كيف كُسِرَ أنف أبو الهول في مصر؟

«أبو الهول».. التمثال الذي يعود تاريخه إلى حقبة من أهم الحقب في تاريخ مصر، فهو تمثال فرعوني أسطوري برأس إنسان وجسد أسد، يقع على هضبة الجيزة غرب النيل، في وضع وكأنه يحرس الأهرامات.

والتمثال الذي يعد من أقدم المنحوتات الضخمة في العالم يبلغ طوله نحو 73.5 متر، من ضمنها 15 مترا طول رجليه الأماميتين، وعرضه 19.3 متر، وأعلى ارتفاع له عن سطح الأرض حوالي 20 مترا إلى قمة الرأس، حيّر الكثيرون حول حقيقة الشخصية التي كان يرمز لها، وكذلك أثار العديد من التساؤلات والروايات حول سبب كسر أنفه لتصبح بالشكل الذي يوجد عليه التمثال حاليا.

تقول الكذبة التاريخية المتداولة، إن تمثال أبو الهول هو أحد ضحايا القائد الفرنسى الأشهر نابليون بونابرت، بعدما أصابت دانة مدافع الفرنسيين أنف أبو الهول، بينما كانوا يحاولون قمع ثورة القاهرة الأولى، أو الثانية، وعلى الرغم من قِدم تلك الكذبة، ألا إنها متداولة حتى يومنا هذا.

وإذا عدنا لصورة نابليون وهو وجيوشه أمام تمثال أبو الهول، سنجد وقتها التمثال مشوهًا بالفعل، مما ينفى الكذبة التاريخية بالكامل، ويبرئ نابليون من الجُرم الذى التصق به.

نابليون بونابرت امام تمثال ابو الهول
نابليون بونابرت أمام تمثال أبو الهول

الجنود الفرنسين اما تمثال ابو الهول
الجنود الفرنسيون أمام تمثال أبو الهول

حاول الكثير من المؤرخين الوصول إلى صحة الشائعة التاريخية، ومصدرها، وكانت الكذبة مثار اهتمام كثيرين حول العالم، ففى يناير 2018 أكدت صحيفة الجارديان البريطانية، أن القائد الفرنسى، نابليون بونابرت، لم يكن هو من حطم أنف تمثال أبى الهول بالجيزة، وذلك بعد العثور على لوحة فنية للفنان الدنماركى فريدريك لويس نوردن، رسمها لأبو الهول قبل ولادة نابليون بعقود من الزمن، ويظهر فيها “أبو الهول” وأنفه مكسور أيضًا، فقد رسمت اللوحة فى عام 1737، أى قبل 61 عامًا من تاريخ حملة نابليون بونابرت إلى مصر، وقبل ولادة بونابرت نفسه بـ32 عامًا.

فريدريك لويس نوردن
فريدريك لويس نوردن

وفى نفس توقيت العثور على لوحة الفنان الدنماركى، أوضح بسام الشماع عالم المصريات، أنه من الممكن أن يخرج أى شخص يقول: إن فنانًا عالميًا رسم تمثال أبى الهول بأنف من خياله قبل عام 1737، ولهذا تستطيع الفنون التشكيلية أن ترصد هل هذا الفنان، الذى رسم لوحة أبو الهول بأنف محطم، زار مصر من الأساس أم لا.

فى التصريحات التى قالها بسام الشماع، كشف فيها إن أنف أبى الهول كسرت بفعل فاعل لأن الجزء العلوى من الأنف يتواجد به ثقب كبير، وأيضًا ثقب صغير على الجنب الآخر من الأنف، مما أدى إلى وقوعها بسهولة، ولم يكن وقوع الأنف نتيجة بعوامل التعرية أو برياح الخماسين أو الأمطار الحمضية، وأكبر دليل على ذلك أن جسد أبو الهول به خطوط موازية لبعضها البعض لتحمل الرياح على مدار السنين، إضافة إلى هذا فهناك لوحة بالمتحف المصرى تسمى “الإحصاء” تقول إن قلنسوة النمس أى غطاء رأس أبو الهول من الخلف أصابته صاعقة من السماء، فإذا كسر الأنف فى الحياة المصرية القديمة كان كتب أيضًا.

ولمزيد من التحقق مع الدكتور على حليم، أستاذ الآثار المصرية بجامعة عين شمس، والذى أكد أن كسر أنف أبى الهول كان على يد شخص يدعى الشيخ محمد صائم الدهر، وكان فاطميًا متعصبًا، يرى أن الآثار يجب هدمها، معتقدا أنها أوثان، لذلك قام بحملة لإزالة تلك التماثيل، وعلى رأسها  “أبو الهول”، وظلّ يجتهد فى تحطيمه، إلى أن اكتفى بتشويه فمه وأنفه، وظل التمثال على هذا الحال إلى يومنا هذا.

وتابع على حليم: هذا ما أكدته رواية المُؤرِّخ المصرى المقريزى، حيث كتب فى كتاب “المواعظ والاعتبار”: “فى زمننا كان شخص يعرف بالشيخ محمد صائم الدهر، من جملة صوفية الخانقاه الصلاحية، سعيد السعداء، قام فى نحو من سنة ثمانين وسبعمائة بتغيير أشياء من المنكرات، وسار إلى الأهرام، وشوّه وجه أبى الهول وشعثه، فهو على ذلك إلى اليوم.. استشاط صائم الدهر غضبًا من المصريين لتقديمهم قرابين للتمثال لزيادة محاصيلهم، فحاول تشويهه، وأعدم بسبب تخريبه، ولقد فقد الأنف من وجه التمثال، الذى يبلغ عرضه مترًا واحدًا”.

المقرزي
المقريزى

وعندما علم الحاكم، عام 781 هجرية، بما فعله الشيخ المذكور قبض عليه وقطعه إربًا إربًا، وأمر بدفنه بجوار أبى الهول، والغريب أن الرمل، بعد تحطيم وجه “أبو الهول” بدأ يزحف على المنطقة، حتى غطى أراضى كثيرة من الجيزة، كانت تصل إليها مياه نهر النيل”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق