهنا معلومة أخرى لا تفهم معناها جيدًا.. اكتبها لتسأل فيها أحد المتخصصين، وفي مكان ما في أحد الكتب التي تقرؤها عناصر هامة لأحد الموضوعات، ولك اعتراض على نقطة ما في أحد الكتب، أكتب كل ذلك في دفتر تحتفظ به معك أثناء قراءتك، وإذا التزمت بهذا الأسلوب فلا شك أنك سوف تكون دائما على وعي وتركيز في كل ما تقرأ، وسوف تلاحظ بالفعل الإمكانيات الهائلة التي تمتلكها، وسيزداد تحصيلك أضعاف ما كنت تعتقد.. وكن على يقين أن إمكانيات البشر فوق كل تخيّل، وسبحان الله الذي خلق فسوّى.
الوسيلة السابعة :
..:: التنسيق للمعلومات, والنظام في كل شيء ::..
النظام والتنسيق مطلوبان في كل شيء، فحاول أن تكون منظمًا في كل حياتك، وعندما تقوم بتسجيل المعلومات في دفترك الخاص بعد القراءة الواعية لا تسجلها هكذا مبعثرة؛ لأن المسلم منظم في شئونه.. وليكن لديك دفتر خاص تدوّن فيه العلوم الشرعية، وآخر للعلوم السياسية، وثالث للقراءات الأدبية، ورابع للتاريخ وهكذا...، وإذا كنت أكثر تخصصًا فسّم هذه الدفاتر إلى أقسام أخرى أكثر تفصيلاً، وضع ذلك كله في مكان منظم في بيتك أو مكتبتك الخاصة، حتى يسهل الرجوع إلى أي معلومة تريدها بسهولة ويسر، وتضيف ما تريد من معلومات حيث شئت، وسيوفر ذلك لك كثيرًا من الوقت والجهد.
هذا الأسلوب الدقيق لن ينظم وقتك وبيتك فحسب، بل سينظم عقلك أيضًا، فبعض الناس تجدهم غير منظمين بالمرة، يأتي بمعلومة من الشرق ومعلومة من الغرب، دون دقة أو نظام، بينما تجد آخرين يحسنون تنظيم معلوماتهم، مما يدل على أن عقولهم منظمة؛ فهم يعملون كل شيء بعد حسابات دقيقة، ولا يبتعدون عن أهدافهم ولا يخرجون عن موضوعهم كثيرًا، وهذا لا يتأتى إلا بالمران والتدريب، وفوائده لا تحصى,هذا فضلاً عن الراحة النفسية التي يضفيها النظام على حياتك وحياة من معك من الناس.
الوسيلة الثامنة:
..:: تكوين مكتبة متنوعة في البيت ::..
اجعل هذا المشروع من أهم المشاريع في حياتك، وكما يفكر الزوجان في أن يكون لهما غرفة نوم، وغرفة استضافة...، عليهما أيضا أن يفكرا أن يكون لهما في المنزل غرفة للمكتبة.. وهذا العمل ليس ثانويًا، وليس من أدوات الترف، بل هو شيء أساسي في المنزل، ليس مهمًا أن تكون المكتبة فخمة أو فاخرة ذات أدراج مذهبة، ولكن المهم: ماذا فيها من كتب؟.. ينبغي أن يكون في ذهنك مشروع واضح لشراء مجموعة ضخمة من الكتب، وهذا الكلام ليس موجهًا إلى الأغنياء فحسب، بل هو للفقراء والأغنياء على حدٍ سواء؛ فالإنسان إذا أحس بقيمة الكتاب سيوفر - بلا شك - من مأكله ومشربه ليشتريه، وربما يأكل الإنسان أكلة واحدة بثمن أربعة أو خمسة كتب، وربما يشتري قميصًا بثمن عشرة كتب، بل ربما خرج في رحلة أسبوعًا مثلاً بثمن مكتبة قيمة جدًا.
وتستطيع - لو شغل هذا الموضوع ذهنك - أن تكوّن مكتبة متنوعة وشاملة لكل أنواع المعارف، ولو كتابًا واحدًا في كل فرع من فروع المعرفة، حتى إذا احتجت كتابًا في مجالٍ معين وجدته، وقد تملّ من القراءة في مجال بعينه فتجد لديك كتابًا في مجال آخر، وللعلم فإن هذه المكتبة التي تكوّنها تعد صدقةً من الصدقات العظيمة الجارية، لأنها تنفعك وتنفع أولادك... وربما أحفادك وأحفادهم بعد ذلك.
وسيكون هناك موضوع مخصص للمكتبات التي سوف ننشؤها بأنفسنا
الوسيلة التاسعة:
..:: انقل ما تقرأ إلى غيرك ::..
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني.. ولو آية" فالإنسان مطالب بأن يعلّم غيره ما تعلّمه هو، وفي هذا فوائد جمة، ومنافع عظيمة، منها تثبيت العلم في الذهن, وإفادة الغير بتعليمه، ويأخذ الإنسان مثل أجر من تعلم على يديه دون أن ينقص من المتعلم شيء، أضف إلى ذلك أن الله عز وجل يبارك له في علمه، وتذكر دائمًا القول المأثور "من عمل بما يعلم أورثه الله علم ما لم يعلم"؛ فكلما علّمت الناس شيئا زادك الله من العلم "
"واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم"
إن القراءة المثمرة تستحق منا التخطيط والتفكير والمثابرة والعناء ، لأنها من أهمالعوامل التي تعيد صياغة وجودنا من جديد !.
و تلك وسائل يمكن أن تساعد الإنسان حتى يقرأ، ويستمر في القراءة، ويستفيد منها ويركز فيها، ولا شك أن هناك وسائل أخرى، لكننا نضع هنا رؤوس الموضوعات فحسب. والله المستعان.
...
"لا يعز عليّ سوى ترك مكتبتي الخاصـة، فلولا الكتب في هذه الدنيـا لوقعـت منـذ زمـن طويـل فريسة لليـأس" شوبنهـار
******************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق