قصص حب عبر التاريخ - منتديات غزل قلوب مصرية

قصص حب عبر التاريخ - منتديات غزل قلوب مصرية

قصص حب عبر التاريخ

أن كلمة ” حب ” حيرة الملايين و لكن من وجهة نظرى المتواضعة أن الحب درجات فمتى سوف نصل الى أسمى معانى الغرام
أنا هذة القصص التى سوف أسردها اليكم كثيرا منكم يعرفها ولكن تأملوها جيدا حتى تصلوا لمضمونها وتعرفوا ما ضحى هؤلاء من أجل بعضهم
لقد قرأتوا هذة القصص كثيرا على صفحات الأنترنت و لكن المميز هنا أننى حولت تجميعها فأتمنى منكم المشاركة


ما هو الحب العذري … نقي .. طاهر …. حب للجوهر والقلب …. لماذا أطلق عليه هذا الاسم هل لأنه لا يرتبط بالجسد
في الحقيقة للتسمية أصل تاريخي

وهو نسبة إلي قبيلة عذرة في أيام بني أمية ونسب إليها، واشتهرت به وبكثرة عشاقها المتيمين الصادقين في حبهم، المخلصين لمحبوباتهم، الذين يستبد بهم الحب، ويشتد بهم الوجد، ويسيطر عليهم الحرمان، حتى يصل بهم إلى درجة من الضنى والهزال كانت تفضي بهم في أكثر الأحيان إلى الموت، دون أن يغير هذا كله من قوة عواطفهم وثباتها، أو يضعف من إخلاصهم ووفائهم، أو يدفعهم إلى السلو والنسيان.

وقديماً قال رجل منهم : “لقد تركت بالحي ثلاثين قد خامرهم السل وما بهم داء إلا الحب”.
عذرة لم تنفرد وحدها من بين القبائل العربية بهذا اللون من الحب، وإنما ظهر أيضاً في غيرها من القبائل كقبيلة بني عامر حيث ظهر مجنون ليلى قيس بن الملوح، وقبيلة بني كنانة حيث ظهر قيس بن ذريح صاحب لبنى.

تاريخنا ملئ بقصص الحب التي تجعلك تشعر عند قرأتها أنهم مختلفون و أحيانا تشعر أن ما كتبه التاريخ مبالغ فيه

و سوف أبدأ بعرض أشهر هذه القصص تباعا بعون الله

و هذة الموضيع مقتابسة للأمانة ولكن تم تجميعها

أولا
عنترة و عبلة

ظل عنترة يثير خيالنا وأحاسيسنا ويرجف قلوبنا بقصته الأسطورية الجميلة، وبصفاته الأخلاقية الرفيعة، وبشعره العظيم المليء بصور جميلة أخاذة، وأوصاف دقيقة بديعة، وتعبيرات بليغة محكمة وبسيطة في الوقت نفسه. ومن يقرأ قصة عنترة لابد أن يتعاطف مع آلامه وصراعه العادل من أجل الحرية. يعتبر عنترة أحد الفرسان المشهورين..

هي أشهر قصص “المتيمين” الجاهليين هي قصة تستمد شهرتها من ناحيتين : من شهرة صاحبها الفارس الشاعر البطل، ثم من القصة الشعبية التي دارت حولها.

وعلى الرغم من شهرة هذه القصة، وعلى الرغم من ضخامة القصة الشعبية التي دارت حولها وكثرة التفاصيل والحواشي بها، فإن المصادر القديمة لا تمدنا بكثير من تفاصيلها، ولكنها في إطارها العام قصة ثابتة لا شك فيها بدلالة شعر عنترة الذي يفيض بأحاديث حبه وحرمانه.

نشأة لا تولد شاعر

نشأ عنترة العبسي من أب عربي هو عمرو بن شداد، وكان سيدا من سادات قبيلته، وأم أجنبية هي زبيبة الأمة السوداء الحبشية، وكان أبوه قد سباها في بعض غزواته.

وسرى السواد إلى عنترة من أمه، ورفض أبوه الاعتراف به، فاتخذ مكانه بين طبقة العبيد في القبيلة، خضوعا لتقاليد المجتمع الجاهلي التي تقضي بإقصاء أولاد الإماء عن سلسلة النسب الذهبية التي كان العرب يحرصون على أن يظل لها نقاؤها، وعلى أن يكون جميع أفرادها ممن يجمعون الشرف من كلا طرفيه : الآباء والأمهات، إلا إذا أبدى أحد هؤلاء الهجناء امتيازا أو نجابة فإن المجتمع الجاهلي لم يكن يرى في هذه الحالة ما يمنع من إلحاقه بأبيه.

حانت الفرصة

أغار بعض العرب على عبس وأستاقوا إبلهم فقال له أبوه: كُرّ يا عنترة
فقال: العبدُ لا يحسن الكَرّ إنّما يحسنُ الحِلاب والصّر
فقال له أبوه: كُرّ وأنت حُر
فهب عنترة كالإعصار يدفعه حب للحرية إلى فعل المستحيل. فهزم الأعداء ورد الإبل فادّعاه أبوه وألحقه بنسبه. استطاع بشجاعته أن يحقق حريته التي طالما حلم بها .

يجمع بين عنفوان القوى و رقة المحب


كان الأبطال يخشون نزاله. وأصبحت شجاعته أسطورة يرددها العرب إلى يومنا هذا. أحب عنترة عبلة بنت عمه مالك بن قراد العبسي، وتقدم عنترة إلى عمه يخطب إليه ابنته، ولكن اللون والنسب وقفا مرة أخرى في طريقه، فقد رفض مالك أن يزوج ابنته من رجل يجري في عروقه دم غير عربي، وأبت كبرياؤه أن يرضى بعبد أسود مهما تكن شجاعته وفروسيته زوجاً لابنته العربية الحرة النقية الدم الخالصة النسب.

هل يعجز المحب ؟

يقال إن عمه طلب منه تعجيزاً له وسدا للسبل في وجهه ألف ناقة من نوق الملك النعمان المعروفة بالعصافير مهراً لابنته، ويقال إن عنترة خرج في طلب عصافير النعمان حتى يظفر بعبلة، وأنه لقي في سبيلها أهوالا جساما، ووقع في الأسر، وأبدى في سبيل الخلاص منه بطولات خارقة، ثم تحقق له في النهاية حلمه، وعاد إلى قبيلته ومعه مهر عبلة ألفاً من عصافير الملك النعمان.

محاولة لتخلص منه


ولكن عمه عاد يماطله ويكلفه من أمره شططا، ثم فكر في أن يتخلص منه، فعرض ابنته على فرسان القبائل على أن يكون المهر رأس عنترة.

نهاية غير معروفة


ثم تكون النهاية التي أغفلتها المصادر القديمة وتركت الباحثين عنها يختلفون حولها، فمنهم من يرى أن عنترة فاز بعبلة وتزوجها، ومنهم من يرى أنه لم يتزوجها، وإنما ظفر بها فارس آخر من فرسان العرب.

وفي أغلب الظن أن عنترة لم يتزوج عبلة، ولكنه قضى حياته راهبا متبتلا في محراب حبها، يغني لها ويتغنى بها، ويمزج بين بطولته وحبه مزاجا رائعاً جميلاً.

وهو يصرح في بعض شعره بأنها تزوجت، وأن زوجها فارس عربي ضخم أبيض اللون، يقول لها في إحدى قصائده الموثوق بها التي يرويها الأصمعي :

إما تريني قد نحلت ومن يكن ** غرضاً لأطراف الأٍنة ينحل
فلرب أبلج مثل بعلك بادن ** ضخم على ظهر الجواد مهبل
غادرته متعفرا أوصاله ** والقوم بين مجرح ومجدل

بعد المصادر تروي أنه ظفر بها فعلا و تزوجها و لم تنجب له أولادا اختلفت النهاية و لكن المؤكد أن عنترة قد تفرد بحبه لعبلة وكان هذا التفرد من خلال قصائده ومعلقاته التي لم تكد تخلو من ذكر محبوبته عبلة، وذكر اسم الحبيبة علنا في القصائد لم يكن أمرا مألوفا فيما مضى، وبذلك خرج عنترة عن المألوف وتحدى سلطة مجتمعه وقبيلته. وحب عبلة كان له تأثير عظيم في نفس عنترة وشعره، وهي التي صيرته بحبها، ذلك البطل المغامر في طلب المعالي، وجعلته يزدان بأجمل الصفات وأرفعها، وهي سبب تلك المرارة واللوعة اللتين ربما لم تكونا في شعره لولا حرمانه إياها، وأصبح الحبيب الصادق في حبه، وبذلك خلد أسطورة الحب الصادقة إلى يومنا هذا.

أحب هذا البيت جدا من شعر عنترة

ولقد ذكرتك والرماح نواهلُ مني، وبيضُ الهند تقطرُ من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرِك المتبــــــــــــــــسمِ

ثانيا

اشهر واكبر قصة حب وغرام وعشق في الدنيا

قصة حب أسطورية تتحدى الزمان!!!
تحفة تاج محل ….

ثلاثة قرون ونصف مرت على بنائه ، ” تاج محل ” .. انه قصة حب
أسطورية خالدة عبر الزمن يزوره مالا يقل عن ثلاثة ملايين شخص
سنوياً.
إنها حياة مرأة ضربت أروع الأمثلة على الوفاء والإخلاص فتفتحت
لها أبواب التاريخ الواسعة وأصبحت سيرتها تتردد على الألسنة ،
وصار ضريحها إحدى عجائب الدنيا السبع ،،
هي المرأة الهندية المسلمة التي رفعت من شأن نساء العالم في
ذلك الوقت ونجحت في إثبات أن العقل والعاطفة والعمل خطوطاً
متساوية لا تناقض فيها على الإطلاق .

ومن روعة وتفرد هذا المكان تغنى به العديد من الشعراء مثل
طاغور فيما وصف الشاعر الإنجليزي السير ادوين ارنولد تاج
محل بقوله الشهير :
هي ليست قطعة معمارية كغيرها من الأبنية ولكنها رغبات
إمبراطور تعكس حب إمبراطور كتبت بأحجار حية.

ويحمل هذا الصرح الرائع بين جدرانه قصة حب نادرة ومكائد
ومؤامرات حاقدة من أقرب المقربين طمعاً في السلطة والجاه ,
ورغم مرور أكثر من 350 عاماً على بناءه إلا أنه لا يزال شعاع
البدر الهادئ والمتهادي الذي بُني بمشاعر الحب البيضاء
ونوافير العاطفة الجياشة والأحجار الطيعة اللينة التي تحمل
في طياتها ما تحمل من جماليات ومنمنمات في غاية الروعة,
كما أن القلاع المحيطة به ما هي إلا فرقة موسيقية تشير
إلى نجم الحفل (تاج محل) .

تاج محل..
شهادة ميلاد للحب الخالد , من الرخام الأبيض الطاهر حيث
يمتزج الفن المعماري مع التضحيات الإنسانية والمشاعر
الفياضة ,, حقاً إنها احتفالية بعظمة نسائية سطرت بالأحجار
صرحاً ينم عن عمق تقدير للمرأة والنساء عموماً فيما يراها
البعض حلماً بهياً قلما يزور النائم .
ويعتبر تاج محل من أعجب عجائب الدنيا بل ويعتبرها بعض
الباحثين الغربيين تحفة معمارية لم يولد مثيل لها حتى الآن،
ولا عجب في ذلك فتاج محل, أجمل صرح بناه المغول خلال
فترة حكمهم للهند.

أصل التسمية
وتعني كلمة تاج محل (قصر التاج) بينما لا تعرف حتى الآن
أصل تسمية القصر بتاج محل , وذلك لأن المؤرخين في عهد
الشاه كانوا يطلقون عليه (روزا) ممتاز محل ، أي ضريح
ممتاز محل ، وبعدها شاع اسم تاج محل ويترجم على أنه
قصر التاج أو تاج القصر .
وتعود جذور قصة بناءه إلى زواج شاه جيهان ..
{ الذي كان يعرف وقتها باسم الأمير حزام وصار فيما بعد
الإمبراطور المغولي الخامس , واسمه شهاب الدين }
من تاج محل واسمه الحقيقي هو ارجمند نانو بيجام .

ووالدها كان شقيقاً لنور جيهان زوجة السلطان, وكان في
تقليد المغول النساء المهمات في العائلة المالكة يمنحن
أسماء أخرى عند الزواج وفي بعض الأحداث الهامة في
حياتهن وبعد ذلك يشيع الاسم الجديد ويصير مستخدماً
من قبل الناس عامة.

وعلى الرغم من أن هذا الزواج كان الثاني للشاه إلا إنه
كان نابعاًمن قصة حب حقيقية وتجربة عاطفية سامية ،
وكانت ممتاز رفيقة دائمة لزوجها لا تتركه في كل رحلاته
وسفرياته وجولاته وزياراته ومهماته العسكرية بل
ومستشارته وصديقته وكانت الدافع القوي لقيامه بالكثير
من أعمال الخير والبر وخاصة مع الضعفاء والفقراء
والمحتاجين .و
قد أنجبت ممتاز من شاه أربعة عشر ولداً وماتت على
فراش الولادة في العام 1630 بعد ثلاث سنوات من خلعه
من العرش عندما كانت ترافقه في حملة عسكرية وعندما
عاد إلى السلطة اعتزم شاه أن يخلد ذكرى زوجته ،
فأبدع تاج محل ، وكان للظروف الحزينة التي أعقبت
موت الإمبراطورة أعمق الوقع وأبلغ الأثر في إلهام
الإمبراطور لتشييد هذا القصر الكبير الذي أقامه في
اجرا عاصمة حكم المغول .

ولم يكن غريباً بناءه في مثل هذه المدينة الجميلة ، حيث
تنتشر فيها القلاع الجميلة ذات الأحجار الحمراء التي قام
ببنائها الأباطرة المغول. وقد كان بناء هذه التحفة المعمارية
مشروطاً بتنفيد أربعة أشياء طلبتها ممتاز من زوجها بعد
موتها وتعكس جميعها مدى الحب وعمق الشعور التي كانت
تكنه له، وهى :
أن يبني تاج محل .
أن يتزوج بعدها .
أن يحسن معاملة أبنائه .
أن يقوم بزيارة الضريح في الذكرى السنوية لوفاتها .

ولكن وللأسف لم يستطع الوفاء إلا بالوعدين الأول والثاني ،،
وعندما اعتقل لمدة ثماني سنوات توفى في آخرها في القلعة
الحمراء الكبيرة التي تقع أمام تاج محل كان ينظر يومياً إلى
هذا الصرح الخالد لا يبكى على زوال عرشه وخلعه من
الحكم بقدر بكاءه على وفاة زوجته الغالية التي لم تستطع
امرأة سواها أن تمنحه الحب الذي منحته إياه ولم يستطع
أي شيء في العالم أن يعوضه الحنان الذي إفتقده بعد وفاتها
وهي تضع له ابنه الرابع عشر.

إنه تاج محل القبر أو الضريح الذي شيده شاه تقديراً ووفاءً
لزوجته ورفيقة حياته، إلا أن الدوافع والتفصيلات الحقيقية
والدقيقة حول الأيام وكيف دارت بين الزوجين وخاصة لحظات
البؤس الذي عاشته الملكة بسبب الوشايات والدسائس التي تمت
داخل القصر والتي كان هدفها التوقيع والوشاية بينهما إلا أن
حبهما لم يتأثر بكل هذه المؤامرات ، فقد عاش الزوجان شاه
جيهان وممتاز طوال 19 عاماً من المودة والمحبة حتى كان
يضرب بهما المثل إلا أنه وفي عام 1630 قام الزوج بحشد
قواته بكل ما لدية من إمكانيات عسكرية وبشرية وبدأ
حملة عسكرية ضد ابنه والوريث لمملكته وحكمه في منطقة
ديكان , وقد شاء القدر أن يمنحه النصر على التمرد والسيطرة
عليه .

ومن المعروف أنه كلما ازدادت الانتصارات تزداد المكائد فقد استطاعت
نور جيهان زوجة والد الأميرة ، أن تدبر مكيدة مخططة بشكل جيد لمحاولة
التفريق بينهما حيث أرسلت مبعوث بمهمة خبيثة تمثلت في تدبير لقاء بين
الأميرة وبين أحد الطامعين في العرش لكي يشي بها أحد أعوانه ويقتنع
بخيانتها له،وبالفعل تمت المكيدة ونجحت فى التوقيع بينهما فقرر الزوج
الخلاص من زوجته إلا أنه عدل عن ذلك وآثر حبسها عقاباً لها, وطلبت
منه أن يفعل بها ما يشاء بشرط أن يستمع إليها وروت له دسائس
نور جيهان , لكنه استمر في حبسه لها .

وجاء الأجل..
ففي أحد الأيام كان شاه جيهان في جنوب الهند لوقف تمرد بعض
الخارجينعن حكم الإمبراطورية, وصله نبأ يؤكد أن زوجته تعاني
من ألام وضع غير طبيعية وبعد أن وصل إليها وشعر بقسوة ما كان
منه مقابل الحب والعطف من هذه الزوجة الحانية بادلها بعبارات
الوفاء والإخلاص ودعته بعبارات الحب والتضحية, ومنذ تلك اللحظة
أخذ السلطان على نفسه عهداً بتخليد ذكراها في أحسن صورة وقد
كان ذلك بالفعل فبنى لها قصر تاج محل الذي يعتبر بحق أبهى وأجمل
قصر يعيش قصة حب ووفاء خلدها التاريخ .
وتقول الروايات التي انطلقت على حياته إنه كان يعتزم بناء قصر
مواجه لتاج محل ليكون ضريحاً له شخصياً عند ومقابلاً
لضريح زوجته ولكن مع وجود فارق بينهما وهو أن الأول
ضريح تاج محل من الرخام الأبيض أما ضريحه هو فسيكون
باللون الأسود بحيث يربط بينهما جسر كبير.

ولكن …
تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ولم يتحقق هذا الحلم حيث قام أحد
أبنائه بالحجر عليه واعتقاله بعدما قاد انقلاباً ضده وسيطر على
العرش الملكي وبالتالي قام بسجن والده في قصره المقابل لضريح
تاج محل حتى توفي إلا أنه وبدوافع إنسانية اقترح بعض أعوان
الإمبراطور الجديد دفنه بجوار زوجته ، ليروى هذا الصرح أروع
قصص الحب والوفاء والغفران ويصبح بحق أحد عجائب الدنيا
السبع .

ثالثا

قصة رميو وجوليت

عاشت في مدينة فيرونا عائلتان كبيرتان نبيلتان ولكنهما من أشدّ وألدّ الأعداءإذ تشاجر اللورد كابيوليت منذ سنوات خلت مع اللورد مونتيغيو, والآن لايمكن لأي فرد من آل كابيوليت أو حتى أي خادم مرتبط بأهل المنزل,أن يقابل فرداً من عائلة مونتيغيو من دون تبادل الكلمات والإهانات. وقد وجد مواطنون عاديون ساروا في الشوارع أنفسهم متورطين في القتال,فأعلن أخيراً أمير فيرونا أنه لن يتحمل وضع هاتين العائلتين أكثر من ذلك.
كما أنه سيقضي بإعدام أي فرد من العائلتين يخلُّ بأمن مدينة فيرونا .
كان روميو, الابن الوحيد لدى اللورد مونتيغيو, كئيباً على غير عادته . إنه يعاني , كما أخبر ابن عمه بنفوليو , ألم حب غير متبادل. إذ أن روزالين الجميلة لا تريد أن تقيم معه أي علاقة .
فحثَّ بنفوليو ابن عمه أن يعمد إلى تخفيف حزنه في مكان آخر مقترحاً على سبيل المزاح , أن يذهبا من دون دعوة إلى حفلة تنكرية في قصر أل كابيوليت حيث يمكن ل ِ روميو أن لايرى روزالين فقط , بل كثيراً من السيدات اللواتي يفقنها جمالاً. فوافق روميو الذي لم يسعه أن يقاوم فرصة النظر ملياً إلى محبوبته, خصوصاً أن صديقهم مركوشيو المرح الظريف والطيب القلب وصلته بطاقة دعوة لهذه الحفلة , وباستطاعتهم مرافقته . سيكون الجميع مقنّعين , فيمكنهم أن يمروا دون أن يتعرف إليهم أحد.
وهكذا , وفي ليلة الحفلة, وصلوا مقنعين إلى قصر آل كابيوليت , فرحب بهم اللورد كابيوليت , ثم انضموا إلى حشد الضيوف في قاعة الحفلات الضخمة. وسرعان ما اختفى بنفوليو وسط الحشد , لكن روميو وقف بهدوء جانباً , وهو يأمل أن يقع نظره على روزالين .
فجأة وقع نظره على فتاة شابه, على قدر كبير من الجمال, كانت قد رقصت برشاقة وسحر بالغين ,حتى أنه أسر تماماً فأصبحت روزالين في عداد المنسيين .
سأل رجلاً يخدم بالقرب منه : “من هي هذه السيدة ؟”
أجاب الرجل : “لست أدري يا سيدي “.
قال روميو مستغرباً : “هل أحب قلبي حتى الآن؟…. إذ لم أرَ أبداً جمالاً حقيقياً قبل هذه الليلة”.
لقد تحدث بصوت مرتفع فسمعه تيبلت ابن أخ اللورد كابيوليت السريع الغضب وتعرف إلى صوته.
وتيبلت هو أكثر أفراد عائلة كابيوليت المتعطشين للدماء, والذي أثاره المشادّة في الشارع التي دفعت الأمير إلى إعلانه الأخير , والآن أمر تيبلت المستعد أبداً للقتال , خادماً ليأتي بسيفه , لكن اللورد كابيوليت أوقفه وهو يسأل :”لماذا أنت ثائر هكذا ؟”
قال تيبلت وهوا يشير إلى المتنكر : “إن هذا فرد من أعدائنا , آل مونتيغيو . ياعمي”
عرف اللورد كابيوليت روميو , لكنه كان أكثر هدوءاً ودراية من ابن أخيه الصعب المراس , فقال بهدوء : “استرح أنت يا ابن أخي الطيب , دعه وشأنه”
أجاب تيبلت بغيظ :”لن أتحمله”
وجاء دور اللورد كابيوليت ليثور غضباً :
“هل أنا السيد هنا أم أنت ؟ أصمت !”
“لن أتحمله !….”
“إنك سوف تثير اللغط وسط ضيوفي !… إنك لفتى وقح …. ”
“أهدأ , أووووو….. ياللعار!!!!!”
“أنا سأجعلك تهدأ”
أما تيبلت , الذي قلما استطاع أن يسيطر على غيظه وألمه من جراء تعنيف عمه , خرج ثائرً من القاعة وهو يقسم بأن مونتيغيو الدخيل سيدفع ثمن هذه الإهانة.
في تلك الأثناء, كان روميو قد تقدم وتحدث إلى الشابة الجميلة وهو يجهل من تكون . لقد انجذب كل منهما للآخر على نحو غريب وعميق ,مع أنهما قلما تبادلا إلا بضع كلمات قبل أن تستدعى الفتاة.
ولم يعلم روميو بأنها جولييت إلا بعد ذهابها , إنها ابنة اللورد كابيوليت نفسه,عدو والده اللدود .
بعد انتهاء الحفلة,تمنى الضيوف لمضيفهم ولمضيفتهم ليلة سعيدة,واكتشفت جولييت أن الرجل الذي فاز بقلبها أثناء الحديث القصير هو روميو , أحد أفردا عائلة مونتيغيو التي تعلمت من عائلتهم أن تكرههم

كان روميو في طريق العودة إلى المنزل مع بنفوليو ومركوشيو .
فجأة وعلى حين غرة , قفز فوق الحائط إلى حرم قصر آل كابيوليت .وقد ناداه رفيقاه لإزعاجه , لكن روميو تجاهل نكاتهما حول لوعة حبه .
قال لنفسه وهو يقف متواريا ً في الظلال يستمع إلى ضحكهما : “يسخر من الندوب من لم يحس أبداً بألم الجرح ” . بعدها اختفى وقع أقدام صديقيه مع ابتعادهما .
فجأة لمع ضوء من نافذة في الطابق الأول , ثم خرجت جولييت إلى شرفتها .راقبها روميو بفرح ودهشة .
تنهدت ثم أرسلت أفكارها إلى الليل :
” أوه , روميو , روميو ! لم أنت يا روميو ؟ تبرأ من والدك وارفض اسمك , أوه إن تفعل أقسم بأن تكون حبي , ولن أبقى من عائلة كابيوليت بعد الآن … فاسمك وحده هو عدوي , أوه اتخذ اسما ً آخر :
مالاسم ؟ بأي اسم نسمي الوردة التي تفوح بالأريج نفسه …. “
لم يقو روميو أن يلبث صامتا ً أكثر من ذلك , بل قفز متقدما ً خارج الظلال التي تحجبه
وقال :” سأتعهد بكلمتك , ادعني حبا ً فقط وسوف أتعمد من جديد ” .
تراجعت جولييت مذعورة أمام ظهور غريب مفاجئ تحت نافذتها . لكن حين تعرفت إلى صوته , استحال خوفها خوفاً عليه .فاكتشاف أمره يعني الموت المحتم .
لكن بالنسبة إلى روميو لم يكن للخطر وجود بعدما أسكره علمه بأن جولييت أحبته . فقد أحبها هو أيضا ً وقد أخبرها بذلك .
لقد نطقت جولييت بلواعج نفسها الخفية بصوت مرتفع مسموع . لكنها كانت صغيرة , وطاهرة . عرفت الحب لأول مرة فلم تشعر بالخجل .
أرادت فقط أن تتأكد من أن روميو الذي أعلن لها بفصاحة بالغة , قد تحدث بصدق وإخلاص . حاول روميو أن يقنعها , فسألها : ” بم أقسم ؟ ” ومع أنها كانت صغيرة , إلا أن جولييت كانت ناضجة في تفكيرها , فقالت : “لا تقسم أبدا ً ” .
إن ما حدث لهما كان رائعا ً, لكنه كان متهورا ً جدا ً , طائشا ً جدا ً , فجائيا ً جدا , وشبيها ً جداً بالبرق .
لسوف يلتقيان ثانية , لكن عليها الدخول الآن.
فتوسل روميو إليها أن تعاهده بالحب قبل أن تغادر .
أجابت جولييت بالقول : ” لقد منحتك عهدي قبل أن تطلب ذلك مني . لكن إن كنت يا روميو جديا ً وراغباً بالزواج مني , فعين زمانا ً ومكانا ً وأبلغ ذلك إلى رسولي الذي سأرسله إليك . وسأكون مستعده لترك عائلتي والذهاب معك . وإن لم يكن هدفك الزواج , أرجوك أن ترحل وتتركني لحزني “
لم يبغ شيئا في الدنيا أكثر من الزواج منها .
ثلاث مرات قالا ليلة سعيدة , إلى أن توجب على جولييت المغادرة فعلا ً ….
“ليلة سعيدة , ليلة سعيدة ! فالفراق هو حزن لذيذ بحيث سأقول ليلة سعيدة إلى أن يأتي الغد “
هذا ما همست به أخيرا ً ثم توارت داخل غرفتها .
ومع شروق الشمس كان روميو ذاهبا ًإلى مرشده وصديقه الأخلورانس , وهو يكاد لايصدق حظه السعيد .
أخبر روميو الأخ الصالح قصته . لقد أحب ابنة اللورد كابيولييت وبادلته الحب , وتمنى أن يزوجهما الأخ في ذلك النهار بالذات . وقد فوجئ الأخ لورانس :
” يا إلهي ! ماهذا التغيير , هل تخليت بهذه السرعة عن روزالين التي أحببتها حبا ً جما ً ! ؟ “
أقنع روميو الأخ بأن هذا الأمر هو مختلف تماما ً .
إن حبه لجولييت عميق ودائم وليس مجرد افتتان عابر , وقد وعد الأخ بمساعدتهما ظنا ً أن زواجهما , ربما , ينهي العداوة المريرة بين العائلتين .
التقى بنفوليو ومركوشيو في الشارع ذلك الصباح وتساءلا عما حدث لروميو . فهما لم يشاهداه منذ حفلة آل كابيولييت حيث لم يعد إلى المنزل طيلة الليل .
وفيما هما يتحدثان …. رأياه يمشي بخطوات واسعة باتجاههما وبدلا ً من سماع تنهده وأنينه … كان مفعما ً بالبهجة والمرح ومستعدا ً للرد على نكات مركوشيو بنكات مماثلة .
قال مركوشيو مهللاً : “أنت الآن روميو الاجتماعي ! أليس هذا أفضل من أنين الحب ؟

وصلت مربية عجوز تتبختر بزهو , فبدأ الشبان الثلاثة يسخرون منها وقد امتلأوا بروح وثابة ..إلى أن اكتشف روميو أنها الرسول الذي أرسلته جولييت .
أبعد رفيقيه عنه ريثما يبعث برسالته التي تمنى على جولييت أن تتدبر أمر لقائه في صومعة الأخ لورانس , فالأخ سوف يعقد زواجهما بعد ظهر ذلك اليوم .
نقلت المربية الرسالة إلى سيدتها , وبعدما أخبرت جولييت والدتها بأنها ذاهبة إلى الصومعة , ذهبت بدل ذلك للتتزوج من روميو .
كان بنفوليو ومركوشيو يتمشيان بعد ظهر يوم حار , عندما شعر بنفوليو أن مشكلة ستقع .

لقد أرسل تيبلت رساله تهديد إلى روميو , واجتمع تيبلت وأفراد آخرون من عائلة كابيولييت في الساحة وكأنهم يتحضرون لقتال .
لم يكن بنفوليو جبانا ً, لكنه تذكر إعلان الأمير الذي يقضي بإعدام المتقاتلين في الشوارع ,فاقترح على مركوشيو أن يذهبا إلى مكان آخر .
لكن مركوشيو , قريب الأمير لم تكن له أي صلة قرابة مع أي من عائلة مونتيغيو أو كابيولييت , لذلك لم يكترث البته ولم ينو تأييد أي من العائلتين .
وهكذا عندما خاطبه تيبلت بشكل عدائي ومهين , واتهمه بالاتفاق مع عدو عائلة مونتيغيو , أجابه مركوشيو بالمثل , ونشب قتال بينهما ..لكن في تلك اللحظة مر روميو ,فالتفت تيبلت ليواجه عدوه الحقيقي .
فقال له : ” إن الكراهية التي أكنها لك يا روميو لا يعبر عنها بأفضل من هذه العبارة – أنت نذل – ” .
صفعت كلمات تيبلت الحاقدة روميو الذي كان قد تزوج لتوه من جولييت , ابنة عم تيبلت .
ولقد انتهت عداوة العائلتين بالنسبة إليه .. مع أن أحدا ً لم يعرف بزواجهما إلى أن يتسنى لهما إعلانه . فأجاب بلطف وقد ملأته سعادة خفيه :
” لست بنذل …. لذا وداعا ً … أرى أنك لا تعرفني “
لم تهدأ ثورة غضب تيبلت , فأمره قائلا ً : “استدر وتناول سيفك “
قال روميو بصبر مدهش : ” لن أفعل لأنني لم أؤذيك أبدا ً …. وهكذا كن راضيا ً”
لم يستطع مركوشيو تحمل أكثر من ذلك . فصديقه روميو يخضع للإهانة ويرفض القتال !
” إن هذا خضوع مهين ووضيع “
ينبغي ألا يغادر تيبلت هكذا وفي خلال لحظة كان مركوشيو وتيبلت قد استلا سيفيهما .
حاول روميو أن يفرقهما لكن دون جدوى , وبعد ذلك , وبنية طيبة , حاول روميو أن يبعد سيف مركوشيو عن تيبلت الذي أغمد سلاحه بسرعة في جسد مركوشيو وففر هاربا ً .

لهث مركوشيو : “لقد أصبت .. اللعنة على عائلتيكما ! لقد عجّل علي ! “
صعق روميو لحلول هذه المأساه أثناء قمة سعادته , حاول أن يهدئ صديقه فقال :” تشجع أيها الرجل ,فالجرح ليس عميقا ً “

بقي مركوشيو مرحا ً فترة بعدها قال هازئا ً :” لا , هو ليس عميقا ً كبئر , ولا واسع كباب معبد , ولكنه كافٍ للموت …! “
ثم توفي وهو يردد ” اللعنة على عائلتيكما … “
لم يستطع روميو أن يلبث هادئا ً أكثر من ذلك . فهو سبب موت صديقه الحميم , لذا يجب أن يثأر له .

وعندما قدم تيبلت يتبختر منتصرا ً , رد روميو على تحديه بمرارة , وقاتل بجدية وبقوة , لم يستطع تيبلت أنه يحاربه فيها .
خلال لحظات قليلة سقط تيبلت قتيلا ً , فيما نظر روميو إلى الجسد وقد أصيب بدوار وارتعاش وساوره شعور بمأساه قريبة .
حثه بنفوليو قائلا ً : ” لاتقف مصعوقا ً , فالأمير سيصدر حكما ً بموتك , لو تم القبض عليك , ابتعد ! ارحل ! ابتعد ! “
جمع روميو قواه وشق طريقه باتجاه صومعة الأخ لورانس قبل ثوان ٍ قليلة من وصول الأمير وأتباعه .
سأل الأمير : ” من هم الأشرار الذين بدأو هذا النزاع ؟ “
فشرح بنفوليو كيف بدأ ذلك كله بتحد ٍ من تيبلت لروميو ووصف له كيف حاول روميو أن يتجنب إراقة الدماء , لكنه دفع إليه بموت صديقه مركوشيو .
كان الأمير قاسيا ً وصارما ً. لقد أريق الدم في الشوارع وقتل قريبه .
وذبح تيبلت مركوشيو وتيبلت قتل .
لقد قتل روميو تيبلت ولا بد أن يعاقب .
بعدها أصدر الأمير حكمه بنفي روميو أو بموته .

في تلك الأثناء، كانت جولييت تنتظر زوجها بفرح. وقد هيأ روميو سلما من الحبال تقوم المربية بإحضاره بحيث يستطيع التسلق خفية إلى غرفة جولييت عند إشارة معينة.

وصلت المربية إلى بيت جولييت منتحبة، وقالت وهي تولول:” لقد مات تيبلت، ونفي روميو، لأنه قتله”.
فصاحت جولييت : ” يا إلهي! هل أراقت يدا روميو دم نيبلت؟” وفي غمرة حزنها استنكرت بشدة قتل ابن عمها – لكنها عادت إلي رشدها توا وتذكرت أن القاتل هو زوجها المحبوب.
سألت المربية : ” هل تستحسنين عمل من قتل ابن عمك؟!”
ردت جولييت: ” وهل أتحدث بالسوء عن زوجي؟
“إن زوجي على قيد الحياة، وقد كاد تيبلت أن يذبحه..وتيبلت مات، وهو الذي كاد أن يقتل زوجي…”
لكن روميو نفي- وهذه بالنسبة لجولييت أسوأ نكسة، فأخذت المربية العجوز تواسي سيدتها الباكية ووعدتها قائلة:” سأعثر على روميو كي اريحك”، ثم ذهبت إلي صومعة الأخ لورانس.
كان روميو شديد الإضطراب. وقد حاول الأخ لورانس أن يخبره بأن النفي هو حكم رؤوف، لأنه بديل عن عقوبة الموت.
لكن روميو لم يكن مصغيا. فالنفي كان يعني الإفتراق عن جولييت، وهذا كان أسوأ من الموت بالنسبة له. دفعه الأخ لورانس إلى للإستماع وغلي تعداد إيجابيات النفي. فهو حي وجولييت حية. وباستطاعته الذهاب إلي مدينة مانتوا والعيش هناك إلي أن يحين وقت إعلان زواجه من جولييت، وتتم المصالحة بين العائلتين . بعد ذلك ربما يصدر الأمير عفوا، وتمكن روميو من العودة إلى فيرونا والعيش بسعادة وأمان مع جولييت.
أصبح روميو أكثر هدوءا. ثم وصلت مربية جولييت تحمل رسالة تنبيء روميو بانتظار جولييت له، فغادر ليزور عروسه وهو مدرك أن عليه مغادرة فيرونا قبل الفجر وإلا عليه أن يواجه الإعتقال والموت.
أمضي روميو وجولييت ساعاتهما القليلة معا، بعدها رحل روميو وجلست جولييت تبكي فراقه.

ومن دون أن يدركا سبب حزن ابنتهما، ظن اللورد والليدي كابيوليت أنها تبكي لموت ابن عمها، فرجوها أن تكون أكثر إعتدالا في حزنها. وعندما تقدم كونت باريس المؤهل جدا للزواج من جولييت، ظن اللورد كابيوليت المتلهف لهذا الزواج الممتاز، أنه وجد وسيلة ليخفف بسرعة دموع ابنته. فقال للكونت باريس أن بإستطاعتهم الإستغناء عن الشكليات الرسمية وذلك بعدم سؤال جولييت عن رأيها. فهي ستوافق على مشيئة والدها، وسيتم الزفاف في غضون ثلاثة أيام.
أصابت الأبوين دهشة قوية لرفض جولييت هذا الزواج، فتضايقت الليدي كابيوليت من عناد ابنتها الأحمق، وساور اللورد كابيوليت غضب شديد ونعت ابنته بأنها عاصية وجاحدة وهددها بعقاب رهيب. توسلت جولييت أمام والدتها، وقالت برجاء:
” لاتتخليا عني، أخِرا هذا الزواج لشهر أو لإسبوع..”
لكن والدتها أجابت ببرود: ” لا تتحدثي إلي …إفعلي ماتشائين لأنني سئمتك”.
ثم توسلت جولييت إلى رفيقة حياتها ومربيتها العجوز: ” أريحيني ، إنصحيني…ماهو رأيك؟”
لكن المرأة العجوز المنهمكة في القيل والقال لم تشأ أن تتسبب في المتاعب، فقالت :” لقي نفي روميو ..أعتقد أن من الأفضل لك الزواج من الكونت. أوه إنه سيد رائع”…
عند ذلك أدركت جولييت أنها لن تحظي بأية مساعدة. وهي لا تستطيع الوثوق بأحد في منزلها، وعليها أن تخفي افكارها الحقيقية.
قالت لمربيتها العجوز: ” إذهبي وأخبري أمي إنني ذاهبة إلي صومعة الأخ لورانس لأعترف ويغفر لي بعدما أغضبت والدي”.
لكن الدافع لزيارة جولييت الأخ لورانس كان غير ذلك. فهي لم تذهب للإعتراف بل لترجوه المساعدة. كيف يمكن توقيف الزواج من الكونت باريس؟ إنها تفضل الإنتحار على الزواج منه.

تنتحر؟ هذه الكلمة قدمت فكرة إلى الأخ لورانس. فإن كانت جولييت يائسة إلى هذا الحد، فبإستطاعته أن يقترح علاجا يائسا لايملك غيره. فهي سيعطي جولييت مهدئا يدخلها في غيبوبة هي أشبه بالموت لمدة إثنين وأربعين ساعة. عند ذلك تظن عائلتها أنها ميتة، فتنقل إلى مدفن آل كابيوليت في المقبرة الكائنة في فيرونا، حيث تسجي في نعش مكشوف.
أثناء ذلك، يبعث الأخ برسول إلى مانتوا ليطلب من روميو الحضور خفية إلى المدفن، بحيث يصل هناك عندما تستفيق جولييت. عندئذ يستطيع الحبيبان العودة معا إلى مانتوا ريثما يكون الأخ قد شرح كل الأمر إلى عائلتيهما وتصبح عودتهما آمنة.
قبضت جولييت على الزجاجة الصغيرة التي قدمها الأخ وعادت إلى منزلها ساكنة، تظهر الطاعة لمشيئة والديها.
خلال الليلة التي سبقت يوم زفافها من الكونت باريس، طلبت جولييت أن تترك بمفردها كي تلجأ إلي فراشها باكرا، فيما تستمر التجهيزات.
نظرت إلى المهدىء، فسرت فيها رعشة من الخوف. ولنفترض أنه لم ينفع؟ ولنفترض أنه سم فتموت؟ أو لنفترض أنها أفاقت قبل أن يصل روميو فتجد نفسها في القبر مع جثث الموتي ولها وما من أحد يريحها؟ يجب أن تطرد مثل هذه الهواجس، ويجب أن لا تفكر إلا ب روميو.
هتفت وهي تجرع المهدىء: ” سأشرب هذا من أجلك “. ثم هوت إلي وسادتها وكأنها ميتة.
عندما جاءت مربيتها وأمها لإيقاظها في الصباح وإلباسها ملابس الزفاف الفاخرة، وجدتا جسدا ميتا ، فتردد صدى دموعهما ونحيبهما في القصر. أصبح حفل الزفاف موكبا جنائزيا، وحملت جولييت إلى مدفن العائلة يتبعها أصدقاؤها المنتحبون. قرأ الأخ لورانس مراسم الدفن، ورحل المعزون لتبقي جولييت مسجاة في القبر.

لكن خطأ ما طرأ على خطة الأخ لورانس. إذ تأخر الرسول الذي بعث به إلى روميو. وبدلا من وصول الرسول، وصل خادم روميو الذي حمل له نبأ وفاة جولييت. غمر الحزن روميو، فبدون جولييت لا يريد الإستمرار في الحياة، وصمم على شراء السم لوضع حد لحياتة الكئيبة. ولكن سيذهب إلي فيرونا ليلقي نظرة أخيرة عليها ومن ثم ينتحر.
عندما وصل رسول الأخ لورانس أخيرا، كان روميو قد غادر إلى فيرونا، وعادت الرسالة بتفسيرها المهلم إلى الأخ دون أن تسلم لروميو.
ذهب روميو إلى أملاك آل كابيوليت مباشرة، وهو لايدرى أن كونت باريس كان يحرس في ظلال المعبد بجانب قبر الفتاة التي أمل الزواج منها.
رأى الكونت باريس روميو، قاتل تيبلت، والذي بدا مستعدا ليلحق المزيد من العار بآل كابيوليت باختراق حرمة قبرهم. استل سيفه، فرجاه روميو بأن لا يقاتل بل أن يسمح له بالدخول إلى القبر بسلام، لكن باريس لم يسمع له، بل حاربه، فصرعه روميو ولكنه التمس وهو يزفر أنفاسه الأخيره أن يوضع بالقبر إلى جانب جولييت. فحمل روميو باريس إلى القبر.
هنالك تمدد تيبلت وهنالك تمددت جولييت بثوب عرسها ، وكانت جميلة جدا في موتها مثلما كانت وهي حية، لمس وجنتيها وشفتيها ثم هتف: ” هنا سوف ابقي، سأجعل رقادي الأخير”.
ثم جرع بسرعة السم الذي أحضره ليموت توا إلى جانبها.
أسرع الأخ لورانس إلى المدفن لينتظر وصول روميو ويقظة جولييت. وعندما صدمته رؤية جسد كونت باريس وجسد روميو، توسل إلى جولييت التي أفاقت حديثا أن تخرج معه. لكن عندما رأت جولييت زوجها ميتا بجانبها، لم تقبل أن تذهب، ففر الأخ بمفرده. نظرت جولييت إلى روميو وإلى زجاجة السم بيده. إنه لم يشأ أن يحيا بدونها، وهي لن تعيش بدونه. عانقته لآخر مره واستلت خنجره وطعنت به نفسها.
انتشرت إشاعات حول أحداث رهيبة في المدينة، فجاء آل كابيوليت وآل مونتيغيو والأمير نفسه إلى المدفن حيث كانت الأجساد الأربعة مسجاة بانتظارهم.
والآن، في غمرة ندمهم، كشف الأخ لورانس عن القصة كلها، إبتداء من شعائر الزفاف التي أجراها على أمل أن يسفر ذلك عن سلام عائلي، حتى تلك اللحظات المأساوية الأخيرة عندما لم ينفذ المخطط بدقة ليسفر عن هذه النتائج الرهيبة.
قال الأمير: ” كابيوليت! مونتيغيو! انظرا أى عقاب قاس جرته عداوتكما”.
وبحزن صافح الأبوان اللذان أصبحا الآن من دون أولاد. وانتهت العداوة القديمة بينهما. نظر اللورد مونتيغيو إلى جسد عروس ابنه ووعد بأن يشيد لها في فيرونا تمثالا من الذهب الخالص.

رابعا
عروة و عفراء

قصة حب حقيقية للشاعر عروة وحبيبته العفراء
كان هناك طفل يتيم يدعى عروة توفي والداه وهو صغير وأقام مع عمه وزوجته وكان لعمه ابنة اسمها عفراء فربي معها عروة وعاش معها طفولته البريئة إلى أن نشأ في بيت عمه و كبر وترعرع وحجبت عنه ابنة عمه ولكن عروة شغف قلبه بحب ابنة عمه شغفا عظيما فا حبها حبا لم يستطع تحمله فذهب إلى عمه طالبا يد ابنته فلما اخبر عمه بذلك سر عمه بهذا الخبر وفرح ولكنه في نفس الوقت أسف وحزن لأنه يعلم أن ابن أخيه ليس لديه المال الكافي لمهر ابنته فقال لابن أخيه : كم سررت لسماع هذا الكلام ولكنك تعرف يا بني متطلبات الزواج فسر عروة لموافقة عمه وقال : ابشر يا عمي فما مهرك فقال عمه : ثمانون ناقة . فوافق عروة وطلب من عمه إمهاله سنتان حتى يجمع هذا المال فوافق عمه وقال أنت لعفراء وعفراء لك فا نطلق عروة بعون الله يجمع المال وتمر الأيام والشهور ولا خبر عن عروة وبعد مرور سنة ونصف تقريبا أتى رجل من كبار التجار في الشمال والغالب انه من العراق إلى القرية وشاهد عفراء فأعجب بها وطلب يدها من أبيها ولكن أباها رده لأنها الآن أصبحت من نصيب عروة إن احضر المهر واتى إليه التاجر مرة أخرى فرده الأب فيئس التاجر وذهب إلى حال سبيله وعندما علمت الزوجة ذهبت الى زوجها وقالت له أنت تعلم أن عروة الآن مضى عليه أكثر من سنة ولا ندري أهو ميت أم حي ولا نعلم من أمره شي والبنت تأخرت على الزواج والرجل الذي أتانا من كبار التجار وصاحب وجاهة ومال ولا يرد أبدا وأخذت تقنعه بذلك إلى أن وافق وقال إذا أتاني مرة أخرى سأزوجه فذهبت المرأة الخائنة وأرسلت إليه من يخبره بان زوجها سيوافق إن أتاه مرة أخرى فذهب التاجر إلى الأب وطلب منه يد ابنته فوافق الأب ودقت الطبول ووضعت الولائم واجتمع أهل القرية على هذا العرس البهيج بفرح وسرور إلا شخصا واحدا ألا وهو عفراء الفتاة المسكينة التي تنتظر حبيبها بفارغ الصبر ليأتي وينقذها مما هي فيه فلم توافق على هذا الرجل ولم ترض به ولكن هذه الأم الخائنة للعهود أرغمتها وهددتها على هذا الزواج فكان بالغصب فزفت إلى التاجر وغادرا إلى الشام وفي هذه الأثناء كان عروه يجوب البلدان بحثا عن بعض المال ليكمل مهره وهو في كل لحظة لا يغيب عن باله التفكير في حبيبته وروح قلبه وابنة عمه ومعشوقته عفراء وهو لا يعلم شيئا عن خيانة عمه له إلى أن أكمل المال وانطلق وهو يتطاير فرحا إلى قريته وقد أنهكه طول الطريق ولكن حرارة الشوق تبعث فيه الطاقة والأمل ليواصل المسير إلى بلده فلما وصلت الأخبار إلى عمه بقرب وصول عروة صعق وامتقع وجهه ولم يدر ماذا يفعل فأشار إليه احدهم بان يبني قبرا ويخبره بان عفراء قد ماتت فأعجب العم بهذا الرأي فذهب إلى ناحية من الجبل فأقام فيه القبر فلما وصل عروة فرحا متهللا دخل على عمه وقال : ابشر ياعماه فها هو المهر فبدت على العم علامات الحزن واخبره بان عفراء ماتت وهذا قبرها فصدم عروة لهذا الخبر وجن جنونه ابنة عمي وحبيبة قلبي في هذا القبر وانفجر في البكاء والحزن الشديد وعكف على قبرها ينتحب ويبكي عليه لايفارقه أبدا ومضت به الحال على هذا المنوال وفي يوم من الأيام اقبل عليه رجل وعلى وجهه علامات التعجب والذهول وقال ماذا تفعل يا عروة فقال له عروة ابكي ابنة عمي فقال الرجل أتقصد عفراء فقال عروة نعم فقال له الرجل عفراء تزوجت منذ زمن فلان بن فلان وذهبت معه إلى الشمال فدهش عروة لهذا الخبر وذهب من فوره إلى الشام وعندما وصل البيت المقصود استقبله التاجر بطيب وترحيب وأكرمه وهو لا يعلم انه عروة فأقام عروة لديهم ثلاث ليال لا يعلمون شيئا عنه إلا انه ضيف غريب أتى من بلاد بعيده وفي يوم خرج التاجر إلى أعماله فاتت الجارية بماء لتسقي به الضيف الذي هو عروة فشرب عروة وعندما انتهى وضع خاتمه في الإناء فعادت به الجارية ومن عادتهم قديما أن يشربوا من إناء واحد فذهبت بالاناء الى سيدتها لتشرب وعندما همت بالشرب رأت الخاتم وذهلت لأنها تعرف صاحب هذا الخاتم تعرفه تماما فمن المستحيل أن تنسى حبيبها وابن عمها فلما عاد زوجها أخبرته وكان يعرف قصت ابن عمها تماما فذهب إلى عروة واحتضنه وادخل عليه ابنة عمه وقال له إن أردت أطلقها هذه الساعة فرفض عروة واكتفى برؤية ابنة عمه سالمة غانمة وغادر لا يلوي على شيء وقلبه محطم من الداخل على خيانة عمه وضياع حبه وأمله الوحيد في هذه الحياة ومن يومها سقط طريح الفراش ترعاه امرأة رثت لحاله فأرادت مساعدته واعتلت صحته فلا يأكل ولا يشرب وأصبح لا يتكلم أيضا وضل على هذه الحال المؤلمة يبكي حبيبته إلى أن مـــات..

مات قتيل الحب (عروة ابن حزام)

ويقال ان عفراء ماتت بعد وفاته بأيام حزنا عليه
وقد رثى عروة نفسه بقصيدة يشكي بها حاله والقصيدة طويلة من تسعين بيتا ولكن لا يتسع بنا المقام لذكرها وهي من روائع القصائد إلا إذا طلب الأعضاء الأعزاء مني أن اذكرها فلا شيء يغلى عليهم ولكن حاليا اذكر مقتطفات منها
فيقول في مطلعها :-
خليلي مـن عـليا هلال ابــن عامــر *** بصنعاء عوجا اليوم وانتظراني
ولا تزهدا في الأجر عندي وأجملا *** فــإنكمــا بـي اليـوم مـبـتـلـيــــان
الم تعلما أن ليس في المرخ كـــله *** أخ وصديـــق صالــح فـــذرانــي

ويقول أيضا :-

على كبدي من حب عفراء قرحة*** وعينــاي من وجد بها تكفــــان
فعفراء أرجى الناس عندي مودة *** وعفراء عني المعرض المتوان
فيا ليت كــل اثنين بينهمــا هــوى *** مــن النــاس والأنعام يلتقيـــان
فيقــضي حبيب مــن حبيب لبانــة *** ويــرعـاهمـا ربــي فــلا يريــان

ويقول أيضا:

واني لأهوى الحشر إن قيل أنني *** وعفراء يوم الحشر ملتقيان
فيــا لـيت محيانا جميعــا وليتــنـا*** اذا نحن متنا ضمننا كفنــان

ويقول أيضا في ذكر عمه :-

يكلفني عمي ثمانين ناقة *** ومالي والرحمن غير ثمان

ويقول أيضا:-

فيا عم ياذا الغدر لا زلت مبتلا *** حلــيفــا لهــم لازم وهــوان
غدرت وكان الغدر منك سجيتا *** فأورثت قلبي دائما الخفقـان
وأورثتني غما وكربا وحسرتـا *** وأورثت عيني دائم الهمــلان
فلا زلت ذا شوق إلى من هويته *** وقلبك مقســوم بكـــل مــكان

خامسا
قصة حب من قصص الشعراء العرب


قصة من قصص الشعراء العرب الذين قضوا نحبهم عشقاً فأما هو:
فهو بشر الأسيدي من بنى عبد العزى.. شاعر إسلامي وأما هي:
فهي *هند*، فتاة من قومه وإحدى فواضل نساء عصرها حسناً وجمالاً وأما حالتها الإجتماعية فمتزوجة من رجل يقال له سعد بن سعيد، وأما حالتها العاطفية فعاشقة حتى الثمالة لبشر..نظرت إليه مرة يوم كان يجتاز بمنزلها قاصداً رسول الله ، فلم تعد تملك إلاّأن تنظر إليه دوماً، حتى أدمنت المكوث كل غداة على دربه تنتظر إجتيازه. فإذا ما مر إضطرب كل شيء فيها إلا النظرة الثابتة إلى وجهه إلى أن تطويه المسافة بعيداً عنها، دون أن يكلف نفسه عناء رمي نظرة أو إلقاء تحية أو القيام بأي حركة تحسسها بشغل حيز في حياته.. فتناجي نفسها وتقول:
أهواكَ يا بشرُ دون الناس كلهم وغيركَ يهواني فيمنَعُهُ صدّي
تمرُّ ببابي لست تعرفُ ما الذي أكابدُ من شوقي إليكَ ومن بُعدي
فياليتني أرضٌ وأنتَ أمامها تدوسُ بنعليك الكرامِ على خدّي
ويا ليتني نعلاً أقيكَ من الحَفَا ويا ليتني ثوباً أقيكَ من البَرْدِ
تباتُ خليَّ البالِ من ألمِ الجَوَى وقلبي كواهُ الحبُّ من شدّةِ الوجدِ
وإنك إن قصَّرت عني ولم تزر فلابُدَّ بعدَ الصدِّ أدفن في لحدي
ولما تجاوز الحب حدّه، دمّر حدوده وتحول إلى شعر يدوَّن ورسالة توجه إليهفكتبت ما يعتمر في داخلها، ثم أخذت الجارية الكتاب وسارت به إلى بشر ولما وصلت إليه سلمت عليه فرد عليها السلام وسألها عن حاجتها. فقالت الجارية: “إني جارية السيدة *هند* وقد أرسلتني إليك بكتاب هذا هو فأخذهوقرأه وفهم معناه ثم إلتفت نحو الجارية وسألها: “هل سيدتك عذراء أم ذات بعل”.فقالت الجارية: “بل متزوجة وزوجها موجود في المدينة”.فرد بشر القول بالقول وواجه حبّها بالواجب المفروض عليها تجاه زوجها ودعاهاإلى الإعتصام بكلام الله وقال:
عليكِ بتقوى الله والصَّبر إنّه نهى عن فجور بالنساءِ مُوَحّدُ.
وصبراً لأمرِ الله لا تقربي الذي نهَى الهُ عنه والنبيّ محمدُ
فلا تطمعي في أن أزوركِ طائعاًوأنت لغيري بالخناءِ معوّدُ
وأخذت الجارية الكتاب وسلمته إلى سيدتها التي عزّت عليها نفسها كثيراً فبكت بكاء مراً وكتبت إليه تقول:
أما تخش يا بشر الإله فإنني لفي حسرةٍ من لوعتي وتسهدي
فإن زرتني يا بشر أحييتَ مهجتي وربي غفورٌ بالعطا باسطُ اليدِ
ومرة أخرى عادت إليه الجارية برقعة من سيدتها وصعب على بشر ما هي فيه فكتب لها هذه الأبيات:
أيا *هند* هذا لا يليقُ بمسلمٍ ومسلمةٌ في عصَمة الزوج فابعدي
أما تعلمي أن السَفاح محرّمٌ فحولي عن الفحشاءِ والعيبِ وارتدي
بهذا نهى دين النبيِّ محمدٍ فتوبي إلى مولاكِ يا هندُ ترشدي
لكن الكلمات كلها لم تكن لتكفيها في وصف ما تكابده من حبه، وكل العادات والقوانين ما كانت لتثنيها. ولكنه لم ييأس بل دأب على مراسلتها ليهديها فكتب:
إن الذي منع الزيارة فاعلمي خوف الفساد عليك أن لا تعتدي
وأخافُ أن يهواكِ قلبي في الهوى فأكون قد خالفتُ دينَ محمدِ
فلما وصلها هذا الكتاب انكمدت نفسها ومرضت فكتبت إليه تقول:
أيا بشر ما أقسى فؤادَك في الهوى ما هكذا الحبُ في مذهبِ الإسلامِ
إني بُليت وقد تجافاني الصفا فارحم خضوعي ثم زد بسلامِ
ضاقت قراطيسُ التراسل بيننا جفّ ال****ُ وحفيت الأقلامُ
فلما وقف بشر على هذه الأبيات أجابها بقوله:
لا والذي رفعَ السماءَ بأمره ودحى بساط الأرض باستحكامِ
وهو الذي بعثَ النبي محمداً بشريعة الإيمان والإسلامِ
لم أعصِ ربي في هواك وإنني لمطهر من سائر الآثامِ
وحلف أن لا يمر بباب *هند* ولا يقرأ لها كتاباً، فلما إمتنع كتبت له:
سألت ربي فقد أصبحتَ لي شجناً أن تُبتلى بهوى من لا يُباليكا
حتى تذوقَ الذي ذقتُ من نَصَبٍ وتطلب الوصل ممن لا يواتيكا
وتشتكي محنة في الحب نازلة وتطلب الماء ممن ليس يسقيكَ
بلاك ربي بأمراض مسلسلةٍ وبامتناع طبيب لا يداويكَ
ولا سروراً ولا يوماً ترى فرحاً وكل ضرٍ من الرحمن يبليكَ
فلما لج بشر وترك الممر ببابها أرسلت إليه بوصيفة لها فأنشدته هذه الأبيات فقال للوصيفة: “لأمر ما لا أمر”. فلما جاءت الوصيفة أخبرتها بقول بشر فكتبت وهي تقول:
كفّر يمينك أن الذنبَ مغفورُ وأعلم بأنك أن كفّرت مأجورُ
لا تطردنّ رسولي وارثينّ له إن الرسولَ قليلُ الذنبِ مأمورُ
واعلم بأني أبيتُ الليلَ ساهرةً ودمع عيني على خديَّ محدورُ
أدعوه باسمِكَ في كربٍ وفي تعبٍ وانت لاهٍ قريرُ العين مسرورُ
وأما هندٌ فقد أصبحت بعدها موجة بشر بحرها وزهرة بشر عطرها، تقطف من محياه كلما مرّ بعضاً من الحياة فكيف تعيش إن حجب عنها؟؟ وأما بشر فقد خاف على نفسه من الفضيحة فارتحل إلى بطحاء تراب ليلاً. ووقفت جارية *هند* على أمره فأعلمت سيدتها، فاشتد عليها ذلك ومرضت مرضاً شديداً فبعث زوجها إلى الأطباء فقالت له: “لا تبعث إليّ طبيباً فإني عرفت دائي، قهرني جني في مغتسلي فقال لي: تحولي عن هذه الدار فليس لك في جوارنا خير”. فأجابها الزوج: ما أهون هذا فقالت: إني رأيت في منامي أن أسكن بطحاء تراب فقال: “اسكني بنا حيث شئت”. فاتخذت هناك داراً على طريق بشر وجعلت تمضي الأيام في النظر إليه كل غداة إذا غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى برئت من مرضها وعادت إلى حسنها، فقال لها زوجها: “إني لأرجو أن يكون لك عند الله خير لما رأيت في منامك أن أسكني بطحاء تراب فاكثري من الدعاء”. وكانت مع *هند* في الدار عجوز فأفشت إليها أمرها وشكت إليها ما أبتليت به وأخبرتها أنها خائفة أن يعلم بشر بمكانها فيترك الممر ويأخذ طريقاً آخر فقالت لها العجوز: لا تخافي فإني أعلم لك أمر الفتى كله وإن شئت أقعدتك معه ولا يشعر بمكانك فقالت “ليت ذاك قد كان. ولما همّت العجوز بالإنصراف قالت لها *هند*:
ساعديني واكشفي عني الكروب ثم نوحي عند نوحي ياجنوبْ
واندبي حظي ونوحي علناً إن حاليَ بَعْده شيءٌ غريبْ
ما رأت مثلي زليخا يوسفٍ لا ولا يعقوب بالحزنِ العجيبْ
فقعدت العجوز على باب الدار حتى أقبل بشر فسألته أن يكتب لها رسالة إلى إبنها في العراق فقعد وراحت تملي عليه وهند تسمع كلامهما. فلما فرغ قالت العجوز لبشر: يا فتى، إني أراك مسحوراً فقال لها: ما أعلمك بذلك؟ فأجابته: ما قلت لك إلا وأنا متيقنة فانصرف عني اليوم حتى أنظر في أمرك. ثم دخلت إلى *هند* وبشّرتها قائلة: إني أراه فتى حدثاً ولا عهد له بالنساء ومتى ما أتى وزيّنتك وطيّبتك وأدخلتك عليه غلبت شهوته وهواه دينه. وفي مرة كانت قدإاتفقت فيها مع *هند*، دعته لتنظر له نجمه فأدخلته إليها وأغلقت الباب عليهما فلم يشعر إلاّ والباب أقفل ووقفت أمامه حسناء كأنها البدر وقد إرتمت عليه وأخذته إليها وهي تقول:
يا بشر واصلني وكنْ بي لطيفاً إني رأيتك بالكمالِ ظريفا
وانظر إلى جسمي وما قد حلّ بي فتراه صار من الغرام نحيفا
فلما رأها راعه جمالها وعلم ببراعته أنها *هند* التي هجر مقره من أجلها فتباعد عنها متعطفاً وأنشد متلطفاً:
ليس المليحُ بكاملٍ في حسنهِ حتى يكونُ عن الحرامِ عفيفَا
فإذا تجنب عن معاصي ربه فهنالك يدعى عاشقا وظريفا
فجاء زوج *هند* في غير عادته في كل يوم فوجد مع إمرأته رجلاً في البيت فطلقها ولبب الفتى أي طوقه وجره وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فكبى بشر أمام الرسول وحلف بأنه ما كذبه منذ صدقه وما كفر بالله منذ آمن به وقص على النبي صلى الله عليه وسلم قصته. فبعث النبي إلى العجوز وهند فأقرتا بين يديه فقال: “الحمد لله الذي جعل من أمتي نظير يوسف الصديق”. فأدب العجوز وأعاد *هند* إلى منزلها. بعد هذه الحادثة هاج بشر بحب *هند* وإنتظر إنتهاء عدتها ليخطبها، لكن *هند* رفضت أن تتزوجه بعد أن فضحها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءها رسول من أهله يعلمها بأنه طريح الفراش وقد يموت إن هي لم ترض به فقالت: أماته الله فطالما أمرضني فكتب إليها يقول:
أرى القلب بعد الصبر أضحى مضيّعا وأبقيت مالي في هواك مضيّعا
فلا تبخلي يا هندُ بالوصل وارحمي أسير هوى بالحبِ صارَ مَضْيّعَا
فلما وصلتها الأبيات كتبت تحتها تقول:
أتطلب يا غدَّار وصلي بعدما أسأت ووصلي منك أضحى مضيّعَا
ولما رجوتُ الوصلَ منك قطعته وأسقيتني كأساً من الحزن مُتْرَعا
واخجلتني عند النبي محمد فكادت عيوني أن تسيل وتطلعا
وزادت هذه الأبيات من لوعته وأضرمت نيران الحب في قلبه فكتب إليها:
سلام الله من بعد البعاد على الشمس المنيرةِ في البلادِ
سلام الله يا هندُ عليك ورحمته إلى ييومِ التنادي
وحقِّ الله لا ينساك قلبي إلى يوم القيامةِ يا مرادي
فرقّي وارحمي مضنى كَئيباً فبشر صار ملقى في الوسادِ
فداوي سقمه بالقرب يوماً فقلبي ذابَ من ألم البعادِ
لكن جرحها كان أكبر من أن تبلسمه الكلمات وفضيحتها كانت أوسع من أن تحصرها الزفرات فردت عليه تقول:
سلامُ الله من شمسِ البلادِ على الصبَّ الموسد في المهادِ
فإن ترجُ الوصال وتشتهيه فأنت من الوصالِ على بعادِ
فلست بنائلٍ منّي وصالاً ولا يدنو بياضك من سوادي
ولا تبلغ مرادك من وصالي إلى يوم القيامةِ والتنادي
فلما وصل إليه الكتاب إمتنع عن الطعام والشراب حتى إشتدت علّته وكانت له أخت تواسيه فطلب منها أن تأتيه بهند. فلما علمت *هند* بأنه على آخر رمق من الحياة سارت معها إليه فوجدته يقول:
إلهي إني قد بُليت من الهوى وأصبحتُ ياذا العرش في أشغل الشغلِ
أكابد نفساً قد تولّى بها الهوى وقد ملّ إخواني وقد ملّني أهلي
وقد أيقنتْ نفسي بأني هالكٌ بهندٍ وأني قد وهبتُ لها قتلي
وأني وإن كانت إلي مُسيئة يشقُّ عليَّ أن تعذّب من أجلي
فبكت *هند* وبكى معها كل من كان حاضراً وأنشدت:
أيا بشر حالك قد فنى جسدي وألهب النار في جسمي وفي كبدي
وفاض دمعي على الخدين منسكباً وخانني الدهر فيكم وانقضى رشدي
ما كان قصدي بهذا الحال أنظركم لا والذي خلقَ الإنسانَ من كمدِ
فما سمع كلامها أوما إليها وأنشد:
أيا *هند* إذا مرّت عليك جنازتي فنوحي بحزنٍ ثم في النوح رنّمي
وقولي إذا مرّت عليك جنازتي وشيري بعينيك عليَّ وسلّمي
وقولي رعاكَ اللهُ يا ميَّّتَ الهوى وأسكنكَ الفردوسَ إن كنتَ مسلم
ثم شهق شهقة وفارقت روحه الدنيا فلما رأته إرتمت عليه وأنشدت:
أيا عينُ نوحي على بشر بتغرير ألا ترويه من دمعي بتقديرِ
يا عينُ أبكي من بعد الدموعِ دماً لأنه كان في الطاعات محبورِ
لفقدِ بشرٍ بكيتُ اليومَ من كمدٍ لا خير في عيشةٍ تأتي بتكديرِ
ألقاك ربك في الجناتِ في غُرَفٍ تلقى النعيم بها بالخير موفورِ
ثم ألقت بنفسها عليه وحركوها فإذا هي ميتة فغسلوهما ودفنوهما في نفس المكان والزمان

هذة القصص لم تنتهى بعد و سنضيف أيضا بأذن الله قصص جميلة وحديثة وأتمنى من الله أن ينال الموضوع أعجابكم و فى أنتظار الردود حتى أشعر بأن تعبى فى تجميعهم لم يذهب هبأ أنتظروا المزيد من القصص بعد الرد وشكرا

04-01-2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق