5 أخطاء عليكِ تجنبها أثناء تربية طفلك

طفل حزين

عدم ارتكاب الأخطاء نهائيًا أمر لا ينتهي لعالم البشر، لذلك الاستعداد المسبق والتعلم عن تربية الأطفال، لن يضمن لك عدم الوقوع في الخطأ، لكنه يساعدك على إدراك ذلك الخطأ فور حدوثه، وسيُعرّفك الطرق الصحيحة لتداركه، فالوعي بالمشكلة أول الخطوات لحلها، لذلك إليك خمسة أخطاء شهيرة في التربية يقع فيها معظمنا.

 1. المساعدة الزائفة

لا تعطني سمكًا، ولكن علمني كيف اصطاد، فالسمك يطعمني شهرًا، والصيد يطعمني دهرًا

أن تُعلم أحدًا الصيد هو أصعب بالتأكيد من أن تعطه سمكة جاهزة، يستهلك من وقتك وجهدك وصبرك الكثير، لكنك بذلك تضمن له أن يستطيع الحصول على طعامه حين لن تكون أنت موجودًا لتعطه السمك.

إن كل مساعدة زائدة نقدمها للطفل هي في الحقيقة عقبة في طريق تطوره، طفلك الآن ينمو في طريقه ليصبح فردًا مستقلًا في المجتمع، وكل ما يحتاجه هو أن يكتسب تلك الاستقلالية التي سيعيش بها حياته، لا أن تمارس أنت استقلاليته بدلًا منه، فلا داع لأن تربط عنه حذائه بل علمه كيف يربطه لنفسه، علمه كيف يعد طعامه بدلًا من أن تطعمه، وكيف ينظف الفوضى التي خلفها بدلًا من أن تنظفها عنه، أنت بذلك لا تخدم طفلك وحسب، بل تخدم أسرته المستقبلية ومجتمعه ككل، فالفرد المستقل هو فرد معطاء ومنتج ومتكيف بشكل إيجابي في محيطه، وعلى العكس من ذلك فالفرد الاعتمادي هو فرد مستهلك، يستهلك وقت وجهد غيره لتلبية حاجاته، وفي رحلته الدائمة للبحث عمن يلبي حاجاته بطريقة ترضيه لا يجد متسعًا كافيًا من الوقت لبذل العطاء.


2. التشجيع المثبط

هب أنك تشهد سباق ركض للرجال، أخبر أحدهم أنه قد فاز وسيتوقف عن الركض على الفور!

إن منح الطفل صفة ما كأمر مسلم به لا يشجعه على اكتسابها كما يعتقد البعض، بل يثبطه عن السعي لها، فكيف يسعى المرء لشيء يمتلكه بالفعل؟

حين يريك الطفل لوحته فكر مرتين قبل أن تخبره “أنت فنان رائع”، فإذا كان يستطيع نيل الثناء والمديح على ذلك المستوى المتواضع من الفن، ما الذي يدعوه للطموح لمستوى أعلى وتطوير موهبته؟، لكن يمكنك تشجيعه عن طريق الثناء على العمل نفسه، تحدث عن دقة خطوطه، تناسق ألوانه، وضوح فكرته، إلخ، حينها يستطيع فهم مواطن القوة التي يمتلكها ويعتمد عليها في تطوير مهارته، ويستطيع رؤية مواطن قصوره فيصلحها

وحين يحكي لك كيفية تصرفه في موقف ما، بدلًا من أن تظهر إعجابك بقول “أنت ذكي جدًا”، يمكنك تجربة “أرى أن هذا كان تفكيرًا ذكيًا منك أن تفعل كذا”، فيتعلم أن هناك تفكيرًا عاديًا وهناك تفكيرًا ذكيًا، فيشحذ عقله للوصول لمستوى أعلى من الذكاء، بدلًا من أن يُسلم أنه ذكي بالفعل، وأن أي تصرف يصدر عنه هو نتاج ذكائه الذي يشهد له به الجميع.


3. كل شيء في أوانه أحلى

في فصل الصيف كنت أتعجب من طعم البرتقال اللاذع، وتخبرني أمي أن السبب في ذلك أنه زُرع في غير أوانه.

البرتقالة تبدو شهية بالفعل وتكاد لا تفرقها عن مثيلاتها من برتقال الشتاء، لكنها فشلت في الاختبار الحقيقي لطعم البرتقال الشهي.

لا يختلف الأمر كثيرًا مع الطفل، فحين تتعجل الزرع والحصاد في غير أوانه قد تحصل على نتيجة مشابهة!

كل مرحلة عمرية من حياة الطفل لها متطلبات خاصة تدعم نموه وتطوره، فالطفل الصغير مثلًا يحتاج للانطلاق واللعب بحرية لدعم تطوره الجسدي، والأكبر سنًا يحتاج لتحديات ذهنية تدعم نموه العقلي، والأكبر يحتاج لخبرات اجتماعية تدعم نموه النفسي، إلخ، وحين تقحم متطلبات مرحلة متقدمة في مرحلة ابتدائية فإنك كمن يطعم اليرقة رحيق الأزهار بدلًا من أوراق الشجر بدعوى إعدادها لما ستواجهه حين تتحول لفراشة!

يتجلى هذا في إجبار الآباء لأطفالهم على أداء مهام مدرسية معقدة، أو تحمل مسؤوليات كبيرة، مقابل إهمال متطلبات فعلية لمرحلتهم العمرية الصغيرة، بدعوى أن ذلك يفيدهم مستقبلًا، وفي الواقع لا هم يعيشون حياة لائقة بعمرهم، ولا هم قد تسلحوا كما يليق بمستقبلهم.


4. هل القطار أسرع، أم النخلة أطول؟ الإجابة: البحر أوسع!

عشر بصمات مختلفة في يد الإنسان لا يمتلك أحد غيره مثلها في العالم كله تشهد باختلاف شخصيته وقدراته التي حباه الله بها وميزه بها عن أي انسان في العالم حتى عن أخيه التوأم، وليس من الحكمة في شيء أن تعاير قردًا أنه لا يستطيع السباحة كالسمكة، ولا أن تعاير فيلًا أنه لا يستطيع كالقرد التأرجح على الأشجار.

إن المقارنة بين الأطفال لا تولد تنافسًا محمودًا كما يعتقد البعض، بل تؤلب النفوس. أخبر طفلك “لماذا لا تكن رياضيًا مثل فلان” وستوغر صدره في التو على صديقه ذاك الذي لطالما أحبه وتمنى له الخير، وأخبري طفلتك “ليتك تكونين اجتماعية مثل فلانة” وستختبر طفلتك للتو المعنى الحقيقي للحقد، المقارنة تجعلك وطفلك تركزان على المفقود، بدلًا من الامتنان للموجود، وتجعلك تتجرع مرارة الحسرة، بدلًا من أن تتلذذ بجمال الاختلاف، لو كان الكون أفضل بتشابه كل الفاكهة والخضروات في الشكل والطعم لكان خُلق كذلك، لكن الاختلاف هو رحمة من الله بنا، نتفكر فيه ونشكره عليه، وجمال كل طفل في اختلافه وتميزه.


5. عقِّب ولا تعاقب، وليتحمل العواقب

حين تعاقب طفلك على خطأ ما، وتشعر بعدها أنك قد شفيت غليلك منه فاعلم أنك إنما عاقبته لتنتقم ولم تعاقبه لتربيه.

أخطاء الطفل هي فرص للتعلم، ونحن نتطلع إلى أن يفكر الطفل مستقبلًا في كيفية تجنب الخطأ، وليس في كيفية تجنب العقاب، لذلك فطريقة تعاملنا مع أخطاء الطفل يُعول عليها الكثير في رحلتنا التربوية معه.

الطفل الذي توبخه أمه وتعنفه لأنه لم ينهي وجبة غدائه، قد يتخلص منها في القمامة في المرة القادمة ليتجنب العقاب، وبذلك تفاقمت المشكلة. في حين أنه يمكنها التعقيب على ذلك الأمر بأن وجبة العشاء تتأخر وأنها تخشى أن يجوع حتى ذلك الحين، وتتركه ليتحمل الجوع نتيجة اختياره إذا اختار ألا يتناول وجبته، وفي المرة المقبلة سيكون قد تعلم درسه. يتطلب الأمر شيئًا من الحزم والكثير من الحكمة والصبر، ولا داع إطلاقًا للنيل من كرامة الطفل وخصوصيته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق