المبتدأ والخبر وأنواعهما

تعريف المبتدأ

هو الركن الأوّل من الجملة، وعالم النحو سيبويه قد عرّفه على أنّه: (كلّ اسم ابتدئ ليُبنى عليه كلام، فالمبتدأ والمبني عليه رفع، فالابتداء لا يكون إلا بمبنيّ عليه، فالمبتدأ الأول والمبني ما بعده عليه، فهو مُسند ومُسند إليه)، ففي تعريفه هذا اشترط سيبويه على أن تبدأ الجملة الاسميّة بالمبتدأ وما بعده يُبنى عليه ليكمل ما بدأ به ووافقه في ذلك ابن السراج، أما عبد القاهر الجرجانيّ فلم يوافقهما إذ إنّه لم يشترط أن يقع المبتدأ في مقدمة الجملة الاسميّة.[2]

تعريف الخبر

عرّف ابن السراج الخبر على أنّه الاسم الذي يمثّل خبر المبتدأ الذي نبّه السامع، والذي فيه يكون تصدیق المعلومة أو تكذیبها، كما أنّ النحاة لم يختلفوا كثيرًا في تعريف الخبر مثل اختلافهم في تعريفهم للمبتدأ؛ حيث عرّفوه أيضًا على أنّه: (ذلك الجزء الذي تحدث به مع المبتدأ الفائدة المتحصلة بالإسناد، شریطة ألا یكون المبتدأ وصفًا مشتقًا مكتفیًا بمرفوعه، ولا یكون الخبر إلا مسندًا)، فالخبر هو الذي يصف لنا حال المبتدأ وبه تتم الفائدة ويتم المعنى، مثل أن نقول: السماءُ صافيةٌ، فكلمة “صافيةٌ” هنا هي الخبر الذي اكتمل به معنى الجملة المبتدئة ب”السماء”، فلولاه لم نكن لنفهم ماذا يريد القائل أن يخبرنا عن السماء، كما أنّ فيه تمثل صدق المعلومة من كذبها فيما إذا كانت صافية أم غير ذلك.[3]

صور المبتدأ

المبتدأ لا يكون إلّا كلمة واحدة، مثل: السماءُ صافيةٌ؛ فالسماء كلمة واحدة وهي هنا مبتدأ،أو مصدرًا مؤولًا مثل قو له تعالى: {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ}[4]، فالمصدر المؤول من” أن تصوموا” صيامكم في محل رفع مبتدأ.

ومن صور المبتدأ أيضًا:

  • أسماء الشرط التي تأتي مبتدأ، وخبرها جملة الشرط، مثل:” مَنْ يهنْ يسهلْ الهوان عليه” فمن هنا اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملة الشرط المكونة من فعل الشرط “يهن” والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ.

  • المخصوص بالمدح أو الذّم إن كان مقدمًا، مثل:”خالد نعم القائد” فخالد مبتدأ والجملة الفعلية من الفعل الجامد نعم والفاعل في محل رفع خبر.

  • ضمير الشأن: مثل: {قل هو الله أحد}[5]” فــ “هو” ضمير شأن مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ والجملة الاسمية المكونة من المبتدأ الثاني ” الله” وخبر المبتدأ الثاني” أحد” في محل رفع خبر المبتدأ الأوّل.

  • كلمة” كأيِّن” الخبرية إن وقعت مبتدأ، مثل ” وكأيِّن من مريض شفاه الله.

  • المبتدأ في أسلوب الاختصاص، مثل: نحن العرب نكرم الضيف.

صور الخبر

الخبر المفرد

يتمثّل الخَبَر المُفرد في كونه الاسم الذي يُطابق المُبتدأ في الإفراد، والتّثنية، والجمع بأنواعه، كما يشمل هذا التّطّابق التّذكير والتّأنيث، ويُمكن القول أنّ الخَبَر المُفرد هو ما لم يكُن جملة أو شبه جملة، مثل: (الولد مهذب)، و ا(لطالبتان مجتهدتان)، و(المعلمات رائعات)، و(هم أطفال).[6]

الخبر الجملة

هو أن يكون الخَبَر الذي يُراد به الإخبار عن المُبتدأ على هيئة جُملة على اختلاف نوعيها (الفعليّة والاسميّة)، وقد تَرِد الجُملة على نحو مُشابه لمعنى المُبتدأ، وحينها لا حاجة لاستخدام رابط يربطها مع المُبتدأ، مثل: (عزائي اللهُ ناظِري)، أمّا عند الحاجة لرابط يدلّ على المُبتدأ ويُوضّحه، يتمّ استخدام عدّة روابط، وهي:[7][8]

  • الضّمير: يُعدّ هذا الرّابط الأصل في الرّوابط جميعها، مِثل: (حاتمٌ خالُـ”ـه” مُسافرٌ).

  • أسلوب الإشارة: يتمّ استخدام أدوات الإشارة بعد المُبتدأ للدّلالة عليه، مِثل: (الصّائمون أولئك الفائزون).

  • تكرار المُبتدأ لفظيّاً: أن يتمّ إعادة ذكر المُبتدأ بذات الّلفظة التي ذُكر فيها بدايةً، مِثل: (الْقَارِعَةُ*مَا الْقَارِعَةُ).[9]

شبه الجملة

هو الخَبَر الذي يكون على صورة (جار ومجرور) أو (ظرف)، وحتّى يتحقّق وُقوعهما كخَبَر في الجملة الاسميّة، يجب عليهما أن يكونا تامّيْن، وهذا يعني القدرة على فهم المُتعلَّق المحذوف من الجُملة، كما تكون الجملة الاسميّة الظّرفيّة على شكلين (ظرف زمان، وظرف مكان)، وظرف المكان فيها ما ذُكِر فيه اسم العين، أمّا ظرف الزّمان ما ذُكِر فيه اسم المعنى، ولا يؤخذ بالظّرف على أنّه الخَبَر إلّا بعد أن يكون ذا فائدة. ويجب الإشارة إلى أنّه وجب ذِكر المُتعلَّق في الجملة إذا لم تقترن بما يُوضّحها، مِثل جُملة: (خالد خلفَ الحديقة)، ومع إضافة المُتعلَّق للتّوضيح تُصبح: (خالدٌ جالس خلف الحديقة). الجدير بالذِّكر أنّ عُلماء النّحو اختلفوا في كون المُتعلَّق اسماً مِثل: (موجود أو مُستقِرّ أو كائن)، أو أن يكون فعلاً مِثل: (يتواجد، يستقرّ، يكون)، لكنْ هُناك فئة من العلماء الذين أجازوا العمل بهما، كما أنّ هذا التّعلُّق يكون في حالتين هُما:[10]

  • المُتعلَّق العامّ: جملة: (سعيدٌ في المسجد)، في هذه الجُملة يكون تقدير الجُملة: (سعيدٌ يستقرّ أو مُستقِّر) أو ما شابه المعنى.

  • المُتعلَّق الخاصّ: هو المُتعلّق الذي يتمّ الاستدلال عليه بـ”القرينة”، مِثل: (وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ)،[11] فيكون القصد هُنا أنّ الأنثى تُقتل بالأنثى.

وجوب تقديم المبتدأ على الخبر

هناك حالات لا يجوز للمبتدأ إلا أن يكون متقدِّمًا على الخبر، وهو الوضع الأصيل والترتيب الأصليّ في الجملة الاسميّة، ومن هذه الحالات التي يجب فيها تقديم المبتدأ على الخبر ما يأتي:[12] إذا كان الخبر محصورًا فيه المبتدأ ب” إلا” أو” إنّما”، مثل: ما المعلم إلا ثروة. ف” المعلم” مبتدأ و” ثروة” خبر المبتدأ. إنْ كان المبتدأ والخبر متساويين في التعريف والتنكير؛ فخشية اللّبس يتقدّم المبتدأ وجوبًا، مثل: أبي صديقي. فكلمة” أبي” و” صديقي” متساويتان في التعريف. فإذا وجدت قرينة تعيّن المبتدأ والخبر جاز التقديم أو التأخير، مثل: المدرسة الأولى البيت. إنْ كان الخبر جملة فعليّة يحوي ضميرًا يعود على المبتدأ، مثل: البنت تطيع أمّها. ف” البنت” مبتدأ، والجملة الفعلية” تطيع أمها” في محل رفع خبر.

جواز تقديم المبتدأ على الخبر

الأصل في المبتدأ أن يتقدّم على الخبر؛ وذلك لأنّ المبتدأ محكوم عليه بالخبر، وهناك حالات يجوز فيها تقديم المبتدأ أو تأخيره؛ أنْ لا يترتب على التقديم والتأخير فساد في المعنى أو التركيب، مثل: العلمُ غذاءُ الرّوحِ، فلو أخرنا المبتدأ” العلم” على الخبر لما فسد المعنى أو فسد التركيب فتصبح الجملة: غذاءُ الرّوحِ العلمُ، كما يجوز تقديم المبتدأ أو تأخيره في مخصوص” نعم” و” بئس”، مثل: نعم القائد زيد. ف” زيد” مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. أو” زيد” خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو.[13]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق