وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30)
سبب النزول
قوله عز وجل: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ الآية 29 .
أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن عليّ بن عمران قال: أخبرنا أبو علي بن أحمد الفقيه قال: أخبرنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل المحاملي. قال: حدثنا زكرياء بن يحيى الضرير قال: حدثنا سليمان بن سفيان الجهني قال: حدثنا قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: جاء غلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي تسألك كذا وكذا، فقال: "ما عندنا اليوم شيء"، قال: فتقول لك اكسني قميصك، قال: فخلع قميصه فدفعه إليه وجلس في البيت حاسرًا، فأنـزل الله سبحانه وتعالى: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ الآية.
وقال جابر بن عبد الله: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قاعدًا فيما بين أصحابه أتاه صبي فقال: يا رسول الله إن أمي تستكسيك درعًا ولم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قميصه، فقال للصبيّ: "من ساعة إلى ساعة يظهر كذا، فعد إلينا وقتًا آخر"، فعاد إلى أمه، فقالت قل له: أمي تستكسيك القميص الذي عليك، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم داره ونـزع قميصه وأعطاه، وقعد عريانًا، فأذن بلال للصلاة فانتظروه فلم يخرج، فشغل قلوب الصحابة، فدخل عليه بعضهم فرآه عريانًا، فأنـزل الله تبارك وتعالى هذه الآية.
وقال جابر بن عبد الله: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قاعدًا فيما بين أصحابه أتاه صبي فقال: يا رسول الله إن أمي تستكسيك درعًا ولم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قميصه، فقال للصبيّ: "من ساعة إلى ساعة يظهر كذا، فعد إلينا وقتًا آخر"، فعاد إلى أمه، فقالت قل له: أمي تستكسيك القميص الذي عليك، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم داره ونـزع قميصه وأعطاه، وقعد عريانًا، فأذن بلال للصلاة فانتظروه فلم يخرج، فشغل قلوب الصحابة، فدخل عليه بعضهم فرآه عريانًا، فأنـزل الله تبارك وتعالى هذه الآية.
29- مَحْسُورًا أي تَحْسِرُكَ العطيةُ وتقطعك، كما يَحْسِرُ السفر البعير فيبقى منقطعًا. يقال: حسَرت الرجلَ فأنا أَحْسِرُه، وحسِر فهو يحسِر.
30- يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ يوسِّع عليه.
30- يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ يوسِّع عليه.
آ:29 وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا
"مغلولة" مفعول ثان، الجار "إلى عنقك" متعلق بـ"مغلولة"، "كل" نائب مفعول مطلق. قوله "فتقعد": الفاء للسببية، والفعل منصوب بأن مضمرة، والمصدر المؤول معطوف على مصدر متصيد من الكلام السابق أي: لا يكن بَسْط فقعود، "ملوما محسورا" حالان من الضمير في "تقعد".
آ:30 إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا
جملة "إن ربك يبسط" اعتراضية بين المتعاطفين، وجملة "إنه كان" مستأنفة في حيز الاعتراض. الجار "بعباده" متعلق بـ"خبيرا".
يقول تعالى آمرًا بالاقتصاد في العيش ذامّا للبخل ناهيًا عن السَّرَف: ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ) أي: لا تكن بخيلا منوعًا، لا تعطي أحدًا شيئًا، كما قالت اليهود عليهم لعائن الله: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [ المائدة: 64 ] أي نسبوه إلى البخل، تعالى وتقدس الكريم الوهاب.
وقوله: ( وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) أي: ولا تسرف في الإنفاق فتعطي فوق طاقتك، وتخرج أكثر من دخلك، فتقعد ملومًا محسورًا.
وهذا من باب اللف والنشر أي: فتقعد إن بخلت ملومًا، يلومك الناس ويذمونك ويستغنون عنك كما قال زهير بن أبي سُلمى في المعلقة:
وقوله: ( وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) أي: ولا تسرف في الإنفاق فتعطي فوق طاقتك، وتخرج أكثر من دخلك، فتقعد ملومًا محسورًا.
وهذا من باب اللف والنشر أي: فتقعد إن بخلت ملومًا، يلومك الناس ويذمونك ويستغنون عنك كما قال زهير بن أبي سُلمى في المعلقة:
ومـن كـان ذا مـال ويبخـل بمالـه
ومتى بسطت يدك فوق طاقتك، قعدت بلا شيء تنفقه، فتكون كالحسير، وهو: الدابة التي قد عجزت عن السير، فوقفت ضعفًا وعجزًا فإنها تسمى الحسير، وهو مأخوذ من الكلال، كما قال تعالى: فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ [ الملك: 3 ، 4 ] أي: كليل عن أن يرى عيبًا. هكذا فسر هذه الآية -بأن المراد هنا البخل والسرف -ابن عباس والحسن وقتادة وابن جريج وابن زيد وغيرهم.
وقد جاء في الصحيحين، من حديث أبي الزِّنَاد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مثل البخيل والمنفق، كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثدييهما إلى تراقيهما. فأما المنفق فلا ينفق إلا سَبَغَت -أو: وفرت -على جلده، حتى تُخفي بنانه وتعفو أثره. وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئًا إلا لزقت كل حلقة مكانها، فهو يوسعها فلا تتسع".
هذا لفظ البخاري في الزكاة .
وفي الصحيحين من طريق هشام بن عُرْوَةَ، عن زوجته فاطمة بنت المنذر، عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنفقي هكذا وهكذا وهكذا، ولا تُوعِي فَيُوعي الله عليك، ولا توكي فيوكي الله عليك" وفي لفظ: "ولا تُحصي فيحصي الله عليك" .
وفي صحيح مسلم من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قال لي: أنفق أنفق عليك" .
وفي الصحيحين من طريق معاوية بن أبي مُزَرِّد، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة رضي < 5-71 > الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينـزلان من السماء يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا" .
وروى مسلم، عن قتيبة، عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: "ما نقص مال من صدقة، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا ومن تواضع لله رفعه الله" .
وفي حديث أبي كثير، عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "إياكم والشُّح، فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا" .
وروى البيهقي من طريق سعدان بن نصر، عن أبي معاوية، عن الأعمش، [عن ابن بريدة] عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يخرج رجل صدقة، حتى يفك لَحْيَي سبعين شيطانا" .
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبيدة الحداد، حدثنا سُكَين بن عبد العزيز، حدثنا إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما عال من اقتصد" .
وقوله [تعالى] ( إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ) إخبار أنه تعالى هو الرزاق، القابض الباسط، المتصرف في خلقه بما يشاء، فيغني من يشاء، ويفقر من يشاء، بما له في ذلك من الحكمة؛ ولهذا قال: ( إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ) أي: خبير بصير بمن يستحق الغنى ومن يستحق الفقر , كما جاء في الحديث: "إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه".
وقد يكون الغنى في حق بعض الناس استدراجًا، والفقر عقوبة عياذًا بالله من هذا وهذا.
وقد جاء في الصحيحين، من حديث أبي الزِّنَاد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مثل البخيل والمنفق، كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثدييهما إلى تراقيهما. فأما المنفق فلا ينفق إلا سَبَغَت -أو: وفرت -على جلده، حتى تُخفي بنانه وتعفو أثره. وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئًا إلا لزقت كل حلقة مكانها، فهو يوسعها فلا تتسع".
هذا لفظ البخاري في الزكاة .
وفي الصحيحين من طريق هشام بن عُرْوَةَ، عن زوجته فاطمة بنت المنذر، عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنفقي هكذا وهكذا وهكذا، ولا تُوعِي فَيُوعي الله عليك، ولا توكي فيوكي الله عليك" وفي لفظ: "ولا تُحصي فيحصي الله عليك" .
وفي صحيح مسلم من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قال لي: أنفق أنفق عليك" .
وفي الصحيحين من طريق معاوية بن أبي مُزَرِّد، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة رضي < 5-71 > الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينـزلان من السماء يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا" .
وروى مسلم، عن قتيبة، عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: "ما نقص مال من صدقة، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا ومن تواضع لله رفعه الله" .
وفي حديث أبي كثير، عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "إياكم والشُّح، فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا" .
وروى البيهقي من طريق سعدان بن نصر، عن أبي معاوية، عن الأعمش، [عن ابن بريدة] عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يخرج رجل صدقة، حتى يفك لَحْيَي سبعين شيطانا" .
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبيدة الحداد، حدثنا سُكَين بن عبد العزيز، حدثنا إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما عال من اقتصد" .
وقوله [تعالى] ( إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ) إخبار أنه تعالى هو الرزاق، القابض الباسط، المتصرف في خلقه بما يشاء، فيغني من يشاء، ويفقر من يشاء، بما له في ذلك من الحكمة؛ ولهذا قال: ( إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ) أي: خبير بصير بمن يستحق الغنى ومن يستحق الفقر , كما جاء في الحديث: "إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه".
وقد يكون الغنى في حق بعض الناس استدراجًا، والفقر عقوبة عياذًا بالله من هذا وهذا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق