اختلف مع من تحب !
اختلف مع من تحب !
لكل منا وجهة نظر في معظم أمور الحياة ،
وقد تتفق مع محاورك في رأي وتختلف في آراء ،
وقد تجمعكما فكرة ، وتفرقكما أفكار أخرى.
يعود هذا إلى الاختلاف الطبيعي بين البشر
فاختلاف الأهواء والميول العقول والمدارك ،
أوجد اختلافا في الاتجاهات ووجهات النظر ،
ورؤية كل منا تجاه حدث أو وضع معين .
لكن للأسف الشديد يوجد لدى معظمنا
إشكالية في تعامله مع الرأي الذي يخالفه ،
فما برحنا نعتقد أن من يخالفنا الرأي
فكأنما يعلن الحرب على ذواتنا ،
ويتهم عقولنا بعدم الإدراك ،
وهذا ـ لو نعلم ـ غير صحيح البتة .
إن المرء منا قد يتبنى وجهة نظر ويتحمس لها
وهذا حق لا يعترض عليه أحد ،
بيد أننا يجب ألا ننسى أن نبدي احتراماً وتفهماً
لوجهة النظر الأخرى ،
ونحفظ للآخر حقه في التمسك بها والدفاع عنها .
روي أن أحد طلاب الإمام أحمد بن حنبل كتب كتاباً
في اختلاف الأئمة وسماه كتاب ( الاختلاف )،
ودفع به للإمام أحمد كي يلقي عليه نظرة
ويبدي فيه رأيه ، فقال له الإمام أحمد
( لا تسمه كتاب الاختلاف ، ولكن سمه كتاب السعة )
نعم هو دليل على سعة هذا الدين ،
واتساع صدره لآراء مجتهديه ورؤاهم المختلفة ،
والاختلاف ما دام في ابتغاء الحق فليس باختلاف
بل هو كشف عن مساحات أخرى للحقيقة .
يقول أبي حيان التوحيدي في كتابه
( الإمتاع والمؤانسة) :
( ما دام الناس على فطر كثيرة ، وعاداتٍ حسنةٍ وقبيحة
ومناشئ محمودةٍ ومذمومة ،وملاحظات قريبة وبعيدة
فلا بد من الاختلاف في كل ما يُختار ويُجتنب ..
وكل من حاول رفع هذا فقد حاول رفع الفطرة ،
ونفي الطباع ، وقلب الأصل ،
وعكس الأمر ، وهذا غير مستطاع ولا ممكن ) .
وللأسف الشديد كثيرا ما نرى اختلافاً
في وجهة نظر
أوجد شقاقا في المعاملة ، وأوغر الصدر ،
وفرق بين أخوة يربطهم دم ودين ونسب وصهر ! .
ونصيحتي لك يا صاحبي ألا تحجر
على رأي أحد
أو تصادر حقه في طرح وجهة نظره ،
ناقش وجادل بالتي هي أحسن ،
ولكن حاذر أن تفقد أحد بسبب اختلافه معك
في وجهة نظرك ، ليكن شعارك دائما كسب القلوب
قبل كسب المواقف ،
اشطب من قاموسك اللغوي الكلمات
التي تحمل صبغة الحدة مثل
(لا بد ، يجب أن ، من الواجب ) ،
واستبدل عنها بكلمات رقيقة راقية مثل
(من وجهة نظري ، أعتقد ، في ظني ،
هل توافقني في .. ) .
وليسع قلبك كل البشر ، وليسع عقلك مختلف الآراء ،
ولا تنس أن الحق ليس حكرا على أحد ،
وانك لست على صواب لمجرد أنك أنت ! .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق