هل يعدّ ورقة بن نوفل رحمه الله من الصحابة ؟

 



هل يعدّ ورقة بن نوفل رحمه الله من الصحابة ؟


ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي ، ابن عم خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، مختلف في صحبته :

1 - فمن العلماء من ذكره في الصحابة كالطبري والبغوي وابن قانع وابن السكن وغيرهم - كما في "الإصابة" (6 /607) .
وقال الزركلي رحمه الله :
" وفي المؤرخين من يعده في الصحابة ، قال البغدادي : ألف أبو الحسن برهان الدين إبراهيم البقاعي تأليفا في إيمان ورقة بالنبي ، وصحبته له ، سماه " بذل النصح والشفقة ، للتعريف بصحبة السيد ورقة ".
انتهى من "الأعلام" (8 /115) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الظاهر لي والله أعلم أنه يعد صحابيا ، فيترضى عنه " انتهى .

وسئل الشيخ صالح الفوزان :
" ما هو الأولى بحق ورقة بن نوفل إذا ذكر هل يترضى عليه ؟
فأجاب حفظه الله :
" بلا شك ، نعم هو صحابي يُترضى عنه " انتهى .

وعلى ذلك القول : يكون ورقة بن نوفل هو أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ولهذا نقول: أول من آمن به من النساء خديجة ، ومن الرجال ورقة بن نوفل " .
انتهى ."مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (8 /613) .
2 – ومن العلماء من قال : إنه ليس صحابيا ، ولكنه آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ومات في فترة الوحي .
قال ابن كثير رحمه الله :
" وتقدم الكلام على إيمان ورقة بن نوفل بما وجد من الوحي ، ومات في الفترة رضي الله عنه " انتهى من "البداية والنهاية" (3 /25) .
وقد ذكر الذهبي حديث عروة أنه قال : " مر ورقة بن نوفل على بلال وهو يعذب ، يلصق ظهره بالرمضاء وهو يقول : أحد أحد ، فقال ورقة : أحِّدْ أحِّدْ يا بلال ، صبرا يا بلال ، لم تعذبونه ؟ فو الذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا .
ثم قال الذهبي : " هذا مرسل ، وورقة لو أدرك هذا لعد من الصحابة ، وإنما مات الرجل في فترة الوحي بعد النبوة وقبل الرسالة ، كما في الصحيح " انتهى من "سير أعلام النبلاء" (1 /129) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله بعد أن ذكر حديث بدء الوحي :
" فهذا ظاهره أنه أقر بنبوته ، ولكنه مات قبل أن يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام ، فيكون مثل بحيرا ، وفي إثبات الصحبة له نظر " انتهى .
"الإصابة" (6 /607)
3 - ومنهم من توقف فيه وذكر الخلاف :
قال ابن منده : " اختلف في إسلامه ، روى عنه عبد الله بن عباس ، ولا أعرف من قال إن ورقة أسلم ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقطع بإسلامه ، وعبد الله بن عباس لم يسمع منه " .
انتهى من "تاريخ دمشق" (63 /4) .
وقال الكرماني : " فإن قلت ما قولك في ورقة ؛ أيحكم بإيمانه ؟ قلت لا شك أنه كان مؤمنا بعيسى عليه السلام ، وأما الإيمان بنبينا عليه السلام فلم يُعْلَم أن دين عيسى قد نسخ عند وفاته أم لا ، ولئن ثبت أنه كان منسوخا في ذلك الوقت ، فالأصح أن الإيمان التصديق وهو قد صدقه من غير أن يذكر ما ينافيه " انتهى من "عمدة القاري" (1 /168) .
وسئل الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله عن ورقة بن نوفل هل يعتبر صحابيا أو من أهل الفترة ؟ ولم ؟
فأجاب الشيخ رحمه الله : " إذا كان قد ثبت إسلامه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو صحابي وقوله : " إنه الناموس الأكبر " ليس تصريحا بإسلامه لأنه قال : " إن يدركني يومك " ولم يدركه " انتهى من "فتاوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي" (ص 313) .
والراجح – والله أعلم – أنه مؤمن موحد ، ولكن لا يعد في الصحابة ؛ لأنه مات في فترة الوحي بعد النبوة وقبل الرسالة .
وقد روى الحاكم (4211) عن عائشة رضي الله عنها : " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( لا تسبوا ورقة فإني رأيت له الجنة ، أو جنتين ) صححه الحاكم على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، وذكره الألباني في "الصحيحة" (405) ورجح الدارقطني إرساله ، كما في "العلل" (14/157) .

فلو صح فإنه مشعر بعدم قطع الصحابة بصحبته ؛ إذ لو كان صحابيا لما احتاج إلى أن يُنهى الناس عن سبه – رحمه الله - .

والله تعالى أعلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق