من له رغبة فى أن يعرف الشيوعيين المصريين لينصفهم؟ (1)

من له رغبة فى أن يعرف الشيوعيين المصريين لينصفهم؟ (1)

عليه ألاّ يطيل الإغراق حولهم ,كحزب له كيانه الفكرى والسياسى والتنظيمى والجماهيرى . إنّه يظلمهم حين يفعل ذلك ,فالحدث الأساسى فى تاريخهم كان قيام حزبهم الواحد فى 8 يناير 1958 بعد تاريخ حافل من التشرذم والانقسام ,وتبادل الاتهامات بالانتهازية والأدعاءات بالثورية …هذا الحدث لم يحالفه التوفيق . فما كاد الحزب الواحد يقوم,حتى طالبهم عبد الناصر بحلّه, والتقدّم فرادى للقبول كأعضاء بالآتحاد القومى . رفض الشيوعيون المصريون التنازل عن وجودهم المستقلّ, فساقهم إلى السجون وحرمهم من المنبع الهادر الذى يمدّ بالنماء وتصحيح المسار والأخطاء : الواقع والنّاس ! وبماسهّل وشجّع أيضا انقساما هدّد وشطر بالفعل الحزب الوليد .

2\
ثم يأتى الإفراج عن الشيوعيين المصريين بعد سنوات متواصلة من السجن والاعتقال والتعذيب والاضطهاد , ليختلط التنظير الداخلى والعالمى بالتعايش السلمى والطريق اللارأسمالى لتجد القواعد والكوادر نفسها على قارعة الطريق , يحسدهم على أمين ومصطفى أمين صاحبا أخبار اليوم على ظلّ الشجر . وتحسّر أحد الأخوين لأخيه : لو لم يؤمّم عبد الناصر الصحافة ,لو بقيت أخبار اليوم فى حوزتنا , لأنزلتها تحمل الصفحة الأولى بمانشيت بطول الصفحة وعرضها : ألف شيوعى فى شوارع القاهرة !وليس هناك من يملك القدرة على الدلالة وهذا الإيحاء لما يمكن أن يتفجّر به التحويل فى حياة مصر والشرق الأوسط بأسره فى العام 1964.كان مصطفى أمين وعلى أمين أقرب إلى نفسيّة أعضاء الحزب وكوادره من اللجنة المركزيّة .عندما أفرج عنهم فى إبريل 1964 كانو كالجنود اليابانيين , تاهوا فى أدغال صراعات كثيرة ,ولما أصبحوا فى شوارع المدينة وأوشكوا أن يشهروا أسلحتهم,علموا أن الحرب وضعت أوزارها. شغلت القيادة الشيوعية شواهد من من أقوال عبد النصر وميثاقه وتأميماته رأوا معها إمكانيّة التقارب,وتجلّت فى أن عبد الناصر ظاهرةغير مقطوعة الصلة باليسار المصرى وصدرت قرارات حل الأحزاب الشيوعية .وبصرف النظرعن حالة الحزب اسماوشكلا وموضوعا , وقفت القيادة الشيوعيّة المصريّة على قمّة التنكر للديموقراطية,وخانت الشعارات الدعائيّةحول حرّيّة المصريين فى تكوين أحزابهم .وكشف القادة الذين جهّزوا وأعدّوا وثائق الحلّ عن ريائهم ونفاقهم فى مجمل التطلّعات والأمانى حول التنظيم الطليعى لعبد الناصر.وجاءعرض خبراتهم ومواهبهم التاريخية فى بناء التنظيمات وتوحيدها وتقسيمهاوحلّها تحريضا على الحاجة إليهم مجرّد أضحوكة .. تجلّت فى انتقاء عبدالناصر لحفنة من الرموز, ثمنا بخسا لتسريح جيش المناضلين الذى فشلت فى تصفيته : أجهزة السلطة والاضطهاد الاجتماعى والسياسي والسجون والمعتقلات وألوان التعذيب . بالأمس القريب كانت الورقة يوقّعها العضو بعدم الاشتغال بالسياسة , خيانة تدار حول مرتكبها الخطب الرنّانة وتؤلّف قصائد الشعر : ينشد الشاعر الفلسطينى معين بسيسوا:
اركع للورقة
إغرس قلمك
فى عينى طفلك..واكتب ما أمرك
أن تكتب من ذبحك
بالقلم على عتبة بيتك
كوّم أيّامك , قدّامك أوراقا واسأل
لاتخجل جلاّدك عن عود ثقاب
أين ستمضى ؟ والريح تطيّر
خطواتك أسطر ورقة
…….بالأمس كانت الورقة يوقّعها العضو خيانة واليوم صار حلّ الحزب وتسريح أعضائه سياسة !…………… “يتبع “

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق