اختلف أهل العلم في فضل هذه الليلة من حيث هي:
قال ابن رجب:
“كان التابعون من أهل الشام، كخالد بن معدان ومكحول،
ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظمونها، ويجتهدون فيها في العبادة،
وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها.
وقد قيل: إنه لغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم
في البلدان اختلف الناس في ذلك، فمنهم من قبله منهم ووافقهم
على تعظيمها،.. وأنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم عطاء
وابن أبي مليكة، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء
أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم وقالوا ذلك كله بدعة”
(لطائف المعارف [261]) .
واحتج من يرى فضلها بأحاديث من أجودها حديث أبي موسى الأشعري
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“إن اللهَ – تعالى – لَيَطَّلِعُ في ليلةِ النِّصْفِ من شعبانَ،
فيغفرُ لجميعِ خلقِهِ؛ إلا لِمُشْرِكٍ أو مُشَاحِنٍ”
( أخرجه أحمد [6641] وقال الذهبي في تلخيص العلل المتناهية [184]-
فيه ابن لهيعة ضعيف وفي “الزوائد”- إسناده ضعيف؛ لضعف عبد الله
بن لهيعة، وتدليس الوليد بن مسلم. وفي الحديث اضطراب بينه الدار
قطني في “العلل” [6/ 50 – 51] وقال عنه: “والحديث غير ثابت”
وفي الباب عن معاذ بن جبل، وعائشة، وأبي هريرة، وأبي ثعلبة الخشني،
وغيرهم، ولا تخلو طريق من ضعف، وبعضها شديد الضعف. ولهذه
الطرق قال ابن حجر في تهذيب التهذيب [3/315] له متابعة وقال الألباني
في تخريج المشكاة [1258] قوي بغيره) .
فالراجح أن الحديث حسن، لذا قال ابن حجر رحمه الله: “وأما ليلة
النصف من شعبان، فلها فضيلة، وإحياؤها بالعبادة مستحب، ولكن على
الانفراد؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم:
«ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حتى يمضي ثُلُث الليل الأول،
فيقول: أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي
يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغرني فأغفر له؟ فلا يزال كذلك
حتى يضيء الفجر»
(أخرجه مسلم [758]).
وقال ابن رجب الحنبلي:
“فينبغي للمؤمن أن يتفرغ في تلك الليلة لذكر الله تعالى ودعائه بغفران
الذنوب وستر العيوب وتفريج الكروب، وأن يقدم على ذلك التوبة،
فإن الله تعالى يتوب فيها على من يتوب”
(لطائف المعارف [1/151]) .
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق