التدرّج في العقاب

العقاب البدني وصفات العقوبة الناجحة

مِن الحكمة ألاَّ نُوقع عِقاب الضرب؛ إلاَّ بعد استنفاذ الوسائل الأخرى في تعديل السُّلوك، فالأفضل هو التدرُّج في أسلوب العِلاج؛ حتى يكون الضرب آخرَ عِلاج؛ يقول سبحانه: ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾ [النساء: 34]، فذكرَ الله سبحانه أنَّ المرأة إذا خاف منها زوجُها المعصيةَ، فإنَّه يعاقبها بالأسهل فالأسهل، فيبدأ بالوَعظ، ثمَّ الهَجر في المضجع، وآخرُ شيء هو الضرب

فإذا تحقَّق التعديل والإصلاح في مَرحلة، فلا يجوز اللجوء إلى المرحلة التي تَليها؛ لأنَّ الغرض تحقَّق.

فيسلك المربِّي الترغيبَ قبل الترهيب، والموعظةَ قبل التأنيب، والتوبيخَ والتأنيب قبل الضرب، ولا يلجأ إلى الضرب إلاَّ بعد تحقُّق تِلك المراتب.

والضرب يكون ضربَ تربية، لا ضَربَ تشفًّ وانتقام، ولا تضرب وأنتَ مُغضَب، واحذر المواطن التي يتأذَّى منها جِسمه، وأَشْعِره وأنت تضرِبه أنَّك لا تزال تحبُّه.

وهنا نُقطة مهمَّة ينبغي التنبيه عليها: أن تقلِّل ما استطعتَ من استعمال الضرب، ولأَنْ يهابك ويقدِّرك ويحبك ابنُك خيرٌ من أن يَخافك ويكرهك.

وعلاوةً على ما سبق من ضوابط العقاب:

1- ألا نُوقِع العقابَ إلاَّ في حالة الخطأ المتكرِّر.

2- أن يكون العقاب على قَدر الخطأ.

3- النُّصح والتوجيه قبل العقاب.

4- ألاَّ يُؤجل العِقاب؛ حتى لا يفقد معناه وفائدته، فتقول مثلاً: أعاقبك غدًا أو بعد غد.

5- التغاضي عن الهفوات الصغيرة.

6- أن يكون العقاب بعيدًا عن إخوته والنَّاس؛ لأنَّ فيه إهانة له.

7- التقليل من العقوبات البدَنيَّة قدر المستطاع.

8- أن يتبادل الأبُ مع الأم أدوارَ العقاب؛ حتى لا يتولَّد لدى الولد شعورٌ بعدم الارتياح لأحد الوالدين.

وأذكر شابًّا لم يُكمل العشرين من عمره، كان يصبُّ القهوةَ للرجال في مجلسهم، فأخطأ وأعطى الفنجان باليد اليسرى، فما كان من أبيه إلاَّ أن شتمَه وضربَه أمامَ الناس، فتأثَّر الولدُ من ذلك كثيرًا حتى وصل قرابة الأربعين سنة وهو يَهاب الدخولَ في المجالس، والجلوس مع الناس، وقد كان بإمكان والده مُعالَجة هذا الخطأ بسهولةٍ ويُسر، دون اللجوء إلى التعنيف والضرب أمام الناس.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق