د. شادية خليل تكتب: عندما يموت الضمير الإنسانى

الضمير هو شعور حسى غير ملموس يوجد بداخل القلوب ، فهو بذرة زرعها الله عز وجل فى قلوب البشرية ليميزون بها بين الخير والشر ، وبين الحق والباطل ، فدائماً ما يوجه الضمير الإنسانى سلوك الفرد. والضمير قد يكون حياً يقظاً ينبه صاحبه بعدم الإقدام على فعل الأخطاء والآثام حين التفكير بها ، وأيضاً أن يكون الإنسان قادراً على الإيذاء ولا يُقدم بأى حال من الأحوال على هذا الفعل مما بلغت قدرته على ذلك حتى مع من أذاه يوماً ؛ أما صاحب الضمير الميت لا يستطيع التفرقة بين الحق والباطل ، ولا بين الخير والشر ولا يشعر بآلام الآخرين ممن حوله ولا يسمع إلا صوت نفسه فقط التى تتسم بالأنانية وحُب الذات.

فدائماً ما يكون الضمير الحى يستوعب ويُدرك قيمة الإيثار وحُب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة من أجل نهضة ورُقى الجميع لينهض بهم ولهم ؛ أما الضمير الميت فلا يهتز له ساكن عند رؤية آلام الآخرين ولا يشعر بهم مُطلقاً وكأنه لم يشاهد شيئاً ، وغالباً ما يشعر أنه يُشاهد مسرحية درامية أو مسلسل تليفزيونى أو فيلم درامى يستمتع بمشاهدته حتى أن يُسدل الستار وتكتب كلمة النهاية على هذا الفيلم أو المسلسل.

فصاحب الضمير الميت له سمات وخصائص تميزه عن غيره من البشرية الإنسانية فهو عندما يكذب مثلاً أو يسرق ، أو يقتل لا يهتز وجدانه ، ولا يقتصر على ذلك فقط فإنه أيضاً لا يشعر بضعف الشيخ الكبير ولا دموع الطفل الصغير ، ولا بوهن إمرأة ، ولا بمن هو محتاج ومريض ، ولا بمن هو مظلوم.

 لكن هيهات لصاحب الضمير الميت الذى يغرق فى ظلمات طغيانه ناسياً قوله الله عز وجل فى كتابه العزيز فى سورة الأنفال الآية 30 {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} ، وقوله عزل وجل فى سورة الانعام الآية 123 {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} .

لاشك أن غياب وموت الضمير الإنسانى يرجع دائماً إلى البيئة التى يعيش فيها الفرد ، وكذلك إلى التربية والتنشئة الاجتماعية فكلاهما لهما عامل أساسى ومؤثر فى تشكيل عقل وضمير الإنسان ، وأيضاً أصدقاء السوء الذين يدفعون الفرد دائماً إلى فعل المعاصى ويكون لهم بذلك تبريراً لتشكيل عقل الفرد ، فدائماً ما تكون القدوة لها عامل مؤثر سواء بالإيجاب أو بالسلب على ضمير الشخص.

 وأخيراً عافانا الله وعافاكم من كل سوء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق