رواية تحت ظلال الزيزفون أو ماجدولين هي أول قصص الكاتب الفرنسي “ألفونس كار” صدرت باللغة الفرنسية عام 1832م، اطلع عليها الأديب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي وقام بترجمتها من اللغة الفرنسية واعاد صياغتها وجعلها بـ عنوان «مجدولين».
ملخص رواية ماجدولين
هي رواية من الأدب الرومانسي تقرأ من صفحات الحياة المؤثرة، تدور أحداثها في المانيا بين شاب يدعى «استيفن» ينتمي لعائلة غنية، تخلت عنه عائلته وطردته لأنه لم يوافق على الزواج من الفتاة التي اختارها له والده، وشابه قروية تدعى «ماجدولين» وهي وحيدة والدها الذي كان يعمل دائما على تلبية جميع رغباتها.
تنشى قصة حب طاهر بين الشاب “استيفن” والشابة “ماجدولين” وذلك بعد أن قام “استيفن” باستئجار غرفة في الطابق العلوي من منزل والد “ماجدولين” ترك هذا الحب آثاره على مقاعد واشجار حديقة المنزل الذي عاش فيه “استيفن” تبدأ معاناة الحبيبين بعد ما أكتشف والد “ماجدولين” هذا الحب وطلب من الشاب مغادرة الغرفة، أخذ كل من الحبيبين عهداً على بعضهما البعض بان يكافحا معنا من أجل حبهما، وأن يقوما ببذل المستحيل حتى يكونا معا.
انتقل “استيفن” إلى مدينة أخرى وأشتهر ولمع نجمة بالعزف والموسيقى، تعرفت “مجدولين” على شاب كان من اعز أصدقاء “استيفن” وتقربت منه محبة لحبيبها “استيفن” حتى وقع في هواها، ومن هنا بدأت الضغوط على “مجدولين” من والدها وصديقتها حتى اقنعوها على الزواج من صديق “استيفن”.
عاد “استيفن” إلى حبيبته “مجدولين” ليقول لها بأنه تمكن أخيراً من أن يبني لها المنزل ذو الغرفة الزرقاء التي كانا يحلما بها، ولكنه صعق عندما وجد حبيبته على اعتاب الزواج من أعز صديق له، يهيم “استيفن” على وجهه وحزن حتى أنه مرض وظل طريح الفراش، وبفضل صديق له تحسن حاله تدريجياً، أجبر نفسه على نسيان مجدولين وظل يعمل على التلحين والموسيقى حتى صار من أشهر والمع نجوم المانيا.
تدور الأيام وتفقد “ماجدولين” زوجها واعز صديقاتها، ولا يبقى لها ولطفلتها سوى حبيبها السابق “استيفن” الذي ما زال يحبها حباً جما حتى وأن حاول نسيانها، تذهب اليه ويفتح لها ذراعيه ولكن لشدة المه بغدرها وخيانتها له وتزوجها من صديقة وبخها، وفي اليوم الثاني اقدمت مجدولين على الانتحار غرقاً في البحيرة المجاورة لمنزل “استيفن” حاول استيفن انقاذها ولكن لم يستطيع، شعر “استيفن” بالذنب وتسود الدنيا من حوله وظل في حزن حتى لحق بحبيبته واوصى بان يدفن مع حبيبته “مجدولين” بالقبر نفسه ونصف ثروته لابنة “مجدولين” والنصف الآخر لصديقة “فرتز”.
مقتطفات واقتباسات من رواية ماجدولين
فأي مقدور من المقدورات تضيق به قوة الله وحكمته؟ وأي عقل من العقول الإنسانية يستطيع أن يبدع في تصوراته وتخيلاته الذهنية فوق ما تبدع يد القدرة في مصنوعاتها واثارها؟ وهل الصور والخيالات التي تمتلئ بها أذهاننا وتموج بها عقولنا إلا رسوم ضئيلة لحقائق هذا الكون وبدائعه، ولو أن سامعا سمع وصف منظر الشمس عند طلوعها، أو مهبط الليل عند نزوله، أو جمال غابة من الغابات، أو شموخ جبل من الأجبال، ثم رأى بعد ذلك عيانا ما كان يراه تصورا وخيالا، لعلم أن جمال الكائنات فوق جمال التصورات، وحقائق الموجودات فوق هواتف الخيالات؛ لذلك أعتقد أني ما تخيلت هذه السعادة التي أقدرها لنفسي إلا لأنها كائن من الكائنات الموجودة، وأنها اتية لا ريب فيها.
لا رذيلة في الدنيا غير رذيلة الفشل، وكل سبيل يؤدي إلى النجاح فهو سبيل الفضيلة، وما نجح الناجحون في هذه الحياة إلا لأنهم طرقوا كل سبيل يؤدي إلى نجاحهم فاقتحموه غير متذممين ولا متلومين، وما سقط الساقطون فيها إلا لأنهم تأثموا وتحرجوا وأطالوا النظر والتفكير، وقالوا: هذا حلال وهذا حرام.
من هم الذين يملكون الدور والقصور، والضياع الواسعة، والرباع الحافلة، والذين تموج خزائنهم بالذهب موج التنور باللهب؟ أليسوا اللصوص والمجرمين الذين يسمون أنفسهم ويسميهم الناس سراة ووجوها؟
من هم الذين يسهرون الليل طاويين لا يطرق النوم أجفانهم، ويقضون أيامهم هائمين على وجوههم، يفتشون عن الرزق في كل مكان فلا يظفرون منه باللقمة أو الجرعة إلا إذا أراقوا في سبيلها محجما من دماء قلوبهم؟ أليسوا الأشراف والفضلاء الذين يسميهم الناس ويسمون أنفسهم معهم رعاعا وغوغاء؟
إن الذي غرس في قلبي هذه الآمال الحسان لا يعجز عن أن يتعهدها بلطفه وعنايته حتى تخرج ثمارها، وتتلألأ أزهارها، وإن الذي أنبت في جناحي هذه القوادم والخوافي لا يرضى أن يهيضني ويتركني في مكاني كسيرا لا أنهض ولا أطير، وإن الذي سلبني كل ما يأمل الآملون في هذه الحياة من سرور وغبطة، ولم يبق لي منها إلا حلاوة الأمل ولذته لأجل من أن يقسو علي القسوة كلها فيسلبني تلك الثمالة الباقية التي هي ملاك عيشي، وقوام حياتي.
إن اليوم الذي أشعر فيه بخيبة آمالي، وانقطاع حبل رجائي، يجب أن يكون اخر يوم من أيام حياتي، فلا خير في حياة يحياها المرء بغير قلب، ولا خير في قلب يخفق بغير حب.
وكان طلبة المدرسة في شأننا قسمين: هازئ لا يزال يسخر بنا، وراحم لا يزال يتوجع لنا، ودمعة الراحم كابتسامة الساخر، كلاهما يؤلم النفس ويملؤها غصة وأسى.
قلبي نار الحب الشعري الجميل الذي لا تقنع المرأة من الرجل بدونه، ولا تأنس منه بشيء سواه، ونار الحب إن لم يتعهدها متعهدها بالتأريث والتأجيج فترت وانفثأت واستحالت جمرتها إلى رماد، والحب كالطائر لا حياة له إلا في الغدو والرواح، والتغريد والتنقير، فإذا طال سجنه في قفص القلب تضعضع وتهالك، وأحنى رأسه يائسا، ثم قضى.
الغيرة دخان الحب، فإذا انطفأت ناره انقطع دخانه.
ولما لم أجد في الناس من أحبه وأصطفيه أحببت نفسي وحريتي واصطفيتهما واثرتهما على كل شيء في العالم، فلا أحتمل أن أرى من ينازعني فيهما، أو يغالبني عليهما.
لا يفهم لغة القلب غير القلب ولا يشعر بسر النفس غير النفس.
أن هذا الفضاء على سعته وانفراج ما بين أطرافه أضيق في عيني من كفة الحابل، وأن منظر العالم قد استحال إلى شيء غريب لا أعرفه ولا عهد لي بمثله.
أنني ما ذهبت بعيدا، ولا طلبت مستحيلا، فكل ما أطمع فيه من جمال هذا العالم وزخرفه رفيق انس بقربه وجواره، وأجد لذة العيش في الكون معه، والسكون إليه.
ولا أزال ألمس صدري بيدي لأعلم أين مكان قلبي من أضلاعي مخافة أن يكون قد طار سرورا بتلك السعادة التي هي كل ما يتمنى المخير أن يكون.
قال: ما كنت محسنا قبل اليوم، ولكنه الحب يملأ القلب رحمة وحنانا، ويصغر في عينيه عظائم الأمور وجلائلها، ويوحي إليه أفضل الأعمال وأشرفها.
عفو الحياة خير من مجهودها، والسعادة كالزهرة لا تزال ناضرة ما قنع رائيها منها بمنظرها وأريجها، فإذا جاوز ذلك إلى لمسها والعبث بها ذبلت وذوت وذهب جمالها ورواؤها.
كن كما تشاء، وعش كما تريد، فستنقضي أيام شبابك وستنقضي بانقضائها أمانيك وأحلامك، وهنالك تنزل من سمائك التي تطير فيها إلى أرضي التي أسكنها، فنتعارف بعد التناكر، ونتواصل بعد التقاطع، ونلتقي كما كنا.
إن الذين يعرفون أسباب الامهم وأحزانهم غير أشقياء؛ لأنهم يعيشون بالأمل ويحيون بالرجاء، أما أنا فشقية؛ لأني لا أعرف لي دواء فأعالجه، ولا يوم شفاء فأرجوه.
واطلب السعادة إن أردتها بين أحضان الطبيعة وأعطافها، وفي كل ما يحمل بساط الأرض وتظلل قبة السماء، فالطبيعة أم حنون تضم بين ذراعيها أولادها البؤساء المحزونين فتمسح همومهم عن صدورهم، ودموعهم عن ماقيهم، وتملأ قلوبهم غبطة وهناء.
إن جميع ما يصيب المرء في حياته من بؤس وشقاء ليس الذنب فيه على القدر، بل على قصور الإنسان وجهله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق