يتساءل كثير من الآباء حول عملية التواصل السليمة مع أبنائهم، لاسيما أن مشاكل كثيرة أخذت في الآونة الأخيرة تنشب بين الأهل وأبنائهم، ويعزو كل منهم السبب في الخلاف للآخر.
ومن هنا كيف يعطي الأهل أولادهم فرصة للتواصل معهم عن طريق السماع والإنصات لهم، ومحاولة الأخذ والرد عليهم وتجنب محاولة إحباطهم، فضلا عن تقليل رغبة التواصل لديهم عن طريق عدم الاهتمام لما يقولون أو ما يفعلون وعدم التفاعل معهم.
يتخذ الاتصال عدة أشكال منها: الحوار، التشاور، التفاهم، الإقناع، التوافق، التعاون، التوجيه والمساعدة.
أما الأسباب الكامنة وراء انعدام التواصل فهي:
1 – التنشئة الاجتماعية السلبية التي خضع لها الزوجان؛ أي الأم والأب منذ الصغر والتي تكرس القيم والعادات الاجتماعية دون إبداء أي رأي أو حوار بين الآباء والأبناء، وهي السمع والطاعة فما نسبته 70 % من الأسر جعل الزوجين ينهجان هذا النهج مع أولادهما مثل فرض قرارات دون مناقشة الأولاد أو أسلوب الأب المتسلط والولد المرضي.
2 – ضغوطات العمل والمتطلبات الأسرية المرهقة للوالدين تجعلهما يهملان تتبع وتربية الأبناء ما ينعدم التواصل مع الأبناء في القضايا الاجتماعية والتربوية والنفسية، فمثلاً غياب الأب المتواصل عن البيت وأحيانا عمل الأم، وعودة الأب في وقت متأخر من الليل فلا يجد الوقت لسؤال الأبناء عن أحوالهم والدخول إلى عالمهم.
3 – سلوكيات عشوائية متأرجحة من قبل الوالدين في التربية بين التسلط والتساهل أو بين النبذ والحماية المفرطة.
4 – وجود مغريات كثيرة حول الأبناء تمنعهم من التواصل والحوار مثل الانترنت والموبايل والتلفاز، فأصبحت في كثير من الاحيان طريقة التواصل بين الأخت والأخ من نفس البيت ومن غرفة إلى أخرى عن طريق الانترنت.
5 – التحدث القليل من الآباء لأبنائهم وغالباً ما يكون تأنيباً أو صراخا أو أوامر مما يجعل الأسرة متوترة ومشحونة وتفقد الحوار.
6 – ضعف شخصية بعض الآباء والأمهات وجهلهم بالعلم وعدم قدرتهم على الحوار مع أبنائهم خاصة مع متطلبات العصر الموجودة عندهم.
7 – وجود فجوة كبيرة بين الأبناء والآباء يجعل الآباء لا يفهمون احتياجات أبنائهم فيصلون إلى طريق مسدود، فالأم لا تفهم ابنتها والأب أيضاً لا يفهم ابنه.
8 – الخلافات والمشاحنات بين الأم والأب فأحيانا المشاكل مثل الطلاق أو الانفصال تكون سببا في عدم التواصل بينهم، وقمع الأب للأم في الحديث والحوار معه أمام الأولاد ومحاولة عدم مناقشتها معه.
9 – كثرة التغالي في المتطلبات (أي ما يطلبه الابن أو الابنة) ويكون زائدا على قدرتهم قد يؤدي إلى عدم استجابة الاباء وهروبهم من النقاش في هذه الأمور.
10 – خوف الأم أولا ثم الأولاد من طرح بعض المشاكل والأفكار والتواصل والحوار مع الأب مما يؤدي إلى السكون دائما فيخلق انعدام التواصل.
مخاطر انعدام التواصل بين الآباء والأبناء:
1.تفكك في العلاقات بين الأسرة الواحدة.
2.انتشار البغض والحقد بين الأفراد.
3.انعدام الثقة بين أفراد الأسرة.
4.انقطاع صلة الرحم في الكبر.
5.عدم إصغاء الأم والأب للطفل يجعله فريسة لأصحاب السوء، للتنفيس عما بداخله ما يؤدي إلى الضياع والانحراف.
6.يجعل الأسر متوترة ومشحونة دائما.
7.خلل وصدام وخصام بدلا من التفاهم والتودد والتكامل بين الأفراد.
8.عقوق الأبناء للآباء واتخاذهم وجهة معاكسة لما يتمناه الاباء ما يؤدي إلى فشل في التربية الأسرية.
9.إقامة حواجز بين الاباء والأبناء وهذا خطأ فادح يفوت على الآباء فرصة تتبع أبنائهم ومساعدتهم بما يعترضهم من صعاب وانعدام التوجيه التربوي.
10.فكرة اللوم والاتهام تفقد أفراد الأسرة روح حب المناقشة فيتهربون من الحوار والاتصال معاً حتى لا يدخلوا في دوامة الاتهام واللوم.
ولنتجنب هذه المخاطر إليكم بعض النصائح:
1 – الحرص على حسن العشرة بالمعروف والحرص على أداء الواجبات قبل المطالبة بالحقوق فيؤدي الآباء ما وجب عليهم تجاه الأبناء ويبذل الأبناء الجهد فيما فرض عليهم من واجبات الإحسان للأهل.
2 – إعادة وسائل التواصل بين الأسرة مثل:
أ- التربية الأخلاقية.
ب- التعاون.
ج- الجلوس على مائدة الطعام معا على الأقل وجبة الغذاء أو العشاء التي فقدت في اغلب البيوت في وقتنا هذا.
د- مرافقة الأب لأبنائه في الذهاب إلى المسجد معاً أو لبيت الجد والجدة أو زيارة الأقارب والأهل أو لشراء بعض الأشياء أو الرحلات.
ه- مراجعة الآباء الدروس مع الأبناء
و- اغتنام الفرص المناسبة للتودد والتقرب والتحبب كالأعياد والمشاركة في المسرات.
3 – استثمار التباعد الذي يحدث بسبب سفر أو عمل بعض أفراد الأسرة بالرسالة msg أو بالهاتف أو E-mail فيوفق الآباء في التواصل مع الأبناء والتقارب بينهم.
4 – عقد مجلس اسري كل أسبوع لمناقشة شؤون كل أفراد العائلة والمشاركة الفعالة والتسامح وإبداء النصائح لبعضهم مما يجعلهم ينتظرون هذا اللقاء.
5 – اختيار الوقت المناسب والأوقات المناسبة في الحوار والتواصل مع الأبناء مثلاً في المساء أو عند اجتماع العائلة في غرفة الجلوس أو على مائدة الطعام أو قبل النوم.
6 – تهيئة الجو المناسب للتواصل والحوار في الأسر له ايجابياته ويترتب عليه مهارات كثيرة منها:
أ-تعلم آداب الحديث.
ب-عدم رفع الصوت أثناء الحوار.
ج-يعلم الأبناء التحليل والتفكير.
د-يعطي ثقة بالنفس وعدم الخجل.
ه-تقبل الآخرين وعدم التسرع في إصدار الأحكام.
و-تقليل المقاطعة قدر الإمكان وحسن الاستماع.
ز-عدم التلفظ بألفاظ غير لائقة.
ح-الحرية في طرح الآراء واحترام آراء الآخرين.
7 – إنصات الآباء لحديث الأبناء وفهم مشاكلهم والاستماع إليهم ومناقشتهم بأسلوب مرن ومناسب لعقولهم وعدم إهمالهم، يزرع الثقة في نفسهم ويجعلهم يتكلمون بصراحة مع آبائهم.
8 – وإليكم خمس خطوات للإنصات الفعال والتواصل بين الطرفين:
أ- اربط علاقة تواصل بين عينيك وعيني ابنك وتفاد أن تبعد وجهك عنه فهذا يوحي بقلة اهتمامك بما يقوله.
ب- اجعل ثمة علاقة اتصال واحتكاك جسدي مباشر من خلال لمسة حنان، تشابك الأيدي، العناق، وضع يدك على كتفه ، فهذا يسهل لغة التواصل العاطفي والتفاهم بينكم.
ج- علق على ما يقوله ابنك وبشكل سريع دون أن تسحب الكلام منه بفهمك لما يقوله من خلال حركة الرأس أو الوشوشة بنعم مما يوحي إليه بأنك تتابعه باهتمام فتزيد من طمأنينته.
د- ابتسم باستمرار وأبد ملامح الاطمئنان لما يقول والانشراح والإنصات له ولا تنظر للساعة وكأنك تقول لا وقت لدي لكلامك.
ه- متى وضعت الفكرة وتفهمت الموقف عبر لابنك عن هذا وأعد باختصار وبتعبير أدق بتعلم ابنك ما يريد قوله وفن التعبير عن مشاعره وأحاسيسه فيقلل الملل بينكم.
و- خمس دقائق لا غير ينصت فيها الأب لابنه قد تجعله يتفادى تضييع ساعات طويلة في معالجة مشكلات ناجمة عن قلة التواصل.
تواصل الأب والأم الجيد مع الابن يؤدي إلى استقرار الأسرة ويشبع حاجاته الجسمية والنفسية.
فالتواصل الأسري الناجح هو مفتاح سحري لسعادة الأسرة ويجعل التفاعل بين أفرادها ايجابيا ويجلب لهم الفرح والسرور ويؤدي إلى تماسك الأسرة وترابطها ويبعد الغضب والضيق والتوتر والعنف من قبل الاباء والأبناء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق